أرقام صادمة تضمنها التقرير الأول لنقابة أُطر السجون بالمغرب والذي شمل بالدراسة الفترة ما بين عام 2013 و2016، حيث كشف عن واقع معاناة موظفي السجون سواء داخل أو خارج أماكن عملهم، وباختلاف المهام التي يزاولونها، مع غلبة موظفي الأمن والحراسة الذين يمثلون 87.5% من مجموع موظفي المندوبية العامة لإدارة السجون. وتضمن التقرير، الذي يعتبر الأول من نوعه منذ إحداث نقابة اطر السجون بالمغرب، نتائج بحث ميداني يسلط الضوء على وضعية موظفي السجون الذين يشير التقرير إلى معاناتهم من مشاكل اجتماعية واقتصادية تؤثر على وضعيتهم النفسية بشكل تسبب في عدد من حالات الانتحار ومحاولة الانتحار. وفي السياق نفسه، كشف 85.5% ممن شملهم البحث (عينة تمثل 10% من مجموع موظفي القطاع) أنهم يعانون من أمراض نفسية وعصبية إلى جانب معاناتهم من الاكتئاب بسبب اشتغالهم في قطاع السجون، ما يعني أن أقل من 15% فقط من موظفي السجون يتمتعون بوضع نفسي جيد. ويرجع التقرير المشاكل النفسية التي يعانيها موظفو السجون في جزء منها إلى هشاشة وضعيتهم الاجتماعية وهزالة الرواتب والتعويضات التي يتقاضونها في عملهم، حيث أن 20.7%من الموظفين كشفوا عن تقاضيهم حوالي 3000 درهم كأجر شهري، بينما 48.5% من الموظفين تتراوح أجورهم بين 3000 و4000 درهم، ونتيجة لذلك أكد أغلب المستجوبين أن أجرتهم لا تغطي احتياجاتهم الشهرية مما يضطرهم للجوء إلى الاقتراض، وفي الوقت نفسه، ورغم أن المندوبية توفر خدمة القرض بدون فائدة فإن 47% من الموظفين أكدوا أنهم غير قادرين على الاستفادة من تلك الخدمة. ويشير التقرير إلى أن متوسط ما يقضيه موظفو السجون من العمل داخل الأسوار لا يقل عن عشر ساعات يوميا، لا تخلو من توتر وضغوط وكذا اعتداءات لفظية أو حتى جسدية من طرف السجناء وكذا المسؤولين. ومن هنا يورد التقرير أن حالات الاعتداء على الموظفين داخل المؤسسات السجنية تطورت من 88 حالة عام 2014 إلى 168 حالة عام 2015. وفي السياق ذاته توضح النقابة أن "ملفات الإعتداء على موظفي السجون لا تلقى اهتماما وزخما إعلاميا بالمقارنة مع الاعتداءات التي تقع داخل إدارات أخرى". ويورد المصدر نماذج للاعتداءات التي سبق لموظفي السجون التعرض لها ومنها تعرض موظفة بمركز الإصلاح والتهذيب بن سليمان للاعتداء ومحاولة الاغتصاب من طرف سجين في ماي2015، وتعرض موظف بالسجن المحلي تولال2 بمكناس للدهس مرتين بسيارة من طرف مجهول، والاعتداء المفضي الى الموت الذي تعرض له الموظف في السجن المحلي بطنجة، محمد السملالي من طرف مجهولين بالمحطة الطرقية لمدينة طنجة في أبريل الماضي. ويبرز التقرير كذلك نماذج التعسفات والاعتداءات التي يمارسها مسؤولون في المؤسسات السجنية على الموظفين والتي وصلت إلى حد الاعتداء بالضرب في احدى الحالات، الى جانب القرارات "التعسفية" حيث يوضح التقرير هنا أنه "خلافا لأغلب الإدارات العمومية بالمغرب، تعتبر إدارة السجون من أكثر القطاعات التي تحيل موظفيها على المجالس التأديبية". معاناة موظفي السجون لا تقتصر على زمن أدائهم مهامهم داخل أسوار السجون ولا تقتصر على تعاملهم مع السجناء والمسؤولين بل تمتد إلى خارج السجن، حيث ان 74.6% من موظفي السجون كشفوا عن معاناتهم من النظرة السلبية والاحتقار الذي يلمسونه من المجتمع وهي النظرة الذي تؤثر على تعاملهم مع زيهم الرسمي، ذلك أن 52% منهم قالوا إنهم يرتدون الزِّي الرسمي فقط اثناء ولوجهم للمؤسسات السجنية. هكذا ونتيجة لكل ما سبق يبدو بأن أغلب المشتغلين في قطاع السجون نادمون على ذلك، حيث أكد 95.7% منهم أنهم لن يترددوا في تغيير مجال اشتغالهم حالما تتاح لهم الفرصة للقيام بذلك.