يواجه محمد جلول، أحد أبرز معتقلي حراك الريف بسجن عكاشة بالدار البيضاء، تهمة ثقيلة في القانون الجنائي المغربي، بسبب مكالمة هاتفية. وتوضح أوراق ملف متابعة جلول، كما اطلع عليها مصدر قضائي، أن الرجل، الذي لم يقض خارج السجن سوى حوالي شهر، قبل أن يزج به وراء القضبان مرة ثانية، يتابع بتهم المس بالسلامة الداخلية للبلاد، بسبب مكالمة هاتفية واحدة أجراها مع ناشط في الحراك في الخارج، طلب منه تولي قيادة حراك الريف بعد مطاردة الزفزافي يوم 26 ماي الفائت. وقد أوقف جلول سريعا من لدن الشرطة سويعات بعد إجرائه تلك المكالمة تفاديا لانتقال القيادة من يد إلى يد. الشرطة كانت تتصنت على هاتف جلول الذي أخلي سبيله من سجن تيلفت مطلع شهر أبريل من عام 2016، والتقطت مكالمة واحدة أجريت مع شخص يقيم في أوروبا، اعتبرتها دليلا كافيا على أن للرجل نوايا لزعامة حراك الريف، ولتنفيذ مخطط لفصل الريف عن باقي التراب المغربي. المكالمة جرت بين جلول وبين شخص يدعى بلال عزوز، يوم 26 ماي الفائت، على الساعة الخامسة من مساء ذلك اليوم، أي بعد ساعات من تطويق الشرطة لمنزل الزفزافي، ثم هروبه نحو وجهة مجهولة. عزوز طلب من جلول في هذه المكالمة بحسب الشرطة، أن «يتسلم قيادة حراك الريف»، معززا رأيه بموقف شخص آخر يدعى عبد الصادق بوجيبار تراه السلطات المغربية شخصا انفصاليا. وبالنسبة للشرطة، فإن حث جلول على تسلم دفة قيادة الاحتجاجات يظهر «موقعا بارزا له في التسلسل الهرمي» داخل قيادة الحراك. ووفقا لمضمون المكالمة هذه، فإن بلال عزوز عرض على جلول أن يتولى القيادة «مادام ناصر (الزفزافي) محاصرا»، ثم طلب منه أن «يدعو الناس إلى الخروج للتظاهر»، وأردف: «لقد فكرت فيك أولا». واكتفى جلول حينها بالجواب قائلا: «تحياتي». وبوجيبار هذا مشهور بأشرطة فيديو بثها على «فايسبوك» و»يوتوب»، تظهره وهو يقوم بتمزيق بطاقة التعريف الوطنية، ثم جواز سفره المغربي، وتخليه عن الجنسية المغربية. وهو عضو في حركة 18 شتنبر التي شكلها سعيد شعو كهيئة تدافع عن استقلال الريف. أما بلال عزوز، فقد كان ضمن الوفد المستقبل لجلول يوم خروجه من سجن تيفلت، ويعتبره جلول مجرد ناشط في الحراك. جلول رفض أن يتولى مهمة قيادة الحراك بحسب ما قال للشرطة، لأنه «لا يتلقى تعليمات من أي شخص أو أي جهة كيفما كانت». وفي محضر ثان خصص للاستماع إلى جلول، للتدقيق أكثر بشأن مهمة قيادة الحراك، شككت الشرطة في نوايا جلول، حيث رأت أن مضمون المكالمة الهاتفية يرد «على كافة المبررات الواهية التي تبقى محاولة للتخلص من المسؤولية». سؤال الشرطة استند إلى ما سمته «مسايرة» جلول لمحدثه على الهاتف، ما يجعله على اطلاع على مخططات لجنة بروكسيل التي يقودها بوجيبار. ونبهته إلى أنه كان عليه أن يعترض على دعوته له لقيادة الحراك. وخلصت الشرطة إلى أن المكالمة هذه لوحدها «تؤكد أن جلول يحمل فكرا انفصاليا، ومتورط في تنفيذ مخططات حركة 18 شتنبر». بيد أن جلول أجاب بأن المكالمة كانت مع صديق، و»إذا كان انفصاليا، فأنا لست مع توجهاته». جلول لم يلتق يوما ببوجيبار، ولم يتعرف عليه بأي طريقة كما قال، كما لا يعرف حتى أن الشخصين معا ينتميان لحركة 18 شتنبر. ويشار إلى أن محاضر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التي أنجزت بخصوص تهمة الانفصال، قدمت تفسيرا مغايرا لمفهوم الحكم الذاتي بحسب ما قاله مصدر أمني، فقد اعتبرت الترويج للحكم الذاتي دعوة إلى الانفصال أيضا. وعرضت في هذا السياق على جلول مضامين مكالمة مسجلة جمعت بينه وبين البشير بنشعيب (أحد معتقلي أحداث بني بوعياش في 2012 ومحكوم ب12 عام من السجن)، يؤكد فيها جلول على حق الناس الذين يطالبون بالحكم الذاتي، فقد سأله المحققون عما إن كان يدعو إلى تنبي فكرة الحكم الذاتي، وعندما أجاب ب»نعم»، قالوا له: «إن تبنيك لفكرة الحكم الذاتي في منطقة الريف يعتبر شكلا من أشكال الانفصال، وبالتالي فهي دعوة صريحة منك لفكرة الانفصال».