ستتميز الدورة ال34 لكأس إفريقيا للأمم في كرة القدم، التي ستقام نهائياتها من 13 يناير الجاري إلى 11 فبراير المقبل، بكوت ديفوار، بمنافسة محتدمة بين منتخبات مرشحة فوق العادة للظفر باللقب النفيس، وأخرى لخلق المفاجأة. وإذا كانت البلدان الرائدة على صعيد "القارة السمراء" قد ضمنت جميعها حضورها في هذا المحفل الكبير لكرة القدم القارية، فمن البديهي أن تحظى كأس إفريقيا للأمم بنصيبها من المفاجآت، في ظل وجود منتخبات يمكنها قلب الموازين وكسر التراتبية قاريا. ومع ذلك، لا يمكن لأحد أن يجادل في تموضع منتخب "أسود الأطلس" كمرشح مطلق، على الأقل على الورق، من أجل انتزاع الكأس الإفريقية الثانية، بعد تلك التي تم الظفر بها سنة 1976. وسيدخل رجال وليد الركراكي، الذين أنهوا الموسم في المركز 13 عالميا، والأول إفريقيا، وخاضوا كأس عالم ستبقى خالدة في الأذهان بقطر سنة 2022، غمار الدورة ال34 لكأس إفريقيا للأمم بروح معنوية عالية. وفضلا عن ذلك، فإن اللائحة المكونة من 27 لاعبا تم اختيارهم للمنافسة في هذه الدورة، هي مزيج حقيقي بين لاعبين من ذوي الخبرة ،الذين بلغوا مرحلة النضج الكروي، على غرار حارس المرمى ياسين بونو والعميد غانم سايس والظهير الأيمن أشرف حكيمي، ولاعبين شباب يكتشفون المنافسة الإفريقية لأول مرة في مسيرتهم، مثل شادي رياض وبلال الخنوس أو أسامة العزوزي وغيرهم. وقال الناقد الرياضي أيمن زيزي "إذا كان المرشحون في أوروبا غالبا ما يتم التعرف عليهم مسبقا، فإن الوضع في إفريقيا أكثر تعقيدا"، مشيرا إلى أن "إفريقيا لها خصوصياتها". وأضاف، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن "منتخبات شمال إفريقيا، مثل المنتخب المغربي ومنتخب الجزائر، تتكون من لاعبين يمارسون في أوروبا، ومن هنا تأتي الصعوبة التي تواجهها كرة القدم المغاربية في فرض ذاتها في إفريقيا". وأوضح "إذا أخذنا في الاعتبار المعايير الموضوعية لاختيار البلدان المرشحة، فيمكننا أن نعتمد، من بين أمور أخرى، على تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم، وأيضا على أداء المنتخبات الإفريقية على الساحة الدولية". وتوقع، في هذا الصدد، أن "يكون المنتخب المغربي، المنتشي بحصوله على المركز الرابع في مونديال قطر، المرشح الأوفر حظا في هذه الدورة". وبحسب زيزي، فإن المنتخب المغربي لديه فرصة جيدة للفوز بالكأس، بالنظر إلى تصنيفه العالمي، والقيمة السوقية للاعبيه والخبرة التي راكمتها العديد من عناصره، مثل غانم سايس وياسين بونو أو أشرف حكيمي، الذين خاضوا كأسين للعالم وثلاثة كؤوس إفريقية. وتابع أن تجربة كل منتخب في البطولات القارية والدولية تعد، كذلك، عاملا أساسيا في هذا النوع من التوقعات، مشيرا إلى أن مصر بألقابها القارية السبعة ستكون لها حظوظ وافرة للفوز بهذه الكأس. وسيسعى المنتخب المصري، الأكثر تتويجا بالكأس القارية (1957، 1959، 1986، 1998، 2006، 2008 و2010)، والذي بلغ المباراة النهائية للدورة الأخيرة (2022)، إلى استعادة مجده السابق حتى لو قدم أداء غير مستقر ألقى بظلال من الشك على قدرة الفراعنة على نيل الكأس. ومع ذلك، فإن زملاء محمد صلاح يمتلكون "جينات" الفوز بالكؤوس ويعرفون كيفية الظفر بهذا النوع من المسابقات، مما سيجعل مصر منافسا جديا على التتويج. واعتبر أيمن زيزي أن "المرشح الأوفر حظا في المنافسة هو الذي يستفيد من استقرار تقني ويمتلك فلسفة لعب خاصة به"، لافتا إلى أن السنغال مع مدربها أليو سيسي، الذي يتولى منصبه منذ 2015، وبلاعبين خاضوا ما لا يقل عن 70 مباراة دولية، لديها فرصة كبيرة للحفاظ على اللقب. ويتبارى "الأسود" في المجموعة الثالثة التي تضم، أيضا، جارتيها غامبيا وغينيا ،بالإضافة إلى الكاميرون. وسيسعى زملاء ساديو ماني إلى الدفاع عن لقبهم، بعد عامين من صنعهم التاريخ بفوزهم باللقب الأول في الكاميرون. لكن يتعين عليهم قبل ذلك التوقيع على إنجاز لم تحققه إلا مصر من قبل. من جهته، لا يبدو أن منتخب البلد المضيف كوت ديفوار، الذي سيكون مؤازرا بجمهور لن يقبل بأي نتيجة سوى التتويج باللقب، مستعد لتفويت هذه الفرصة لإضافة لقب ثالث إلى سجله بعد الفوز بلقبي 1992 و2015. ويتعين على "الفيلة"، الذين تأهلوا للمباراة النهائية مرتين (2006 و2012)، ويوجدون في المجموعة الأولى التي تضم منتخبات نيجيريا وغينيا الاستوائية وغينيا بيساو، بلوغ الدور الثاني، ما لم تحدث أي مفاجأة. من جهتها، ستكون "النسور الممتازة" لنيجيريا الفائزة بالكأس ثلاث مرات (1980، 1994 و2013) في دائرة الضوء مع نجمها فيكتور أوسيمين ،الذي يمارس في صفوف فريق نابولي والمتوج مؤخرا بجائزة أفضل لاعب إفريقي لسنة 2023. كما سيكون النيجيريون مسلحين بإرادة من فولاذ لتجديد العهد مع الكأس بعد مرور عشر سنوات عن آخر لقب لهم. وأضاف الناقد الرياضي "لسوء الحظ، لا تستطيع غالبية المنتخبات الإفريقية تنفيذ هجمات منظمة ومتمركزة بشكل جيد"، موضحا أن "المنتخبات التي ستتمكن من إيجاد حلول على مستوى الهجوم ستكون لديها فرصة الفوز بالمباريات بسهولة، وتأمل بالتالي في الظفر باللقب". وقال، في السياق ذاته، إن "الاستعداد الجيد للمسابقة وتدبير الإصابات وقراءة خطة لعب الخصم ستكون، هي الأخرى، حاسمة في الفوز". وفي انتظار ما ستسفر عنه الدورة ال34 لكأس إفريقيا للأمم، فإنها تعد بمنافسة قوية ومحتدمة، خاصة وأنه لم تعد هناك منتخبات صغيرة في إفريقيا، حيث يراود حلم الظفر باللقب النفيس كافة البلدان المشاركة فيها.