في تطور جديد للجدل الدائر داخل حزب العدالة والتنمية منذ إعفاء أمينه العام عبد الإله بنكيران من رئاسة الحكومة في منتصف مارس الماضي، وتعيين رئيس المجلس الوطني للحزب سعد الدين العثماني بدلا منه، وجه العثماني لأول مرة انتقادات مباشرة لحكومة سلفه بنكيران. العثماني، الذي كان يتحدث، مساء أمس الأربعاء، في معتكف ينظمه فريق المصباح بالمعمورة استعدادا للدورة البرلمانية المقبلة، هاجم لأول مرة حكومة سلفه عبد الإله بنكيران، وتحدث بغضب غير معهود مع برلمانيي الحزب. وبحسب مصادر، حضرت اللقاء فإن العثماني غضب من تدخلات البرلمانيين، الذين انتقدوا حكومته، وحملوه شخصيا مسؤولية المساهمة في تراجع الحياة السياسية بسبب التنازلات التي قدمها أثناء تشكيل الحكومة، وهو ما انعكس سلبا على نتائج الحزب في الانتخابات الجزئية الأخيرة التي خرج فيها خاوي الوفاض، كما حملوه مسؤولية تراجع متابعة المواطنين للجلسة الشهرية لرئيس الحكومة التي فقدت بريقها بعد إعفاء بنكيران. من جهته، رد العثماني بغضب ولغة غير مهودة، وصلت حد الضرب على المنصة، وقال إنه "يحاول تدارك بعض الأخطاء الكارثية للحكومة السابقة"، مشيرا إلى أن المشاكل التي يتخبط فيها المغرب اليوم ليست جديدة، وإنما ورثها عن الحكومة السابقة، داعيا نواب المصباح إلى توفير الدعم السياسي له، بدل اللوم والانتقاد. وبخصوص اتهامه بتقديم تنازلات أثناء تشكيل الحكومة، قال العثماني "إنه لم يقدم أي تنازل بمعزل عن الحزب، وأن التنازلات التي قدمها لا يمكن مقارنتها بما قدم في عهد بنكيران حينما اضطر إلى ضم التجمع الوطني للأحرار بعد خروج الاستقلال، وكذلك بعد انتخابات 4 شتنبر، حيث تنازل المصباح عن جهات بأكملها لحلفائه، رغم احتلاله للمرتبة الأولى، كما هو الشأن بالنسبة لجهة سوس ماسة". إلى ذلك، دعا العثماني برلمانيي المصباح، وعموم أعضائه، إلى تجاوز "الهزيمة النفسية"، وعدم مهاجمة قادة الحزب، مستدلا على ذلك بما يتعرض له مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، وقال "إن الرميد بتاريخه الحقوقي والسياسي الكبير يتعرض للهجوم من قبل أعضاء لازالوا تلاميذ". من جهته، لم يتردد إدريس الأزمي الإدريسي، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب في الدفاع عن فريقه، وقال "إن فريق العدالة والتنمية هو الوحيد الذي يقف مع الحكومة ويوفر لها الدعم اللازم داخل البرلمان"، مضيفا أنه لولا الحضور المكثف لأعضائه في اللجان والجلسات العامة لما استطاعت الحكومة تمرير عدد من القوانين، رغم تحفظ الفريق عليها. وأضاف مخاطبا العثماني"أنا مستعد أن أوافيك بالإحصائيات الرسمية، حتى تعرف من يقدم الدعم للحكومة". ويعيش حزب العدالة والتنمية على إيقاع نقاش واسع قبيل انعقاد مؤتمره الوطني، بين ما يوصف بتيار الاستوزار الرافض لعودة بنكيران لقيادة المصباح، وبين شريحة واسعة من مناضلي الحزب الذين يطالبون بتعديل المادة 16 من النظام الأساسي للمصباح، وفتح الباب أمام إعادة انتخاب للمرة الثالثة.