تواجه الحكومة المغربية والمؤسسة التشريعية٬ بمناسبة الدخول البرلماني الجديد٬ تحديا حقيقيا يتعلق بتدبير الزمن التشريعي وتسريع وتيرة إقرار النصوص القانونية. وحسب تقرير لوكالة الأنباء المغربية، فإن الدخول البرلماني الحالي سيكون جد مكثف٬ سواء من حيث القوانين العديدة التي ستتم دراستها والمصادقة عليها٬ خاصة تلك المرتبطة بتنزيل الدستور وتفعيل عدد من المبادئ والتوجهات الإصلاحية الجديدة٬ أو من حيث مراجعة النظام الداخلي لمجلسي البرلمان لملاءمته مع الاختصاصات الجديدة التي خولها له القانون الأسمى٬ لتطوير عمله وجعله يتجاوب مع انتظارات المواطن والارتقاء به إلى مستوى المرحلة التأسيسية التي يعيشها المغرب٬ أو من حيث التشريع العادي٬ وتفعيل البرنامج الحكومي. ويوجد في مقدمة النصوص التي سيتعين المصادقة عليها٬ فضلا عن مشروع قانون المالية لسنة 2013٬ المشاريع القانونية المتعلقة بمستلزمات التحضير للانتخابات المقبلة وورش الجهوية المتقدمة وتفعيل مختلف المؤسسات والآليات التي نص عليها الدستور. ويكتسي تدبير الزمن التشريعي أهمية بالغة٬ على اعتبار الأجندة المكثفة للحكومة في المجال التشريعي٬ لذلك فإن الأمر يتطلب مجهودا مضاعفا يتعين أن يتم في إطار مقاربة تشاركية وتعبئة استثنائية من قبل الحكومة والبرلمان٬ وذلك بغية كسب تحدي رفع وتيرة الإنتاج التشريعي وجودة النصوص وتجاوز حصيلة السنة التشريعية السابقة٬ وتحديث المنظومة القانونية٬ باعتبارها إحدى الدعامات الأساسية لضمان وتعزيز الحقوق وتحسين تنافسية وجاذبية الاقتصاد الوطني. وفي هذا الصدد٬ يتميز الدخول الحالي بالمخطط التشريعي للحكومة الذي يعد بمثابة خارطة طريق واضحة لالتزامات الحكومة من خلال المدخل التشريعي٬ كما أنه يجسد وضوح الرؤية لدى الحكومة بخصوص عملها في ما تبقى من هذه الولاية٬ وسيساهم في رفع وتيرة وجودة الإنتاج التشريعي. ويأتي إقرار هذا المخطط التشريعي في إطار تجاوز الحصيلة المتواضعة للسنة التشريعية السابقة٬ حيث أن مجلس النواب صادق خلالها، على 24 مشروع قانون ومقترح قانون واحد، وعلى قانون تنظيمي واحد يخص تطبيق أحكام الفصلين 49 و92 من الدستور ويتعلق بالتعيين في المناصب العليا، وذلك بعد ملاءمته مع قرار المجلس الدستوري٬ كما أن المجلس لم يصادق سوى على 5 قوانين تنظيمية من أصل 20 قانونا تنظيميا منذ دخول الدستور الجديد حيز التطبيق. وفي هذا السياق٬ قال الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الحبيب الشوباني٬ في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء٬ إن هذا المخطط سيمكن الفرق النيابية من تحضير مسبق لكل نص تشريعي مبرمج٬ مما سيساهم في ربح الزمن التشريعي وتنظيمه بطريقة جيدة٬ إلى جانب تمكين المجتمع المدني وكافة القوى الحية في البلاد من الانخراط في النقاش التشريعي من خلال المذكرات والترافع مع الفرق البرلمانية٬ موضحا أن كل المعنيين بالعملية التشريعية سيكونون على علم بتاريخ تقديم القوانين٬ مما سيحقق إشراكا أوسع للفعاليات المدنية في النقاش التشريعي. ومن بين إيجابيات هذا المخطط٬ يقول الشوباني٬ إتاحة الفرصة للبرلمانيين لتقديم مقترحات قوانين مكملة لمشاريع القوانين٬ وبالتالي لن يكون هناك تكرار أو تداخل بين مشاريع ومقترحات القوانين٬ أي أن الحكومة ستبادر وفق مخططها التشريعي وعلى البرلمانيين أن يبادروا في إطار مقترحات القوانين في إطار عمل تشريعي خاص بهم. ويبقى الدستور واضحا بخصوص مسطرة إقرار النصوص التشريعية فالفصل 85 مثلا٬ المتعلق بالقوانين التنظيمية٬ ينص على أنه تعرض مشاريع القوانين التنظيمية المنصوص عليها في الدستور الجديد وجوبا قصد المصادقة عليها من قبل البرلمان٬ في أجل لا يتعدى مدة الولاية التشريعية الأولى التي تلي صدور الأمر بتنفيذ هذا الدستور. وأضاف الشوباني٬ في هذا السياق٬ أن الدستور ينص على إصدار القوانين التنظيمية في متم الولاية التشريعية٬ وبالتالي فإن التخطيط الذي اعتمد لدى وضع هذا المخطط يتوخى توفير فرصة للتشارك الواسع في المناقشة والمدة الزمنية المعقولة للإعداد والمناقشة والتصويت٬ مؤكدا أنه لا يمكن أن تمر هذه القوانين في سنة واحدة. وكانت الحكومة قد كشفت مؤخرا (المجلس الحكومي - 16 غشت الماضي) على مشروع مخططها التشريعي٬ الذي تنوي تنفيذه خلال الخمس سنوات٬ وجاء على رأس أولوياته تنزيل الجهوية الموسعة والعدالة والحكامة. ومن المتوقع أن يتضمن المخطط 15 قانونا تنظيميا٬ ونصوصا تتعلق بمراجعة القوانين المتعلقة بالمؤسسات ذات الصلة بالحقوق والحريات والحكامة٬ إلى جانب القوانين ذات الصلة بالتدابير التشريعية المدرجة في إطار ملاءمة الترسانة القانونية مع مقتضيات الدستور٬ فضلا عن النصوص القانونية ذات الصلة بتنفيذ السياسات القطاعية. وتأتي القوانين التنظيمية الواردة في الدستور في قائمة أبرز مشاريع النصوص الواردة في المخطط التشريعي٬ وتهم بالأساس تحديد القواعد المتعلقة بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها٬ والقانون التنظيمي المتعلق بتحديد انتخاب وتنظيم وسير المجلس الأعلى للسلطة القضائية٬ والقانون التنظيمي للمحكمة الدستورية. أما باقي القوانين التنظيمية فتهم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي٬ والقانون التنظيمي المتعلق بقانون المالية٬ والقانون المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة٬ وبالجهات والجماعات الترابية٬ ثم القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب٬ والقانون التنظيمي المتعلق بتسيير لجان تقصي الحقائق٬ والقانون التنظيمي الخاص بتحديد شروط ممارسة حق المواطنين في تقديم ملتمسات في مجال التشريع٬ والقانون المرتبط بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفية إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة ذات الأولوية٬ والقانون التنظيمي الذي يخص المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية. *تعليق الصورة: الحبيب الشوباني الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني