قال محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الانسان، إن هناك مطالبات كبرى في اتجاه تكريس السلطة القضائية قبل أن يضيف «لابد أن أعترف لكم بأننا في لحظة تأخر تاريخية، واليوم لنا فرصة الاستدراك والتدارك». أكد الصبار الذي كان يتحدث، أول أمس، بمدينة الحسيمة في ندوة نظمها المكتب الجهوي لنادي القضاة، هناك إجماع على أن جهاز العدالة يعاني من أعطاب، وأن تشخيص هذه الأعطاب فيها تفاوتات، «لكن التشخيص الدقيق هو الذي يوفر لنا إمكانية إيجاد وصفة شاملة لإصلاح الجهاز»، يقول الصبار. وكشف نفس المتحدث، أن هناك إرادة سياسية عليا ودستور جديد لأول مرة في تاريخ المغرب يعترف بالقضاء كسلطة، وهي الوثيقة التي تتضمن أيضا مجموعة من الفصول المتعلقة بحماية الحقوق والحريات، تأكدنا اليوم أن أعطاب العدالة شكلت عرقلة أمام تحويل القضاء إلى آلية حمائية حقيقية للحقوق والحريات، وتأكد بأن هذه الأعطاب عاقت بهذا القدر أو ذلك هذه الحماية». ودعا الصبار لتجاوز هذه العراقيل إلى مراجعة المنظومة التشريعية ببلادنا، سواء المتصلة باستقلال القضاء، أو بإنتاج الأحكام القضائية، معتبرا المعركة اليوم هي «معركة بالنص الدستوري، ووضع قوانين تتلاءم مع النص الدستوري، وتستحضر المنظومة الدولية لحقوق الانسان». من جانبه، كشف ياسين مخلي، رئيس نادي قضاة المغرب، عن وجود صعوبات تعترض تنزيل الوثيقة الدستورية، وهي صعوبات «جسدت رغبة السلطة التنفيذية في التحكم واستغلال القضاة»، يقول مخلي في كلمة بعثها إلى المشاركين في الندوة، ودعا نفس المتحدث إلى فتح نقاش مجتمعي حقيقي «يعكس العمق التشاركي لاعتباره أحد أهم مقومات البناء الدستوري». مخلي أشار إلى أن الآليات التي اعتمدتها وزارة العدل خلال الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة، تعكس بجلاء أن الوزارة «لم تعتمد الآليات التشاركية، الشيء الذي أثر على جودة الندوات الجهوية والخلاصات المنبثقة عنها، وبعد إعداد الوزارة لمشروعي النصين التنظيميين المتعلقين بالسلطة القضائية سجل النادي العديد من التراجعات الخطيرة». التراجعات الخطيرة التي قال عنها مخلي بأن المشاريع المؤطرة للسلطة القضائية جاءت بها مشاريع الإصلاح، أكدتها رشيدة أحفوض، رئيسة الجمعية المغربية للقضاة، التي قالت بأن مشروع الإصلاح يحمل العديد من التراجعات الخطيرة، على المكتسبات التي كان يتمتع بها القضاة، غير أن المتحدثة نفسها أقرت بإيجابية خطة الاصلاح التي تضمنت مجموعة من المقتضيات التي تتيح للقضاة الانخراط المباشر في صياغة النص، وبالتالي تمكينهم من آلية تشاركية، تحفظ حقوقهم المهنية، وتضمن استقلاليتهم عن السلطة التنفيذية، انطلاقا من تنزيل الدستور، خاصة فصله 107 الذي يعتبر الملك هو ضامن استقلال القضاء.