بعد مصادقة المجلس الوزاري أمس على القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، استعداداً لعودة المغرب إلى الكرسي الفارغ بالاتحاد، تضمن البلاغ صيغة تؤكد على "ضرورة تسريع مسطرة المصادقة على القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، بما في ذلك اعتماده من طرف مجلسي البرلمان". هذه الصيغة الاستعجالية التي حث عليها الملك، حسب بلاغ الديوان الملكي، وضعت المؤسسات الدستورية أمام "مأزق دستوري" وسياسي أيضاً، لكون مشاريع القوانين تمر بالضرورة عبر المؤسسة التشريعية.
ويتمثل هذا المأزق في كون حكومة تصريف الأعمال لا يحق لها من الناحية القانونية إحالة مثل هذه القوانين التي صادق عليها المجلس الوزاري على البرلمان.
فِي هذا السياق تقول الفقرة الثانية من المادة 37 من القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها، إنه "لا تندرج ضمن تصريف الأمور الجارية التدابير التي من شأنها أن تلزم الحكومة المقبلة بصفة دائمة ومستمرة، وخاصة المصادقة على مشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية وكذا التعيين في المناصب العليا".
كما أن مجلس النواب بدوره لم يتم هيكلته بعد، بسبب عدم تشكيل الأغلبية الحكومية التي تتيح تشكيل الأغلبية البرلمانية، وتتيح الأخيرة بدورها انتخاب رئيس الغرفة الأولى.
وبعدما شدد بلاغ الناطق الرسمي باسم الديوان الملكي، أمس، على ضرورة تسريع مصادقة البرلمان على هذا النص التشريعي، لاقتراب انعقاد قمة الاتحاد الإفريقي نهاية هذا الشهر، سيكون الفاعلون السياسيون أمام اختبار تسريع تشكيل الحكومة قبل انعقاد قمة الاتحاد الإفريقي لإجازة هذا النص، أو البحث عن مخرج دستوري لهذا المأزق السياسي.
وما يبرر استعجالية البحث عن هذا المخرج، ما أشار إليه عبد العالي حامي الدين، أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الخامس، الذي نبه، في تدوينية فيسبوكية، إلى أن قرار المجلس الدستوري رقم 955/15 بشأن الفقرة الثانية من المادة 37 من القانون التنظيمي، المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة المرتبطة بالاختصاصات المحدودة لحكومة تصريف الأعمال، استثنى "ما قد تستلزمه حالة الضرورة من اتخاذ تدابير تشريعية أو تنظيمية لمواجهتها".
وأشار حامي الدين، إلى أن هذا القرار "يعني أنه إذا اقتضت حالة الضرورة إحالة مشروع قانون معين على البرلمان، فبإمكانها ذلك، وفق المسطرة التشريعية". واستدرك بالقول: "غير أن حالة مجلس النواب الحالي تتطلب انتخاب هياكله".
لكنه شدد في المقابل على أنه "ما ينبغي الإشارة إليه، أن انتخاب هياكل المجلس واختيار رؤساء اللجان ينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار المقتضيات الدستورية التي أعطت حقوقاً خاصة بالمعارضة ( انتخاب لجنة التشريع )".
هذا الأمر يستوجب، حسب عبد العالي حامي الدين "توضيح الأحزاب المشكلة للأغلبية الحكومية والأحزاب المشكلة للمعارضة، وهو ما يستلزم ضرورة توضيح معالم الأغلبية الحكومية والأقلية المعارضة قبل انتخاب هياكل المجلس…". فهل تنجح الأحزاب والمؤسسات في إيجاد المخرج الدستوري لهذا المأزق، في حالة استمر البلوكاج السياسي الذي يرافق مسار المفاوضات لتشكيل الأغلبية الحكومية؟