وجد قادة حراك الريف المعتقلين في الدارالبيضاء، أنفسهم في مواجهة تهمة الانفصال بالاستناد إلى علاقات يزعم أنها جمعت بينهم وبين قائمة قصيرة تتضمن سبعة أشخاص يقيمون بالخارج، وغالبيتهم لم تطأ أقدامهم الريف طيلة عمر الحراك. لكن هناك اسم واحد يبرز في قرار الإحالة الذي أنجزه قاضي التحقيق المكلف بقضية حراك الريف، تحول إلى «عنصر إدانة» بالنسبة للمحققين لتجريم النشطاء القياديين في الحراك. هذا الرجل هو فريد أولاد لحسن، مهاجر مغربي مقيم في هولندة، قُدم كشخص ذو نزعة انفصالية، لكنه كان يتحرك بحرية منذ سنوات في منطقة الريف دون أن يعترضه أحد. وحتى فترة قصيرة للغاية قبيل أحداث 26 ماي الفائت، التي بسببها شنت السلطات حملة توقيفات ضد نشطاء الريف، كان أولاد لحسن ما زال موجودا في الريف، وغادر البلاد ببساطة دون أن يتعرض لأي ملاحقة. فريد أولاد لحسن تعتبره السلطات، بحسب قرار الإحالة، الممول الرئيسي لحراك الريف، سواء بالأموال أو بالعتاد اللوجستيكي للمظاهرات البارزة في الحسيمة، وتعتقد بأنه كشخص انفصالي، مارس تأثيرا كبيرا على توجهات الحراك ومطالب الناشطين. والسلطات تعرف هذا الشخص على نحو جيد ومنذ زمن بعيد، فاسمه تردد بالكيفية نفسها في محاضر النشطاء الذين اعتقلوا وحوكموا عقب أحداث مدينة بني بوعياش عام 2012، وكان من بينهم محمد جلول. وقد طرح اسم فريد أولاد لحسن مرة أخرى على جلول في القضية الجديدة، حيث سئل عما إن «كان على معرفة» به، ولم ينكر ذلك، بل أجاب قائلا: «إنني أعرفه جيدا، لأنه يقطن في الحي الذي ترعرعت به في بني بوعياش، فقد جمعتنا علاقة الصداقة منذ الصغر، كما أننا درسنا معا خلال سنوات الدراسة الابتدائية، وبعدها سافر إلى هولندة ورغم ذلك لم تنقطع الاتصالات بيننا، وقد استقبلني يوم خروجي من سجن تيفلت. سيطرح اسم فريد أولاد لحسن على نبيل أحمجيق بدوره، ويذكر محضر الشرطة أن أولاد لحسن بعث بقبعات وأعلام خاصة بجمهورية الريف، لكن أحمجيق قال إنه لا يعرف أولاد لحسن معرفة شخصية، ولم يخض أية مناقشات معه أو مع غيره حول خلفياتهم السياسية والإيديولوجية. ناصر الزفزافي نفسه، طرح عليه اسم فريد أولاد لحسن، في سياق الاستقبال الذي حظي به محمد جلول بعد خروجه من السجن، لكن الزفزافي أجاب بأنه لا يعرف الانتماء السياسي أو الإيديولوجي لأولاد لحسن، لكن محضر الشرطة الذي طعن فيه الزفزافي لاحقا لدى قاضي التحقيق، أورد أن قائد الحراك ربط علاقات مع فريد أولاد لحسن والتقاه شهر أبريل، بل وذكر أن هذا الشخص كان سيساعده على الهرب من المغرب بعد ملاحقته من لدن الشرطة عقب أحداث 26 ماي. محمد الأصريحي، الصحافي المتابع في هذه القضية، وجد نفسه معنيا أكثر من أي شخص آخر بهذه العلاقات مع فريد أولاد لحسن، بحيث أن أولاد لحسن هذا، بحسب قرار الإحالة، هو من «يمول موقع «الريف24»، الذي يديره الأصريحي، وهو ما ظل ينفيه الصحافي باستمرار، فيما يستند صك الاتهام إلى تصريح أشرف اليخلوفي للشرطة بأن فريد أولاد لحسن هو من يمول «موقع الريف24». الأصريحي قال إن المصدر الوحيد لتمويل موقعه هو الإشهارات. وفي محضر الشرطة نقرأ أن الأصريحي أقر بأن فريد أولاد لحسن أهداه جهاز حاسوب محمول من نوع HP وكاميرا للتصوير من نوع Canon في عام 2012، وقد استعملها في تغطية الحراك عام 2016. لكن هذه الهدية التي ذكر محضر الشرطة أنه تلقاها من فريد أولاد لحسن، هي، بحسب تصريحات الأصريحي نفسه لدى قاضي التحقيق، عبارة عن جائزة تلقاها في حفل لتخليد الذكرى الخمسين لوفاة محمد بن عبد الكريم الخطابي في مدينة أوتريخت بهولندة. وليس هذا فحسب، بل إن قرار الإحالة يتهم فريد أولاد لحسن استنادا إلى تصريحات منسوبة إلى الأصريحي نفسه، باستئجار سيارتين لفائدة ناصر الزفزافي ورفاقه للسفر إلى مدينة تيفلت حيث سيستقبل محمد جلول. بل وإن فريد أولاد لحسن هذا هو من اشترى الأثواب التي استعملت كأكفان في مسيرة بالحسيمة. لكن الأصريحي قال إن أولاد لحسن «ليس انفصاليا». بل كان ينعت بأنه عميل للسلطات المغربية بسب مواقفه من حركة 18 شتنبر. يذكر أن محاضر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التي أنجزت بخصوص تهمة الانفصال، قدمت تفسيرا مغايرا لمفهوم الحكم الذاتي واعتبرت الترويج له دعوة إلى الانفصال أيضا. فقد عرضت على جلول مضامين مكالمة مسجلة جمعت بينه وبين البشير بنشعيب (أحد معتقلي أحداث بني بوعياش في 2012 ومحكوم ب12 سنة من السجن) يؤكد فيها جلول على حق الناس الذين يطالبون بالحكم الذاتي، فقد سأله المحققون عما إن كان يدعو إلى تبني فكرة الحكم الذاتي، وعندما أجاب ب»نعم»، قالوا له: «إن تبنيك لفكرة الحكم الذاتي في منطقة الريف يعتبر شكلا من أشكال الانفصال، وبالتالي فهي دعوة صريحة منك لفكرة الانفصال».