أعاد قرار وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق بتوقيف محمد أبياط، خطيب الجمعة بمسجد يوسف بن تاشفين بتهمة الخلط بين الدين والسياسة الجدل حول موضوع توقيف عدد من الخطباء والأئمة دون الخضوع لمسطرة قانونية واضحة، وتعليل تلك القرارات. محمد أبياط، الذي ظل خطيبا في مسجد يوسف بن تاشفين بفاس منذ سنة 1989 أوضح في تصريح لموقع "اليوم 24" أنه فوجئ بقرار توقيفه بتهمة خلط الدين بالسياسة دون أن يتم الاستماع له من طرف الوزارة أو طرف أي لجنة علمية لمعرفة ما إذا كانت خطبته حول عيد الاستقلال قد خلطت بين الدين والسياسة أم لا. توقيف محمد أبياط، الذي دفع محبيه يوم الجمعة الماضي إلى مقاطعة صلاة الجمعة لأول مرة في مسجد يوسف بن تاشفين، ورفع شعارات مناوئة لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية داخل باحة المسجد، أعاد الجدل مجددا حول مدى شرعية القرارات التي اتخذتها وزارة التوفيق ضد عدد من الخطباء. من الناحية القانونية ينص الظهير الشريف الخاص بتنظيم مهام القيمين الدينين وتحديد وضعياتهم على إمكانية تظلم الأئمة والخطباء إلى "اللجنة الوطنية للبت في شكايات وتظلمات القيمين الدينيين"، التي تناط بها مهمة النظر في الشكايات والتظلمات المرفوعة من طرف القيميين الدينين حيف أو ضرر لحقهم في علاقتهم مع إدارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، إلا أن التوجه لهذه اللجنة يسقط حق المتضرر في اللجوء إلى جهة أخرى، بحسب ما ينص عليه الظهير 1.14.104 الصادر في 20 ماي 2014. ورغم وجود هذه اللجنة إلا أن عددا من الخطباء الذين تم توقيفهم يؤكدون أن الإشكال يكمن في طريقة توقيفهم التي كثيرا ما تتم بشكل تعسفي ودون مبررات واضحة. عبد القدوس أنحاس، خطيب جمعة سابق بمسجد الشباب بالرباط، ومقدم برامج دينية بالقناة السادسة، قبل أن يتم توقيفه عن الخطابة في فبراير 2014 دون أن تعلل وزارة التوفيق قرار توقيفه أوضح في تصريح لموقع "اليوم 24" أن عملية توقيف بعض الخطباء دون الاستماع إليهم ، أو تعليل قرارات توقيفهم. ويرى أنحاس أن توقيف الخطباء يجب أن يخضع لمسطرة إدارية تبتدئ بتوجيه الإنذار الأول والإنذار الثاني وعرضه على مجلس تأديبي، قبل اتخاذ الإجراء الملائم في حقه. وأضاف أنحاس أنه في بعض الحالات يتم الاستماع لبعض الأئمة والخطباء قبل عزلهم، إلا أنه في حالات أخرى يتم العزل دون توضيح الأسباب، خاصة حينما تتدخل بعض الجهات وترفع تقريرا أسودا عن الإمام لوزارة الأوقاف. من جهته، دعا عبد الله المودن، الخطيب السابق بمسجد مولينا بالرباط، قبل أن يتم توقيفه على خلفية استدلاله، في إجدى خطبه بحديث عن صفية عمة النبي في غزوة الأحزاب، التي قامت بقطع رأس يهودي وإلقائه خارج الحصن إلى ضرورة خلق لجنة علمية يعهد إليها النظر في مخالفات الخطباء والأئمة، قبل عزلهم، بدل تركهم تحت رحمة الإدارة. عبد الله المودن، الذي لم يتم الاستماع إليه كذلك، ولم يتم تعليل قرار توقيفه، قال إن الوزارة لا يمكن أن تكون خصما وحكما في الآن نفسه ضد الأئمة والخطباء بل لا بد من لجنة علمية محايدة، يعهد إليها باتخاذ قرار تأديب الأئمة وتوقيفهم. إلى ذلك، اعتبر عبد الصمد الإدريسي، نائب رئيس منتدى الكرامة في اتصال مع موقع "اليوم 24" أن قرارات توقيف الخطباء، غالبا ما تتم بشكل تعسفي دون احترام لأدنى حقوقهم. ويرى الإدريسي أنه في الوقت الذي يجب الحرص على عدم السماح لمن هب ودب باعتلاء منبر الخطابة، فإنه في الوقت ذاته يجب السماح للخطباء بالتعبير عن أرائهم وعدم الحجر عليهم. وأضاف الإدريسي أن المبررات التي تقدمها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية حول عزل الخطباء غالبا ما تتعلق بالخلط بين الدين والسياسة والمساس بثوابت الأمة والخروج عن المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية، هي أمور دينية لا بد أن يتم الرجوع فيها إلى لجنة علمية متخصصة، قبل إصدار قرار التوقيف. ودعا الإدريسي إلى عدم ترك الأئمة تحت رحمة إدارة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، خاصة وأن عددا من المندوبين ينتقمون من الخطباء لأسباب لا علاقة لها بمجال عملهم. ويرى الإدريسي أن توقيف الخطباء والأئمة يجب أن يتم من طرف لجنة علمية تتولى تقييم خطبهم، ومعرفة مدى مخالفتها للمعايير التي وضعتها الوزارة، والتي يجب تحديدها أيضا بدقة، حتى يتسنى للمتضررين الطعن فيها لدى القضاء.