البحث عن الجناة في قضية مقتل النائب البرلماني عبد اللطيف ميرداس الذي لقي مصرعه بداية شهر مارس، يأخذ منعطفا جديدا بعدما لم تثمر المجهودات المبذولة لحد الآن لتحديد مواصفات مطلق الرصاص عن أي نتائج عملية. وبحسب مصدر مطلع، فإن التحقيقات تركز في الوقت الحالي على "المحرض" الذي قد يكون استعمل قاتلا أو قتلة مأجورين لتنفيذ التصفية الجسدية، بدل إضاعة الوقت في البحث عن سيارة مجهولة يبدو أنها اختفت بشكل نهائي أو فككت في ورشة ما. وبحسب آخر ما تسرب من التحقيق الجاري، فإن الشرطة تعيد الاستماع إلى دائرة المقربين من ميرداس، سواء من عائلته أو محيطه المهني أو المرتبطين معه في شبكة أعمال معينة. وعلمت "أخبار اليوم" أن زوجة الضحية خضعت لجلسة استماع جديدة، لكن لم يتسرب شيء من مضامينها، لكن مصدرا قريبا من عائلة ميرداس ذكر أن "الشرطة سعت إلى تكوين صورة أوضح عن مكان وجود كل الأشخاص القريبين من الضحية في اللحظات الأخيرة من حياته"، بهدف تحديد ما إن كان لدى أحد ما صلة بخطة معينة لاستدراج ميرداس إلى المكان المحدد لتنفيذ التصفية الجسدية. وكانت الزوجة في ذلك الوقت في بيت عائلتها، بينما كان أطفالها في بيت زوجها بحي كاليفورنيا. وتعتقد الشرطة بحسب مصادر "أخبار اليوم" أن ميرداس غالبا ما استدرج في تلك الساعة من الليل إلى بيته، وقد يكون الجناة استغلوا غياب الزوجة عن المنزل، وهذه فرضية مطروحة في التحقيق. بينما قال مصدر قريب من عائلة ميرداس إن الضحية قاد سيارته إلى منزله لكن لم يبد بأنه كان بصدد ركن سيارته في مرآبه الداخلي، بل توقف لفترة معينة وبقي جالسا في سيارته، وهي الفرصة التي منحت للجاني أو الجناة التحرك والقيام بمناورة عرقلة تقدم سيارته ثم تصفيته. "لو كانت قيادة ميرداس طبيعية لركن سيارته داخل منزله، ولكان من الصعب على الجناة إطلاق النار عليه من داخل السيارة التي كانوا داخلها، وكان سيتعين عليهم الهبوط من السيارة وتنفيذ الجريمة، لكن يبدو أن الخطة كانت هي دفع ميرداس إلى عدم توجيه مقدمة سيارته نحو باب مرآب منزله حتى تنفذ الجريمة دون أن يتطلب الأمر نزول المنفذين من سيارتهم". لكن المصدر نفسه يستدرك بالقول إن هذه هي إحدى الفرضيات، و"قد يكون الأمر كله مجرد مصادفة". ويضيف: "ربما كان ميرداس يتخذ بعض الاحتياطات الضرورية لسلامته، ولم يكن يرغب في توجيه مقدمة سيارته نحو باب المرآب كي لا يتعرض لأي محاصرة في حال وقوع هجوم عليه، ومن نفذ العملية ربما راقب سلوكه هذا". ولم تظهر المكالمات الهاتفية التي أجراها ميرداس منذ مغادرته لمقهى كان موجودا فيها بمعية بعض رفاقه أي خيط ناظم لطريقة تنفيذ الجريمة. وحتى آخر شخص رأى ميرداس حيا لم تثر من حوله أي شكوك. عادل با معروف، هو اسم هذا الشخص، وقد كان مسؤولا في نادي الرجاء الرياضي بالدارالبيضاء لكرة القدم. "نعم، لقد كنت معه في المقهى، والقدر حولني إلى آخر شخص يراه حيا، ووضعني بسبب ذلك ضمن دائرة الأشخاص الذين أخذت الشرطة إفادتهم بخصوص الجريمة"، كما يقول ل"أخبار اليوم"، ثم يردف: "لقد كان صديقي. رجل رائع كما عرفته منذ أن كنا معا في نادي الرجاء البيضاوي كمسؤولين، وقد استمرت علاقتنا منذ ذلك الحين". ويروي الشاهد الأخير على اللحظات الختامية لحياة ميرداس أن "الرجل لم يكن يبد عليه أي كرب، وكان يظهر لي عاديا مثل باقي الأيام التي ألتقيه فيها، ومن دون شك، كنت سأشعر بوجود مشكلة إن لاحظت اضطرابا ما، أو إذا أخبرني هو بوجود مشكلة، لكنه لم يفعل، وأنا لم ألاحظ شيئا، وقد غادر المقهى في تلك الساعة كما يفعل في بعض المرات، لأن الرجل لم يكن لديه وقت محدد على الدوام للمغادرة إلى بيته، وقد أخبرت الشرطة بكل هذه التفاصيل". با معروف، وهو شخصية معروفة في عالم الرياضة بالدارالبيضاء، ليست لديه أي أعمال مشتركة بميرداس كما يقول: "كنا رفاقا في هذه الحياة، وكنت أحد أصدقائه ضمن دائرة أكبر من الأصدقاء المشتركين، وليس بيني وبينه أي عمل مشترك أو مصلحة معينة.. لدي عملي ولديه أشغاله". ولا يصدق با معروف أن يكون ميرداس قد تعرض لاستدراج من شخص محدد من محيطه، وذكر أن الضحية "كان يتلقى الاتصالات على هاتفه في تلك الليلة بشكل طبيعي كما يفعل دائما، ولم يبد متشنجا في الحديث مع أحد، وفي آخر المطاف، نهض كي يذهب إلى بيته وودعنا، فكان ذلك هو الفراق الأخير". ولا يتذكر با معروف أي شيء عن وجود تهديد ضد ميرداس ويشدد على أن "الرجل لم يكن يتخذ احتياطيات كبيرة في حركته في الدارالبيضاء، وكان يقود وحيدا في بعض المرات، وفي أحيان أخرى كان يصطحب أحد أولاده الصغار، وفي اعتقادي، فإن من يفعل ذلك لا يكون معرضا لأي تهديد حقيقي".