رغم أنه مضى على إصدار القانونين التنظيمين المتعلقان بالملتمسات والعرائض عدة أشهر، لا يزال يبدي بعض الفاعلين الجمعويين تخوفات من بعض الشروط الواردة في النصين عند تطبيق هذه الاليات على أرض الواقع. في هذا السياق، أبدى عدد من الفاعلين الجمعويين، في لقاء احتضنته مؤسسة الفقيه التطواني، مساء اليوم الجمعة بسلا، تخوفهم من أن تحول الشروط التي تضمها القانون التنظيمي الخاص بالعرائض دون تحقيق الغايات الدستورية التي أشارت لها هذه الوثيقة الأخيرة، من بينها شرط النصاب القانوني المتعلق بعدد الترقيعات المطلوبة لقبول العريضة، كما أبدى البعض تخوفه من أن يتم استغلال هذه الالية سياسيا لعرقلة سير المجالس الترابية. لكن الاستاذ الجامعي وأستاذ القانون الاداري، بجامعة محمد الخامس، عبد الحفيظ إدمينو، قلل من هذه التخوفات. واعتبر إدمينو، الذي كان يتحدث في ذات اللقاء الذي دعت إليه مؤسسة الفقيه التطواني، مساء اليوم، أن المشرع المغربي حسم في هذه التخوفات منذ البداية عندما شدد على أن العرائض ستكون غير ذات موضوع إذا كان موضوعها له حمولة سياسوية، أو نقابية. ونبه أستاذ القانون العام، إلى أن هدف العريضة ووظيفتها واضح في النص، موضحا أنه ليست آلية من من أجل المعارضة بقدر ما هي اثارة لانتباه المجالس الجماعية بإدراج نقطة في جدول اعمال دورات المجالس، لمعالجة إختلافات معينة تعانيها ساكنة جماعة ترابية معينة. ولفت إلى أن العريضة يجب أن تفهم في سياق علاقة المواطن بتدبير الشأن العام ولا يمكن أن تحل محل الديمقراطية التمثيلية، في إشارة إلى أنه لا يمكن أن تكون العريضة آلية للمعارضة السياسية أو السياسوية، حتى لا يتم الاخلال بالعملية الديمقراطية بشكل عام. وأضاف أن الغاية من العرائض هو أن لا يبقى المواطن على هامش تدبير الشأن العام الترابي، وحتى لا تبقى كذلك مشاركته مرتبطة بالتصويت عند كل انتخابات جماعية أو برلمانية فقط. وبعدما اعتبر بعض الفاعلين الجمعويين أن عدد التوقيعات المحددة لقبول العريضة المقدمة أمام المجالس الترابية كبير، والمحدد في 400 توقيع بالنسبة للجماعات ذات نظام المقاطعات، قال أدمينو إن الجمعيات المدنية التي لا تستطيع تعبئة 400 توقيع في جماعة تبلغ ساكنها مليون نسمة، سيجعل قدرتها التعبوية والتأطيرية محل انتقاد. وردا على من يعتبرون أن عدد التوقيعات المطلوبة في العريضة كبير، أشار ذات المتحدث إلى أن أدوات التواصل الاجتماعي، وحدها، بامكانها أن تساعد على تجميع كل هذه التوقيعات في مدة زمنية وجيزة. يذكر أن اللقاء الذي دعت له مؤسسة الفقيه التطواني، واستدعت له الاستاذ الجامعي عبد الحفيظ إدمينو، جاء في سياق إعداد المؤسسة المذكورة ل "دليل صياغة وإيداع العرائض لدى مجلس الجماعة"، والذي أعده كلا من إدمينو نفسه، والأستاذ الجامعي، عمر الشرقاوي، بهدف تبسيط مفهوم ومسطرة آلية تقديم العرائض أمام المجالس المنتخبة، من أجل التشجيع على تفعيلها في الواقع من قبل هيئات المجتمع المدني. ونوه عمدة سلا، جامع المعتصم، الذي حل ضيفا على اللقاء، بفكرة إعداد دليل خاص بتقديم العرائض إلى المجالس الجماعية. واعتبر المعتصم في كلمة قصيرة أن هذا الدليل بمثابة دليل المرور بالنسبة للفاعلين المدنيين، لتنزيل هذه الآلية. وأفاد أن المجالس الجماعية لسلا لم تتوصل لحد الان بأي عريضة من المجتمع المدني، رغم مرور عدة شهور على إصدار القانونين التنظيمين المتعلقان بالملتمسات والعرائض.