قال مصطفى السحيمي، محلل سياسي، إن إعادة انتخاب بنكيران سيكون بمثابة استفتاء حول شخصه. كيف تقرأ قرار لجنة القوانين والمساطر داخل العدالة والتنمية؟ قرار لجنة القوانين والمساطر في حزب العدالة والتنمية النهائي الصادر يوم الأحد 15 أكتوبر، بعد انتهاء أشغالها، والذي قضى بتعديل المادة 16 من النظام الأساسي للحزب، يعد مهما جدا، ويمكن قراءته على ضوء الجدل داخل هذا الحزب الإسلامي، وأيضا على ضوء التشكيلة الحكومية والسياسية الحالية. بالنسبة إلى حزب العدالة والتنمية، يعكس القرار بتعديل المادة 16، علاقات القوة بين أنصار بنكيران وغيرهم. نحن نعرف أن عددا من قيادات الحزب، بينهم وزراء وأعضاء في الأمانة العامة، كانوا ضد إدخال تعديلات على المادة 16 التي تحدد المدة الانتدابية للأمين العام للحزب في ولايتين، ولهؤلاء حجج يقدمونها لا تخلو من أهمية، منها ضرورة احترام قوانين الحزب، وأساسا النظام الأساسي وعدم تعديلها أخذا بعين الاعتبار أحوال وتطلعات الأشخاص، والحفاظ على السير السليم والطبيعي للمؤسسات داخل الحزب. وهذه الحجج تبدو مقبولة في ظاهرها، لكن يجب الإشارة إلى أنها حجج تمليها تأويلات وأفكار سياسية معينة. نحن إزاء مجموعة كاملة، تتشكل من وزراء، وهذه المجموعة رفضت منذ البداية أي تغيير يطال المادة 16. وقد عبّر بعضهم عن هذا التوجه بصوت عال، كما فعل لحسن الداودي وعزيز الرباح بصفة خاصة، وكذلك مصطفى الرميد ومحمد يتيم، لكن بدرجة أقل. ولا حاجة إلى القول بأن سعد الدين العثمانى كان قد عبّر عن التوجه نفسه. لماذا هؤلاء بالضبط؟ ولماذا يرفضون المس بالمادة 16؟ لأن الحفاظ على الصياغة الحالية للمادة 16 في النظام الأساسي للحزب، معناه استبعاد بنكيران من التنافس على ولاية ثالثة على رأس الحزب بشكل قانوني، وهو ما يفتح الطريق سالكا أمام العثماني، الذي يسعفه في ذلك مساره الشخصي كرئيس للحكومة منذ 5 أبريل الماضي، وبحكم أنه كان أمينا عاما للحزب سابقا (2004-2008)، ورئيسا للمجلس الوطني للحزب منذ 2008 حتى الآن. فضلا عن أنه في نظر مؤيديه المرشح المؤهل لقيادة الحزب خلال المؤتمر المرتقب بعد شهرين من الآن. ويضيف هؤلاء حجة أخرى تقول إن انتخاب العثماني أمينا عاما للحزب من شأنه أن يعزز ويقوي مكانته كرئيس للحكومة، سواء في علاقته بحلفائه في الأغلبية الحكومية، أو في علاقته بالفريق البرلماني لحزبه الذي يشعر العثماني أنه لا يقدم له الدعم والمساندة الكافيتين. ما دلالات إعادة انتخاب بنكيران لولاية ثالثة؟ نتيجة التصويت على قرار تعديل المادة 16 من النظام الأساسي للحزب أبانت أن 10 أعضاء اللجنة ممن حضر، ربما بينهم وزراء، يؤكد أننا بالفعل إزاء انقسام حول هذا التوجه داخل الحزب، لكن النتيجة نفسها تؤكد أن المؤيدين للتعديل كانوا أغلبية، بل أزيد من الثلثين (22 مقابل 10)، وربما هذه الدينامية تتقوى وتتغذى من قرار لجنة القوانين والمساطر في أفق المؤتمر الوطني المقبل. في حال سارت الأمور على هذا النحو، فإن التصويت لصالح بنكيران في المؤتمر سيكون أقرب إلى استفتاء حول شخصه un vote plébiscitaire، سواء كرئيس سابق للحكومة خلال الفترة ما بين 3 يناير 2012 و16 أكتوبر 2016، أو رئيسا للحكومة المعين بين 10 أكتوبر 2016 و15 مارس 2017، وأيضا تشبثا ببنكيران كزعيم شرعي من أجل الاستثمار فيه أكثر على رأس الحزب. ومن دون شك، لا يبدو أن تمكين بنكيران من ولاية ثالثة على رأس الحزب بمثابة صفقة جيدة بالنسبة إلى أحزاب الأغلبية الحكومية، خاصة أنهم يعرفون كيف تم تشكيل هذه الأغلبية، بعد "بلوكاج" مخدوم استمر لمدة 6 أشهر من أكتوبر إلى مارس الماضي. كما أن الأغلبية الحالية تشعر أن إعادة الاستثمار في بنكيران على رأس قيادة حزب العدالة والتنمية، من شأنه أن يحيي أطروحة "المساندة النقدية" لدى برلمانيي هذا الحزب تجاه حكومة العثماني، وربما يتجه الحزب أكثر فأكثر نحو اتخاذ مسافة من خط العثماني، المدافع عن الشراكة -وحتى عن التبعية- مع عزيز أخنوش وحلفائه في الحركة الشعبية والاتحاد الدستوري والاتحاد الاشتراكي. في كل الأحوال، استمرار بنكيران على رأس حزب العدالة والتنمية لولاية ثالثة، معناه شحنة أقوى في شرعيته، قد يستعيد معها حريته وقدرته على المناورة، وعلى الكلام الصعب، في أفق 20121.