يجسد العربي المحرشي طبيعة ونوعية الأعيان التي جمعها حزب الأصالة والمعاصرة منذ تأسيسه، فهو خيّاط بسيط ينحدر من جبالة وزان، ترعرع منذ كان عمره 9 سنوات في حي القرية الفقير والمهمش بمدينة سلا، وبمستوى دراسي لا يتعدى الابتدائي، يصبح بين عشية وضحاها عضوا في المكتب السياسي لثاني أكبر حزب سياسي في المملكة، ومستشار برلماني، ورئيس مجلس إقليمي، ورئيس مؤسسة منتخبي "البام". قبل 2003 لم يكن العربي المحرشي يعرفه أحد، سوى الخياطين المحترفين في "ضريب الغرزة"، كما ذكّره بذلك الاستقلالي والبرلماني فوزي بنعلال من فوق قبة مجلس المستشارين في نونبر 2012، لكن ابن وزان، أحد الأقاليم الأربعة التي تزدهر فيها زراعة الكيف، سطع نجمه سريعا فيما بعد. في سنة 2003 سيبدأ الرجل مسارا جديدا، لن يكون سالما تماما من الشبهات، وأبرزها تلك التي تفجّرت أخيرا في وجهه، تتعلق باحتمال "تزوير شهادة مدرسية"، لكنه ينفي أن تكون له بها صلة تُذكر، ويتهم المحرشي "مجهولين" بدسّها في ملف ترشيحه، دون علمه، بغرض توريطه. التحق المحرشي بحزب الأصالة والمعاصرة بعد تأسيسه، ومنه أصبح مستشارا برلمانيا، وبالنظر إلى ثرائه المالي، أصبح له نفوذ في إقليموزان استطاع تمكين الحزب من رئاسة عدد من الجماعات، خاصة القروية منها، بل أصبح بسبب ذلك أحد رجال إلياس، الذين يعتمد عليهم في ضبط وتوجيه المنتخبين. يُعرف المحرشي، ربما، بسبب مستواه الدراسي، بفلتات لسانه، يوم 16 ماي 2015، قبيل موعد الانتخابات الجماعية بأشهر، ترأس تجمعا جماهيريا لساكنة "لمجاعرة"، هاجم فيه الدرك الملكي ورجال السلطة، وحرض سكان الإقليم ضمنيا على زراعة الكيف، بقوله: "لقد وصلتني أخبار مؤكدة وتيقنت منها.. الدرك الملكي والسلطة المحلية يظلمان الناس في هذه المنطقة، مابغيناش الدرك يقتحم البيوت، مابغيناش رجل السلطة يقبض من هنا ويلعن من هناك، لدي فيديوهات لتدخلات الدرك في المنطقة، وهم لم يأتوا لمحاربة الكيف. الدولة كلها تعرف أن الكيف موجود في المنطقة. الدرك جاو باش يخدو الفلوس، واش ألجادرمية حلال عليكم تقبضوا الفلوس، وحرام على الناس يزرعوا الكيف ويصبحوا كلهم مبحوث عليهم؟ لدي معطيات وتسجيلات عن كيف أخذ رجال السلطة الرشوة، وكيف أخذ الدرك الرشوة، وكيف أخذ المقدمون والشيوخ الرشوة". تصريحات المحرشي جرّت عليه غضبا واسعا، ودفعت فريق حزب العدالة والتنمية، إلى القول إن المحرشي "يقايض الدولة باستقرار المنطقة"، وأنه "تحدث بنبرة يطبعها الابتزاز والاستقواء بسلطة نجهل مصدرها". أما المرة الثانية التي أثار فيها المحرشي ردود فعل، لكنها ساخرة، فهي يوم هدد في تجمع خطابي آخر بالسفر "عاريا" من اللباس من وزان إلى الرباط، بحجة الضغط على الحكومة من أجل بناء وتجهيز مستشفى إقليميبوزان. اليوم، يبدو أن المحرشي يمر بلحظات صعبة، لأنه فقد السند الممثل في إلياس العماري، فمباشرة بعد إعلان استقالة هذا الأخير، تم تسريب وثائق ومعطيات تفضح ممارسات يدينها القانون، منها في ما يخص المحرشي قضية "الشهادة المدرسية المزورة"، وهي قضية قد يكون لها ما بعدها، وربما تؤشر على لحظة فارقة في مسار رفاق إلياس.