حذرت دراسات علمية في مجال وسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة، من أعراض ما بات يصطلح عليه "بالنوموفوبيا"، والتي تصيب الأشخاص المدمنين على استعمال الهاتف المحمول. وتتمثل أعراض "النوموفوبيا" في تفقد الهاتف المحمول لحوالي 35 مرة في اليوم الواحد، والسهر على شحن بطاريته، والخوف من نفاد حمولتها، فضلا عن الشعور بالخوف والارتباك، والشكوك في حال تعذر مكان وجوده، أو الانقطاع عنه لمدة وجيزة، إلى جانب وضعه في أماكن حميمية خوفا من ضياعه. وتنم هذه السلوكات، حسب خبراء علم النفس عن حالة الهلع والارتياب، التي تنتاب المصاب بمرض "النموفوبيا "، خوفا من ضياع شيء أضحى لصيقا به، ولا يمكن الاستغناء عنه. وأنتجت هذه السلوكات مجتمعا موغلا في عوالم الاغتراب، حيث انعدمت طقوس الجلسات الأسرية، وأضحى منطق الحوار والتواصل بين أفراد الأسرة متدنيا، إلى درجة توحي بالانعزالية والانطواء، والمكوث لساعات طوال تحت رحمة ما استجد في عوالم الهواتف الذكية، من خدمات ووسائط إبحار افتراضية وغرف للدردشة. وكشفت الدراسات ذاتها أن استعمال الهاتف المحمول على مدى 15 ساعة في اليوم، يدخل ضمن خانة الإدمان، وينذر بالإصابة الوشيكة بداء "النوموفوبيا". وذهبت الأبحاث والدراسات في هذا المجال إلى حد وصف فئة الشباب المدمنين على استعمال الهواتف المحمولة الذكية "بجيل السبابة" ، وذلك نسبة إلى الاعتماد على السبابة أو البصمة لملامسة واجهة الجهاز "الطاكتيل"، وهي فئة لجأت، حسب المتتبعين إلى التعايش مع العالم الافتراضي كسلوك تعويضي للهروب من الواقع. وكان لهذا الأمر بالغ الأثر على التعلمات المعرفية والصيرورة التعليمية، وأفضت تداعيات الإدمان إلى غياب المهارات والمدارك والقدرات، وتحولت فئة الشباب المدمنين إلى أشخاص اتكاليين، يختصرون السبل للحصول على المعرفة الجاهزة عبر الوسائط المتوفرة بأجهزة الهواتف المحمولة. وثبت من خلال الأبحاث ذاتها أن حوالي 77 في المائة من مستخدمي الهواتف المحمولة من الفئة العمرية بين 18 و24 سنة، وحوالي 66 في المائة من الفئة العمرية، بين 25 إلى 34 سنة، لا يستطيعون الابتعاد عن هواتفهم المحمولة لثوان معدودة، فضلا عن كون النساء هنَّ الأكثر قلقا من فقدان هواتفهن المحمولة، إذ مَثَّلن ما نسبته 70 في المائة مقابل 61 في المائة من الرجال . وأوضحت دراسات مرتبطة بظاهرة "النوموفوبيا" أن ضحاياها يعانون الاكتئاب والتعلق المرضي، المرتبط بالإفراط في استعمال الهاتف المحمول، والالتصاق به، والخوف من ضياعه، وأن تعديل السلوك يؤول إلى الآباء وأولياء أمور الشباب المدمنين، وذلك من خلال خلق بدائل تخفف من حدة الاستعمال المفرط للهواتف المحمولة، والاستئناس إلى الكتب كوسائط لولوج عوالم المعرفة والفكر والثقافة، إلى جانب الانخراط في متعة التجمعات العائلية والجلسات الأسرية، وفتح قنوات الحوار والتواصل بين أفراد الأسرة، وكذا التحفيز على ممارسة النشاط الرياضي لمقاومة الالتصاق بالهاتف المحمول، وإذكاء روح الروابط الاجتماعية، ورفع التحدي من أجل تجاوز الأنا الإلكترونية .