عزت مصادر قريبة من الحكومة التأخر الحاصل في مجموعة من الملفات الكبرى إلى غياب التوافق التام بين مكوناتها حول العديد منها، وهو ما يجعل الأمانة العامة لا تبرمج للمجالس الحكومية سوى مشاريع القوانين العادية التي لا تثير أي خلاف. وأضافت ذات المصادر أنه على الرغم من انتظامية المجالس الحكومية ومصادقتها على العديد من مشاريع القوانين، إلا أنه من أصل 20 قانونا تنظيميا و 32 قانونا عاديا مرتبطا بتنزيل الدستور الجديد، لم تتمكن الحكومة بعد اشتغالها سنة كاملة من إخراج سوى قانونين تنظيميين يتيمين، أحدهما مرتبط بالتعيين في المناصب العليا والآخر متعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، علما بأن الحكومة السابقة كانت قد أصدرت في ظرف وجيز، القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب والمؤسسة التشريعية . هذا التأخر في إنجاز المخطط التشريعي للحكومة، تقول مصادرنا، يرهن العديد من المؤسسات والهيئات التي ما زالت تشتغل وفق الدستور القديم وعلى رأسها الحكومة نفسها التي لم تصدر بعد قانونها التنظيمي، وكذا الهيئات العشر للحكامة والحريات، بالإضافة إلى المجلس الأعلى للقضاء الذي مازال ينتظر بدوره أن يتحول إلى مجلس أعلى للسلطة القضائية يستلزم عددا من القوانين التنظيمية. ونفس القاعدة تنطبق على المجلس الدستوري وعلى المحكمة الدستورية ومجلس المستشارين الذي لم تتجدد هياكله بعد وفق ما يقتضيه الدستور الجديد... يضاف إلى كل هذا، التأخر الناجم عن غياب التوافق داخل مكونات الدائرة الصغرى للقرار الحكومي، انعدام التنسيق مع مكونات الحكومة في المؤسسة التشريعية ، حيث أن ممثلي الأغلبية في قبة البرلمان ، ودون وعي منهم بالصعوبات التي تتخبط فيها حكومتهم في تصريف القوانين التي ترهن المؤسسات الدستورية، قاموا بإغراق الأمانة العامة للحكومة ب 37 مقترح قانون ستأخذ مكانها في طابور الانتظار ، علما بأن دورة أبريل المقبلة ستخصص جل أشغالها للقوانين المؤطرة للانتخابات الجماعية (حوالي 33 نصا)، في المقابل دافع مصطفى الخلفي الناطق الرسمي باسم الحكومة عن وتيرة الأداء الحكومي في المجال التشريعي، معتبرا أن الحكومة تمكنت حتى الآن من إخراج أزيد من 3200 قرار وزاري صدر في الجريدة الرسمية، أي بمعدل 15 قرارا في اليوم، كما صادقت على أزيد من 90 مشروع قانون . وأضاف أن هناك مجموعة من القوانين التي أخذت معالمها تتضح كالقانون التنظيمي للمالية والقوانين المتعلقة بمشروع إصلاح منظومة العدالة والقوانين التي لها ارتباط بالتنمية القروية. وأكد الخلفي في اتصال أجرته معه «الاتحاد الاشتراكي» أن هناك انتظامية في انعقاد المجالس الحكومية سمحت بالمصادقة على كل ما يبرمج في جدول أعمالها، علما بأن الحكومة، يضيف الخلفي، ليست ملزمة بإخراج جميع القوانين التي نص عليها الدستور في السنة الأولى من عمرها، كما أن مخططها التشريعي يتضمن العديد من النصوص ذات البعد المجتمعي، و تحتاج - وفق المقاربة التشاركية التي نص عليها الدستور - إلى حصول توافق واسع حولها ليس فقط بين مكونات الحكومة فحسب وإنما بين جميع الأطياف السياسية ومكونات المعارضة وهيئات المجتمع المدني، وهو ما يتطلب نقاشا عميقا وحوارا موسعا بين الجميع الأمر الذي يتطلب الوقت الكافي. وأوضح الناطق باسم الحكومة أن «الحكومة قد أرست آلية لتتبع تنفيذ البرنامج الحكومي، وهي الآلية التي سمحت لنا حتى الآن بالتقييم الايجابي لحصيلتها في هذا المجال» .