أثارت مصادقة المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي على رأي يلغي مجانية التعليم في السلكين الجامعي والثانوي، مع استثناء الفئات الفقيرة والمعوزة، دون تحديد معايير ذلك، ردود فعل غاضبة في صفوف عدد من المتتبعين والمهتمين. مس بحق المواطنين في التعليم عبد النبي الحري، أستاذ الفلسفة بجامعة أبي شعيب الدكالي بالجديدة، اعتبر في تصريح لموقع "اليوم 24" أن الحديث عن إلغاء مجانية التعليم يدعو إلى الاستغراب والاستنكار. وأوضح الحري أن "الكل يعلم أن الأسر الميسورة لا ترسل أبناءها للتعليم العمومي، والأمر نفسه بالنسبة للأسر المتوسطة، وما دون المتوسط، حيث لم يعد الطلب على المدرسة والجامعة العمومية إلا من طرف المغاربة الفقراء الذين لا حول ولا قوة لهم، خاصة وهم يلاحظون ما تعرفه المؤسسات التعليمية العمومية من تدهور سنة بعد أخرى. وبالتالي فكل حديث عن مساهمة الأسر هو تزييف للحقيقة وهروب إلى الأمام ومس بحق المواطن في التعليم، أيا كان انتماؤه الاجتماعي"، يقول الأستاذ الجامعي. وأضاف الحري "التعليم حق لكل مواطن على المجتمع والدولة توفيره كخدمة عمومية، يؤدي عنها الضرائب كل بحسب مدخوله وإمكاناته، وبالتالي لا معنى لإضافة رسوم جديدة، ستثقل كاهل الفئات الفقيرة، لأن الفئات الأخرى بمن فيها تلك القريبة من عتبة الفقر تعاني الأمرين مع تعليم خصوصي يشتغل بلا حسيب ولا رقيب ويفتقر إلى الجودة والمصداقية". هروب إلى الأمام ومحاولة للتضحية بفئات واسعة من الشعب من جهتها، اعتبرت الأستاذة الجامعية والناشطة الحوقية، لطيفة بوحسيني أن إلغاء مجانية التعليم محاولة للهروب إلى الأمام، بدل مناقشة المشكل الحقيقي للتعليم في بلادنا. واعتبرت الناشطة الحقوقية أن مشكل التعليم في المغرب لا يرتبط بالتمويل أساسا، مشيرة إلى فشل برنامج المخطط الاستعجالي رغم الملايير التي رصدت له. وأوضحت بوحسيني أن حل معضلة التعليم يتطلب توفر إرادة سياسية حقيقية، والوعي بأن حل المشكل يحتاج إلى جيل بكامله، وليس سنوات قليلة فقط. وأضافت الفاعلة المدنية أن إلغاء مجانية التعليم الهدف منه التضحية بفئات واسعة من الشعب المغربي والميل إلى التخلص نهائيا من المدرسة العمومية، وتعميق الفوارق الاجتماعية في المجتمع. وتابعت المتحدثة "المسؤولين في هاد البلاد باغيين يخرجو على المدرسة العمومية، والتعامل مع الفئات الفقيرة بمنطق الشفقة والإحسان وصناديق الدعم، بدل تمكينهم من حقوقهم الأساسية"، معتبرة أن مستقبل المغرب سيكون أسودا إذا تم ضرب مجانية التعليم. النفق المظلم بدوره، حذر عبد الإله دحمان، الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب من عواقب إلغاء مجانية التعليم. واعتبر دحمان في اتصال مع موقع "اليوم 24" أن ضرب مجانية التعليم سيعمق الأزمة في المغرب، ويؤزم قطاع التعليم ككل. وأضاف المتحدث "مجانية التعليم ستظل خطا أحمرا، وأي مساس بها معناه إقامة جدار فصل عنصري بين أبناء الفقراء والأغنياء، وهو ما سيدخلنا في نفق مظلم" وتابع المتحدث "حتى المدرسة العمومية ليست مجانية، فالأسر تتحمل سبعين في المائة من تكاليف دراسة أبنائها، لذلك ففرض رسوم جديدة على الأسر لن يؤدي سوى إلى مزيد من الهدر المدرسي، ولن يحل معضلة التعليم في المغرب".