الجولة الملكية الحالية إلى منطقة الخليج الملتهبة، في محطتيها الإماراتية والقطرية، ليست سوى بداية لفترة تتسم بأجندة دبلوماسية مكثفة للملك محمد السادس. أبرز التحركات الدبلوماسية المرتقبة، ما أعلن في أندونيسيا، أول أمس، من زيارة وصفتها الصحف الإندونيسية بالتاريخية، سيقوم بها الملك محمد السادس إلى هذا البلد الذي يعتبر أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان. وزير الخارجية والتعاون ناصر بوريطة، استقبل يوم الجمعة الماضي نائب وزير الشؤون الخارجية الإندونيسي عبدالرحمان محماد فشير. وقصاصة وكالة المغرب العربي للأنباء اكتفت حينها بالقول إن المسؤول الإندونيسي جاء حاملا رسالة من الرئيس الإندونيسي السيد جوكو ويدودو إلى الملك محمد السادس، فيما تناقلت الصحف الإندونيسية في اليومين الماضيين، بلاغا نسبته إلى وزارة خارجية بلادها، يقول إن جاكارتا تلقت تأكيدا للمشاركة الشخصية للملك، في منتدى "بالي" العاشر حول الديمقراطية، والذي سينعقد يوم 7 دجنبر المقبل. الخبر حظي باحتفاء كبير من طرف صحف إندونيسية واسعة الانتشار، حيث عنونت صحيفة "جاكارتا بوسط"، قائلة إن ملك المغرب يقوم بزيارة تاريخية إلى "بالي". زيارة قالت صحف أخرى إنها الأولى من هذا المستوى، لملك مغربي إلى إندونيسيا، موضحة أن هذه الأخيرة كانت إحدى أولى الدول التي قام رؤساؤها بزيارات رسمية إلى المغرب بعد استقلاله، حيث قام الرئيس الإندونيسي سوكارنو بزيارة رسمية إلى المملكة في ماي 1960. نائب وزير الخارجية الذي كان يوم الجمعة الماضي في ضيافة بوريطة، قال للصحافة الإندونيسية إنه تحضيرات رسمية تجري لاستقبال الملك، وإن علاقات البلدين مقبلة على تطور كبير واتفاقيات ثنائية متعددة. المنتدى الذي دعت إندونيسيا الملك محمد السادس للمشاركة فيه وإلقاء كلمة رسمية، تأسس عام 2008، ويخصّص لموضوع تعزيز الديمقراطية، وهو الموضوع الذي قال الوزير الإندونيسي إن الدول الإسلامية مطالبة بالانكباب عليه. الأسابيع القليلة المقبلة، ستعرف مواعيد إقليمية ودولية شديدة الأهمية، يرجّح أن يشارك فيها الملك شخصيا. أول وأبرز هذه المواعيد، قمة الاتحادين الأوروبي والإفريقي التي ستحتضنها أبيدجان الإيفوارية، حيث يخوض المغرب معركة قوية لاستبعاد البوليساريو التي تريد المشاركة في القمة بصفتها عضوا في الاتحاد الإفريقي. قمة قالت مصادر موثوقة إن زيارات ملكية إلى دول إفريقية أخرى قد تسبقها، في إطار تتبّع نتائج الزيارات السابقة وتوثيق العلاقات الجديدة للمملكة. القمة التي ستنعقد نهاية شهر نونبر الحالي، سبقتها الزيارة الأولى من نوعها للرئيس الجديد لمفوضية الاتحاد الإفريقي، محمد موسى فقي إلى المغرب، والذي استقبله الملك يوم الجمعة الماضي. قمة إفريقية أخرى حاسمة بالنسبة إلى المغرب، تعقدها دول المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا شهر دجنبر المقبل بالطوغو، حيث يرتقب أن يتم الفصل في الطلب المغربي بالانضمام إلى هذه المنظمة الإقليمية. فالنجاحات والاختراقات الكبيرة التي حققها المغرب في القارة الإفريقية خلال السنة الماضية، تبقى مهددة بفعل عدم الحسم في الطلب المغربي بالانضمام إلى منظمة "صيدياو". الانضمام المغربي إلى الاتحاد الإفريقي الذي يعقد قمته المقبلة شهر يناير المقبل، يرتبط بشكل كبير في تفعيله وجني ثماره، بحصول المغرب على عضوية "صيدياو"، لاستحالة مباشرة المغرب لأنشطته داخل الاتحاد الإفريقي، ضمن منطقة الشمال، والتي تضم جبهة البوليساريو. موعد دبلوماسي مهم آخر يجري التحضير له بشكل مكثف، يتمثل في الزيارة الرسمية الأولى للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب، بعد الطابع الشخصي الذي اتخذته زيارته السابقة شهر يونيو الماضي. اتصالات مكثفة تجري بين الرباط وباريس، بهدف عقد اجتماع اللجنة العليا المشتركة بين رئيسي الحكومتين خلال نونبر الجاري، على أن تتم زيارة الرئيس الفرنسي في مستهل العام 2018. الوزير الفرنسي لأوروبا والشؤون الخارجية، جون إيف لودريان، قام مؤخرا بزيارة هي الأولى له منذ توليه هذا المنصب إلى المغرب، انصّبت، أساسا، على تحضير زيارة الدولة التي يرتقب أن يقوم بها ماكرون إلى المغرب.