لم تكد تمضي سوى تسعة أشهر على التحقيق الذي بثته القناة الفرنسية "تي إف 1″، خلال شهر رمضان المنصرم، بعنوان: "ألف فتاة وفتاة" حول موضوع الدعارة في مراكش، حتى ظهر تحقيق تلفزيوني صادم جديد حول "دعارة القاصرين" بالمدينة نفسها، بثته هذه المرّة قناة "إيطاليا أونو"، ليلة الأربعاء الخميس، أنجزه الصحفي الإيطالي المثير للجدل، "لويجي بيلاتسا"، والذي سبق للسلطات المغربية أن قامت بترحيله إلى ألمانيا ومن هناك باتجاه موطنه، بتاريخ 28 شتنبر من السنة المنصرمة، بعد أن داهم الأمن شقة بمراكش كان يصور فيها شهادات مع قاصرين لعرضها ضمن تحقيقه المثير، في إطار برنامجه "لي ييني" (الضباع). ورغم أن المصالح الأمنية بمراكش صادرت معدات الفريق التلفزيوني، الذي أخضعته لتحقيق أمني حول إنجاز مادة تلفزيونية لمؤسسة صحافية أجنبية بدون ترخيص، قبل أن تعود وترافقهم إلى الشقة لجمع حقائبهم، ثم مباشرة من هناك باتجاه مطار "المنارة"، فإن فريق "الضباع" احتفظ بفيديوهات مصورة بكاميرات خفية، لم تتمكن الشرطة المغربية من حجزها، بل إنه تمكن من تسجيل حوار مُعد البرنامج مع رجال الأمن الذين داهموا الشقة التي كان يقيم فيها بمراكش، وما إن أقلعت الطائرة التي ترحله مغادرة الأجواء المغربية، حتى أشهد بيلاتسا متابعي صفحته الفايسبوكية على "نصره الكبير"، كاشفا لهم في تدوينة عاجلة بأنه ورغم الطرد استطاع أن يرحّل معه ما وثّقه حول "دعارة القاصرين بمراكش"، وهي الفيديوهات والتسجيلات التي عرضها ضمن الحلقة الأخيرة من برنامجه، بعد مرور سبعة أشهر على طرده من المدينة الحمراء، وصدور قرار لوزارة الداخلية بمنعه من دخول المغرب لمدة خمس سنوات. "عاصمة إفريقيا للسياحة الجنسية" يستهل لويجي بيلاتسا تحقيقه بمقدمة اتهم فيها المغرب بكونه يوجد ضمن قائمة أهم الدول في العالم التي تشهد السياحة الجنسية، خاصة مع الأطفال والقاصرين. أولى المشاهد الخارجية للتحقيق كانت في ساحة جامع الفنا، حيث يتقمص بيلاستا ورفيقه، الحامل لكاميرا خفية، دور سائحين أجنبيين مهووسين بممارسة الجنس على الأطفال، وسرعان ما انتقل تبادله الحديث مع مخضبة حناء (نقاشة) كانت تنقش وشما على كتفه، من تعارف أولي، استرجعت فيه كل ما تعلمته من كلمات في الساحة لتتحدث بلغة زبونها، إلى حديث حول الجنس، قبل أن تكشف المرأة الأربعينية عن إمكانياتها في إسداء خدمات ذات طبيعة جنسية، عارضة على زبونيها التوسط لهما في استدراج قاصرين، يقل عمرهم عن عشر سنوات، من أجل ممارسة الجنس عليهم، إذ كانت الطفلة "أمينة"، التي يبلغ عمرها بالكاد 8 سنوات، أولى "العينات" المعروضة على البيدوفيل المزعوم. وإذا كانت عملية القِوادة مقنعة بتخضيب وشم على الكتف بالحناء في ساحة جامع الفنا، فإنها ستصبح أكثر وضوحا في ساحة "بلازا" في قلب حي "كَليز"، حيث التقى بيلاتسا هناك قوادا محترفا، هذه المرة، تحدث معه "السائح الإيطالي" بلغة فرنسية ركيكة، طالبا منه التوسط له في لقاء حميمي مع "عاملات جنس" صغيرات السن، ليرد القواد على الفور بأن الطلب سهل المنال، موضحا بأن "السلعة" متوفرة ومن الجنسين، وأن السن يتراوح بين 13 و14 سنة، لينتقلا إلى مناقشة التفاصيل، حيث استفسره القواد حول إن كان يستأجر شقة بالمدينة ليقضي فيها وطره برفقة صديقه من فرائسهما الصغيرة، فيرد عليه الزبون بأنهما يقيمان بفندق، ليعقب الوسيط بأن العملية ستكون غير آمنة في الفندق بسبب الإجراءات الأمنية، قبل أن يعقدا اتفاقا على أن يكتري السائح الأجنبي شقة في اليوم الموالي، يستدرج إليها القواد فتيات وفتيان من أجل ممارسة الدعارة. لم ينتظر بيلاتسا طويلا، فقد تمكن، في غضون ساعات قليلة، من العثور على الشقة التي كان يفترض أن يقيم فيها ليال حمراء مع قاصرات وقاصرين مغاربة، إذ يعرض التحقيق مشهدا داخليا للسائح وهو يفاوض صاحب الشقة حول سعر الكراء الذي بلغ 1500 درهم لليلة الواحدة، قبل أن يخبره بأنه ورفيقه سيلتقيان في الشقة مع فتاتين مغربيتين، وإذا كان المكري تحفّظ على دخولهما من الباب الرئيس للعمارة لدواع أمنية، فإنه أبدى موافقته على دخولهما من باب خلفي مفتوح على مركن داخلي للسيارات. الصيد الطري مشهد خاطف للسائح المزعوم مع القواد، قبل أن يليه مشهد خارجي تضمن حوارا مثيرا جمع بيلاتسا مع فتاة مغربية لم تتم بعد 17 سنة، تعترف بأنها فقدت منذ مدة بكارتها، و تمارس الدعارة مع سياح أوربيين خليجيين، مضيفة بأنها تتقاضى حتى حدود 2000 درهم مقابل ممارسة الجنس مع هؤلاء السياح الأجانب، الذين تلتقيهم أمام مطعم "ماكدولاند" بكَليز، وغير بعيد عنها في ساحة "بلازا" التي قالت إن نحو خمسين من صديقاتها يتخذنها فضاءً للقاء زبائنهن، موضحة بأنها لازالت تلميذة وتنحدر من أسرة فقيرة، وتضطر إلى ممارسة البغاء من أجل تغطية مصاريف دراستها، لافتة إلى أن عائلتها لا تعلم بنشاطها ولا بفقدانها لبكارتها، وأنها تدعي أمام والدها بأن هاتفها وكل الملابس التي ترتديها تعود لصديقاتها وليست في ملكيتها، مسرة له بأنها تحلم بالهجرة إلى أمريكا. وتكشف الفتاة المغربية للسائح عن رسائل هاتفية من أحد زبائنها الأوربيين السابقين، الذي قالت إن عمره يبلغ 70 سنة، وبخصوص استعمالها لوسائل تقيها من الأمراض الجنسية، أوضحت للسائح الإيطالي بأن قرار استعمال العازل الطبي من عدمه تتخذه بالنظر إلى الزبون، مستطردة بأن هناك زبائن تبدو عليهم مظاهر النظافة لا تفرض عليهم استعمال الواقي الذكري. وتستمر المشاهد الخارجية التحقيق الصادم، حيث يظهر في إحداها بيلاتسا في ساحة "بلازا" مع قواد آخر محترف يعرض "كاتالوغ" صور لعاهرات مغربيات، لا يتجاوز عمرهن 16 سنة، على الزبون الأجنبي، وعند إصرار هذا الأخير على طلب زبونات أقل سنا، ودون ال 14 من العمر، رد القواد بأنهن أكثر تكلفة، موضحا بأن سعر ممارسة الجنس عليهن لا يقل عن 500 أورو (أكثر من 5000 درهم)، ظهر السائح يتحدث إلى إحداهن في مشهد خارجي، قبل أن ينتهي التحقيق ببث تسجيل صوتي للحوار الذي دار بين بيلاتسا مع رجال أمن مغاربة عند مداهمة الشقة التي كان يقيم فيها بمراكش.