في هذا الحوار، يستشيط المقرئ الإدريسي أبو زيد غضبا ضد الذين يُهاتفونه لسبه أو شتمه بسبب اتهامه بوصف «سواسة» ب»البخل». المقرئ يكشف أن الحرب الهاتفية ضده، تمتد من السابعة مساء ً إلى الخامسة صباحا، وتستعمل فيها كل الألفاظ القذرة، إلى درجة أنه يحس أنه أصبح م ما هي طبيعة المضايقات التي تتعرضون لها منذ نشر الفيديو الذي تتحدثون فيه عن «سواسة»؟ منذ أول يوم لنشر الفيديو وأنا أتلقى اتصالات بالسب والشتم، بعبارات تستخدم ألفاظ الأعضاء التناسلية والأفعال الجنسية، وسب الرب والدين والملة والوالدين، في هاتفين ثابتين وهاتف محمول، بل وأستقبل رسائل مكتوبة فيها كلام من قبيل «يا ابن كذا سوف أفعل فيك» والتهديد الساقط، ومن أشدهم على نفسي أن أحدهم اتصل بي من هولندا ويقول لي «يا لعربان تكرهوننا نحن الأمازيغ وتحبون اليهود والنصارى واش حنا ماشي بشر»، ومازلت أستقبل إلى الآن اتصالات لا تتوقف لدرجة أن الأمر أثر على صحتي وأصبحت أحس بآلام في قلبي كل يوم، لأن الأمر تطور إلى التهديد بالقتل. حاولت في الأول أن أناقش الناس وأرد عليهم وأحاول إقناعهم، لكن الكلفة النفسية كانت مُرهِقة ونجحت مع واحد فقط، في أن أرده عن سبه وشتمه، والآن وضعت آلة للتسجيل في الهاتف لتسجيل كل المكالمات التي تبدأ من السابعة صباحا وتستمر إلى الغد في الخامسة صباحا، واضطررت للاتصال بالمسؤولين الأمنيين حتى يخضعوا هاتفي للاستماع ولست أدري هل فعلوا ذلك أم لا.
هل تنوون متابعة هؤلاء قضائيا؟ أنا لا أنوي متابعة أي أحد قضائيا، ولكن، أنا فقط، أريد حماية أسرتي ونفسي، لأننا نعيش حالة من الرعب، وأسرتي في حالة حزن شديد، لأنهم يستقبلون كلاما ساقطا، ولا أحد من الذين اتصلوا بي، حاول أن يقول كلاما مؤدبا، أو أن يقوم بمعاتبتي بطريقة مؤدبة، ولا أحد استفسر عن حقيقة الموضوع، ولا أحد أعطاني فرصة لأقول له بأن الفيديو عمره ثلاث سنوات وبأنه تم اجتزاؤه وبأنه يتم الانتقام مني بسبب مواقفي.
ما هو تعليقكم على موجة الانتقادات التي طالتكم منذ نشر الفيديو؟ تعليقي أن جميع المتصلين هم ضحايا ولا ألوم أحدا منهم، لأن أعدائي وخصومي السياسيين والإيديولوجيين لا يمكن أن ينزلوا لهذا المستوى، لأنه يفترض بهم أنهم ينتسبون إلى نخب مثقفة. فعلى الرغم من أن النخب المثقفة تكون أحيانا خبيثة ومغرضة، إلا أنها واعية وتفهم القانون، لذلك، لا يمكن لأي شخص يتبنى مواقف ضدي أن يقوم بهذه الأمور، لذلك، فإن الناس العاديون هم ضحايا للشحن والتحريض، وهذا الأمر ساهمت فيه الصحف والمواقع الإلكترونية، كما ساهم فيه مجلس المستشارين لأنه بعد تدخل أحدهم وحديثه عن الفيديو، تضاعفت الاتصالات وارتفعت وتيرة السب والشتم والتهديد. لذلك، أقول لجميع من ساهم في تأجيج هذه القضية، إنكم عبرتم عن مستوى أخلاقي منحط وعن قدرة هائلة على التلاعب بالمواطنين وبأن الحصانة الفكرية والسياسية أصبحت ضعيفة في المغرب.
لماذا تم نشر هذا الفيديو في هذا التوقيت بالضبط؟ أنا على يقين بأنني أؤدي ثمن موقفي من التطبيع مع إسرائيل ل 20 سنة، وموقفي من الدّارجة الذي كان قويا ومؤثرا. وأنا فخور بهذا الموقف، ومرحبا حتى بالموت في سبيل اللغة العربية، فكفاها هوانا وحصارا وقمعا لصالح اللغة الفرنسية. وهذا الفيديو كان في إطار محاضرة عن الهوية وكان في دولة الكويت قبل ثلاث سنوات ومدة المحاضرة 81 دقيقة، وأنا خلال هذه المحاضرة جئت بكلمة بخل والتي يمكن اعتبارها كلمةً مسيئةً، لكن، أنا الآن، أستقبل آلاف الكلمات أقبح بكثير من كلمة البخل. هل يعقل أن نترك جميع القضايا الأساسية والمشاكل الكبيرة في المغرب دون أن تثير ردود فعل، في حين أبو زيد عندما قال كلمة بُخل دون أن يربطها بالسوسيين تقوم الدنيا ولا تقعد. صحيح أنا أخطأت، ولكن، ليس لدرجة أن أجد في كل يوم الصحف اليومية تتحدث عني وكأنني أنا دانييل أو ابن عرفة، لقد أصبحت أشعر بأنني مجرم. كما أنه لم يحدث في تاريخ المغرب أن شخصا أخطأ في كلمة، تتحول إلى فضيحة وتثير كل هذه الردود، وأنا أعترف بأنني استعملت كلمة لم أكن موفقا فيها وخذلتني اللغة، لكن هذا لا يرقى إلى تصريحات عنصرية كما تقول بعض الصحف وكأنني كتبت مقالا أحرض فيه ضد عرق ما، ألهذه الدرجة هناك أناس يحقدون على حزب العدالة والتنمية وحركة الإصلاح والتوحيد والمشروع الإسلامي في المغرب ويبحثون عن مثل هذه العبارة لاستغلالها ضدي.
هل مصدر هذه التهديدات التي تتلقونها هم أشخاص أمازيغ؟ لم أسمع من كل الذين يتصلون بي لسبي نغمة سوسية، والنغمة السوسية مميزة، ولا نغمة زيانية، يعني أن الذين يتصلون ليسوا سواسة، ولا أقول هذا تملقا لسواسة لأنهم غاضبون، ولكن السوسيين ليست لديهم هذه الأخلاق حتى غير المتدينين والملحدين منهم، والله لم أسمع منهم في حياتي قط، مثل هذه الكلمات الساقطة والمنحطة.
ما هو موقف الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية ما تتعرضون له؟ أنا لحد الآن لم أتابع القضية مع الحزب، ولا علم لي بأن الحزب اتخذ موقفا من هذه القضية وأنا لن أتصل بالأمانة العامة لأطلب منها أن تساندني، هم يقدرون ويعرفون ما عليهم فعله، وعليهم تحمل مسؤوليتهم مثلهم مثل الجميع، ولكن للأمانة، اتصل بي بعض الوزراء من الحزب ليعبروا لي عن مساندتهم، لكن يبدو أن لدى الحزب تقدير، أنا لا أعرفه أو أنهم بطيئون في الحركة ويمكن أنهم يستعدون لشيء ما، لكن لحد الآن ليس لدي موقف رسمي من الحزب.
لمن تحملون المسؤولية في تطور الوضع إلى هذا المنعطف الخطير؟ أنا أُحمّل مسؤولية سلامتي البدنية والنفسية وسلامة عائلتي، للذين هم وراء هذا الأمر وهو الخصوم السياسيون ولصحافة الإثارة، وخاصة الإلكترونية، وللكلمة التي قيلت في مجلس المستشارين حول هذا الفيديو، أما عن موقف المسؤولين الأمنيين، فأنا لحد الآن لم أتلق أي اتصال من طرفهم، سواء للمساندة أو من أجل عرض الخطوات العملية عليّ لمواجهة هذه التهديدات والشتم.