لأول مرة تختار الباطرونا عقد مجلسها الإداري خارج الدارالبيضاء، حيث انتقلت امس الاثنين إلى العيون، للانخراط في تنزيل النموذج التنموي الجديد للاقاليم الصحراوية الذي اعتمده المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئ من اجل تحسين مناخ الأعمال في المنطقة . لم تنتظر الباطرونا كثيرا لالتقاط الرسائل التي حملها النموذج التنموي الجديد للأقاليم الصحراوية، والذي أعده المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إذ بادرت رئيستها مريم بنصالح، في سابقة تاريخية، إلى عقد مجلس إدارة الاتحاد العام لمقاولات المغرب خارج مدينة الدارالبيضاء، وبالضبط بمدينة العيون، في إشارة ضمنية إلى تحفيز الفاعلين الاقتصاديين على الانخراط في مشاريع استثمارية بهدف دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية بهذه المنطقة. رسالة التقطتها عدة مجموعات استثمارية، وعلى رأسها مجموعة «الضحى»، التي أعلن مالكها أنس الصفريوي، خلال هذا الاجتماع الذي عقد، أول أمس الاثنين، عن تخصيص غلاف مالي كبير للاستثمار في قطاع الإنعاش العقاري بالأقاليم الصحراوية، وعن قرب البدء في أشغال إنجاز العديد من المشاريع السكنية خاصة بمدينة العيون. كما أعلن أحمد رحو، الرئيس المدير العام للقرض العقاري والسياحي، عن قرب افتتاح وكالة بنكية جديدة تابعة للبنك بهذه الأقاليم، زيادة على «البنك الشعبي»، الذي يستعد هو الآخر لفتح مقر جديد بمدينة العيون والقرض الفلاحي، وأكد، أول أمس الاثنين، أيضا عن افتتاح وكالتين جديدتين بالأقاليم الجنوبية، زيادة على مركز للأعمال بهدف مرافقة المشاريع الفلاحية، وتلك المتعلقة بالصناعات الغذائية بالمنطقة. ويرتقب أن يستفيد التوجه الجديد للرأسمال الوطني، تسجل مريم بنصالح، «من الرؤية الجديدة التي منحها النموذج الجديد للتنمية في الأقاليم الجنوبية، والتي يسعى إلى إرساء مناخ ملائم للأعمال بهدف دعم النمو الاقتصادي بهذه المنطقة، وتنويع مصادر هذا النمو، لنصل إلى خلق مناصب جديدة للشغل، وضمان ديمومة الموارد الطبيعية للمنطقة». وفي هذا الصدد، أكد نزار بركة، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي خلال هذا اللقاء، «على ضرورة التوصل إلى مناخ أعمال مشجع بالمنطقة، يرتكز على تحفيز النمو الاقتصادي، وتحديد القطاعات التنافسية بالأقاليم الثلاثة لجهة الصحراء، وجعل هذه الجهة بوابة للاستثمارات المغربية نحو إفريقيا جنوب الصحراء». ولبلوغ تفعيل هذا الطموح، دعا نزار بركة إلى ضرورة تنويع الفاعلين الاقتصاديين بالمنطقة، وعدم الارتكاز على الدولة لوحدها، التي تساهم حاليا بحوالي 30 في المائة من الناتج الداخلي الخام لمناطق الجنوب، في محاولة لتحسين المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية بالمنطقة، خاصة على مستوى البطالة التي تصل إلى 17 في المائة على مستوى الجهة، و29 في المائة في أوساط الشباب وأزيد من 35 في المائة لدى النساء، زيادة على ضعف التمويلات البنكية التي لا تتجاوز 1.3 في المائة من مجموع القروض البنكية على المستوى الوطني. تنويع الفاعلين يفرض بالضرورة يضيف بركة، «تحديد العديد من الصعوبات والعوائق التي تحول دون استقطاب هذه المنطقة لاستثمارات القطاع الخاص، وعلى رأسها المساطر الإدارية المعقدة، والنظام الجبائي غير الواضح، والبعد من المركز، وضعف الموارد البشرية المتخصصة والمؤهلة، ونذرة العقار المجهز القابل للاستغلال، فضلا عن ضعف التمويلات»، ولذلك، لا بد يضيف رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، «من بلورة ميثاق استثماري خاص بهذه الجهة، وتمكينها من إطار جبائي محفز على مدى العشرين سنة المقبلة لتمكين الفاعلين الاقتصاديين من رؤية واضحة على المدى البعيد، ووضع صندوق خاص لدعم المقاولات الصغرى والمتوسطة «، ولذلك، يسعى النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، يؤكد بركة إلى «القطع مع النموذج الاقتصادي الحالي الذي يرتكز على الإدارة والريع، والانتقال نحو نموذج اقتصادي يرتكز على المنافسة واقتصاد السوق، بهدف الوصول خلال السنوات العشر المقبلة إلى مضاعفة الناتج الداخلي الخام لهذه المناطق، وجلب استثمارات بقيمة 70 مليار درهم عبر رفع استثمارات الدولة من 5 ملايير درهم حاليا إلى 7 ملايير سنويا في المستقبل، واستقطاب المبلغ ذاته من القطاع الخاص بغية خفض معدلات البطالة بنسبة 50 في المائة في أفق سنة 2024». ولبلوغ هذا الطموح، نص النموذج التنموي الجديد، الذي يتطلب 140 مليار درهم لتنفيذ مرحلته الأولى، على ضرورة تقوية موارد المنطقة لتحسين مناخ الأعمال بها، عبر توسيع قاعدة الفاعلين الاقتصاديين، وتقوية مجال الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، زيادة على تنويع القطاعات المنتجة، وتطوير الموارد الطبيعية واستغلالها من قبيل الفلاحة والصيد، والمعادن، وتطوير البحث العلمي، وتقوية الشراكة بين القطاع العام والخاص، مع ضمان استمرارية التمويل. وفي هذا الإطار، شدد محمد الكتاني، الرئيس المدير العام لمجموعة التجاري وفا بنك وعضو مجلس إدارة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، «على ضرورة استغلال الإمكانيات التمويلية للمنطقة، إذ تحتضن حتى حدود سنة 2013، ما يزيد على 80 وكالة بنكية، وتتوفر على سيولة كبيرة تعكسها قيمة الودائع البنكية التي تصل إلى 8.3 مليار درهم، واستفادتها من تمويلات بنكية بقيمة 4.5 مليار درهم، وهو ما يسمح بضمان نسبة هامة من تغطية القروض بالودائع، على عكس ما هو مسجل على الصعيد الوطني والتي تتجاوز فيها قيمة القروض مستوى الودائع لتستقر في حدود 105 في المائة». ولضمان استفادة مقاولات الجهة من التمويلات، يمكن الاستفادة، يشير بركة، «من صناديق الضمان الموجودة حاليا، عبر رفع مستوى الضمانات التي توفرها، حيث بإمكان آلية من قبيل صندوق الدعم الاقتصادي، أن تشكل فرصة حقيقية لتوسيع التمويلات الموجهة للقطاعات الإنتاجية، خاصة المقاولات الصغرى والمتوسطة». يؤكد أحمد رحو، رئيس «السياش» وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أنه زيادة على «الاستفادة من الطلبيات العمومية، والتي بإمكانها أن تسمح بخلق نظام اقتصادي حول المقاولات الكبرى لخلق نسيج اقتصادي واجتماعي من المقاولات الصغرى والمتوسطة والتعاونيات والجمعيات والتعاضديات». من جانبه، أكد حرمة الله، رئيس فرع الاتحاد العام لمقاولات المغرب بالعيون، «أن الجهة لم تحظ بالدعم الكافي، لذلك بعد اجتماع مجلس إدارة الاتحاد بمدينة العيون هو إشارة قوية للمساهمة في تنمية هذه الأقاليم، التي يجب أن تستفيد من فترة انتقالية لتهييئها للدخول في إطار المنافسة الوطنية»، ولهذا الغرض لا بد، يضيف حرمة الله، من «تجاوز مجموعة من المعيقات التي تحول دون تنمية الاستثمارات بهذه الجهة؛ وعلى رأسها ضعف البنى التحتية المستقبلة للاستثمارات، من قبيل إنشاء مناطق صناعية وأخرى للأنشطة الاقتصادية، وضعف اليد العاملة المتخصصة».
المقاولون الصحراويون يطالبون باستمرار استفادتهم من الإعفاء الضريبي لم يستسغ المقاولون الصحراويون، توجه الحكومة الذي أفضى إلى إخضاع المقاولات بالأقاليم الجنوبية للضريبة على القيمة المضافة، إذ صب عدد منهم جام غضبه، أول أمس الاثنين، على نزار بركة، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بوصفه المسؤول عن هذا القرار حين كان وزيرا للاقتصاد والمالية. وفي هذا السياق، دعا مجموعة من أصحاب المقاولات بجهة العيون، إلى ضرورة استمرار استفادتهم من الإعفاء الضريبي الذي استفادوا منه على مدى العقود الماضية، معتبرين أنه حق خوله إياهم الملك محمد الخامس، والحسن الثاني من بعده، ويجب الإبقاء عليه، خصوصا مع التوجه الجديد الذي انخرط فيه المغرب لإطلاق دينامية تنموية جديدة بهذه الأقاليم. كما طالب هؤلاء بسحب هذا القرار، الذي لم يكن من الصائب اتخاذه حسب قولهم، لأن المنطقة حديثة العهد بالاستثمار، ويجب التشجيع على استقطابها للمشاريع، خصوصا وأنها تعاني من التهميش والعديد من الصعوبات. واحتفظ هؤلاء المقاولون، يسجل أحدهم خلال تدخله، أول أمس الاثنين، على هامش المجلس الإداري للاتحاد العام لمقاولات المغرب، «بحقهم في التوجه نحو القضاء الإداري لإلغاء هذا القرار».