وأخيرا ،أعلنت الحكومة عن قرب إخراج مخططها التشريعي للولاية الحالية، وبغض النظر عن التأخر في إصدار هذه الوثيقة التأطيرية، فانه وانطلاقا من المسودة التي نشرتها الصحافة، لابد من طرح بعض الملاحظات السريعة، لعل اولها ذلك المرتبط بالخطاب السياسي الذي واكب هذا الاعلام،خطاب قدم المخطط "الموعود"كعمل غير مسبوق وكخطوة ذات دلالة تاريخية. الواقع انه بغض النظر عن الالزام القانوني لمنطوق الفصل 86 من الدستور الذي يقر بعرض مشاريع القوانين التنظيمية لمصادقة البرلمان في اجل لا يتعدى الولاية التشريعية الاولى،اذ سبق لحكومة التناوب الاول عام 1998 ،أن أعلنت في بداياتها عن مخططها التشريعي فضلا عن أن اصدار المخططات التشريعية السنوية يبقى أحد الانشطة التقليدية للأمانة العامة للحكومة بمناسبة بداية كل سنة تشريعية. يتوزع المخطط التشريعي للحكومة-حسب ذات المسودة-حول خمسة محاور تتعلق بالقوانين التنظيمية الواردة في الدستور،تحيين و ملائمة القوانين المتعلقة بمؤسسات الحكومة القائمة،القوانين المتعلقة بالمؤسسات الجديدة للحكامة ،الاجراءات و التدابير التشريعية الهادفة لملائمة القوانين مع الدستور ،ثم اخيرا النصوص المتعلقة بتنفيذ السياسات القطاعية تطبيقا للبرنامج الحكومي. احدى الملاحظات اللافتة تتعلق بكون الفصل 10 من الدستور ينص على انه تحدد كيفيات ممارسة فرق المعارضة لحقوقها ، حسب الحالة بموجب قوانين تنظيمية أوقوانين،او بمقتضى النظام الداخلي لكل مجلس من مجلسي البرلمان،مما يعني ان تغييب المخطط التشريعي للقانون التنظيمي المتعلق بحقوق المعارضة البرلمانية ، يرتبط بممارسة الحكومة قراءة خاصة للدستور مما يطرح الكثير من الاسئلة السياسية و القانونية. من حيث البرمجة الزمنية ، فان جدولة خمسة قوانين تنظيمية،ترتبط بسير الحكومة و بالمالية وبلجان تقصي الحقائق و بالمحكمة الدستورية و بحق الاضراب.و اربعة قوانين منظمة لكل من مجلس المنافسة والهيئة الوطنية للنزاهة وهيئة المناصفة و المجلس الاستشاري للأسرة و الطفولة،قبل مت سنة 2012،يبدو شيئا مستحيلا من الناحية العملية. من جهة أخرى،المسودة المنشورة،تكرس التأويل غير السليم للفصل 146 من الدستور،حيث قد يستمر المسلسل الذي أطلقته الحكومة السابقة بتجزئ القانون التنظيمي "الوحيد"-حسب منطوق الدستور-المتعلق بالجهوية ،الى قوانين عديدة. الملاحظة الأبرز،ترتبط بإقحام الحكومة للديوان الملكي كجهة قد تتكلف بمراجعة القوانين المتعلقة بالمجلس الوطني لحقوق الانسان ،و مجلس الجالية المغربية بالخارج،و مؤسسة الوسيط.في حين أسندت هذه المهمة فيما يتعلق بباقي المؤسسات المنصوص عليها في الباب الثاني عشر من الدستور،سواء منها المستحدثة او التي يتعين فقط تحيين قواننينها،اما الى لجن خاصة ،او الى رئاسة الحكومة ،أو الى القطاعات الحكومية الأقرب الى مجال اختصاص هذه المؤسسات. نعم لقد خرجت بعض هذه الهيئات من رحم الفصل19 من الدساتيرالسابقة،لكن دستور 2011 الذي جعل من البرلمان محتكرا للسلطة التشريعية،أحال على القانون في كل مايتعلق بتحديد تأليف و صلاحيات و تنظيم و قواعد سير هذه المؤسسات و الهيئات (الفصل171)،كما أن بامكان القانون ان يحدث هيئات اخرى للضبط و الحكامة الجيدة(الفصل159). إن التنصيص الدستوري على كون هذه المؤسسات "مستقلة' ،و تفسير المجلس الدستوري لهذه الاستقلالية ،بكونها مؤسسات غير خاضعة لا للسلطة الرئاسية لوزير معين و لا لوصايته.لا يلغي أحقية الحكومة دستوريا و سياسيا في اعداد مشاريع القوانين المتعلقة بهذه المؤسسات. لذلك فإسناد اعدادها للديوان الملكي،لا يندرج سوى في اطار تأويل رئاسي للوثيقة الدستورية، واستمرارية مسلسل التنازل الإرادي عن الصلاحيات الحكومية.