يتبادر إلى دهن المغاربة خاصة الجيل الشبابي الذي لم يعايش جيل المسيرة الخضراء أن إحدى القرارات المصيرية في حياة الملك الراحل الحسن الثاني مهندس المسيرة الخضراء في حال فشلها هو التنحي . نعم التنحي عن العرش وهذا ما ذكره الراحل الحسن الثاني في الكتاب الشهير ذاكرة ملك . يقول الحسن الثاني: “عندما عدت إلى الرباط قادما من أكادير صعدت إلى شرفة القصر لأتأمل اخضرار ملعب الغولف، ونظرت إلى البحر نظرة مغايرة وأنا أخاطب نفسي “لقد كان من الممكن أن لا تعود إلى الرباط إلا للم حقائبك استعدادا للمنفى"، فلو فشلت المسيرة لكنت استقلت، إنه قرار أمعنت التفكير فيه طويلا بحيث كان يستحيل علي أن أترك على الساحة ضحايا لم يكن لهم سلاح سوى كتاب الله في يد والراية المغربية في اليد الأخرى. إن العالم كان سيصف عملي بالمغامرة… وكما نقول عندنا في اللهجة المغربية "ما كان بقي لي وجه أقابل به الناس". هذا الشعور نفسه ، أكده الفقيه بين بين ، مؤنس الملك الراحل الحسن الثاني ، الذي قال ، كما جاء في كتاب " نزاع الصحراء " لمؤلفه الفرنسي موريس باربيي "إن الملك كانت تخالجه فكرة التنحي عن الحكم لو فشلت المسيرة الخضراء في بلوغ أهدافها المنشودة، أي استرجاع الأقاليم الصحراوية". فكرة التنحي عن العرش التي جثمت بثقلها على ذهن الملك الراحل الحسن الثاني، كان من شأنها أن تشكل أزمة دستورية وسياسية، لكن الملك كان قد وضع كل الاحتمالات من أجل ذلك.. وجوابا عن الكيفية التي كان من الممكن أن يتصرف الملك في ضوئها سياسيا ودستوريا، قال " كنت سأشكل مجلسا للوصاية في انتظار أن يبلغ نجلي سن الرشد، وكنت سأذهب للعيش في فرنسا أو في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وبالضبط في نيوجيرزي، حيث أتوفر على ملكية هناك”. وعندما سأله الصحفي هل كان الملك الراحل الحسن الثاني على أهبة الرحيل عن المغرب في حالة فشل المسيرة الخضراء؟، “أجل… وفي هذه الحال كان غيابي سيكون جسديا فقط، لأن المرارة لن تفارقني لاسيما وأنني ذقت طعم المنفى”، يجيب الحسن الثاني.