متواضعة.. ذكية.. لطيف.. رقيقة الإحساس.. فصيحة ولبقة.. جميلة ومكافحة. تتعدد النعوت والأوصاف من الذين واللواتي سنحت لهم الفرصة في يوم ما لمقابلة حرم محمد السادس. تثير للا سلمى- سواء بالقفطان التقليدي أو باللباس العصري وبشعرها الأصهب المصفف بعناية، وبابتسامتها المشرقة والمشعة- الانتباه في كل خرجة من خرجات، التي تثير في الكثير من الأحيان التعليقات على المواقع وعلى المجلات الدولية ذات الأوراق المصقولة التي تعنى بالمشاهير، والتي تصنفها في صدارة قائمة «السيدات الأوليات الجميلات في العالم». وهي أبعد ما تكون عن مجرد ياقوتة ترصع تاج محمد السادس، بل جاءت بتجديد مهم داخل النظام الملكي الشريف. فهي أول زوجة ملك مغربي تحمل صفة ولقب أميرة وتصل إلى مرتبة السيدة الأولى. مع ذلك، لاشيء كان ينبئ بأنها سوف تتبوأ هذه المرتبة. فقد ازدادت سلمى بناني بتاريخ 10 ماي 1978 داخل أسرة من الطبقة الوسطى. وغادرت مسقط رأسها، مدينة فاس، بعد وفاة أمها وعمرها ثلاث سنوات. وترعرعت مع شقيقتها الأكبر سنا في شقة جدتها من أمها بالرباط قرب حي العكاري الشعبي. بعد فترة التمدرس في التعليم الخاص وبعد قضاء سنتين بالأقسام التحضيرية العلمية في الرياضيات بثانوية مولاي يوسف الحكومية بالعاصمة الرباط، انتقلت هذه الشابة إلى المدرسة الوطنية العليا للمعلوميات وتحليل الأنظمة بالرباط (ENSIAS) واحتلت فيها المرتبة الأولى في فوجها عند التخرج. في سنة 2000، وخلال قضائها فترة تدريب داخل مجموعة «أومنيوم شمال إفريقيا» (ONA)، التي اندمجت مع الشركة الوطنية للاستثمارات (SNI تكتل للشركات في ملكية الأسرة الملكية)، التقت محمد السادس. سنتان من بعد، تزوجها الملك الشاب في حفل زفاف جدير بحفلات ألف ليلة وليلة. زلزال اجتماعي القصة هي أقرب إلى الحكاية الخيالية مع ما تتضمنه من جوانب كلاسيكية. ولكنها في الواقع طليعية في المغرب. بمعنى آخر، يتعلق الأمر بزلزال اجتماعي. لم يبق من المحتوم على زوجة الملك العيش وراء النافذة، أو متخفية تحت النقاب كما كان عليه الحال بالنسبة لزوجات الملكين السابقين.على العكس من ذلك، فقد تم تقديم للا سلمى للشعب المغربي في صورة أفضل، كما أطلق عليها لقب أميرة مقترنة بصفة «صاحبة السمو الملكي»، وهو شرف مزدوج كان يخصص إلى حدود الآن لأبناء الملوك فقط. «إنه السيناريو المثالي». يعلق خبير في التواصل السياسي الذي يضيف أن «للا سلمى امرأة طبيعية وعادية، ومتعلمة ومتحررة وغير محجبة. وبالتأكيد، جميلة للغاية، وهي تمثل مستقبل المرأة المغربية التي يحلم محمد السادس بأن تكون، مستقلة وعصرية مع بقائها متعلقة بالتقاليد». منذ جلوسه على العرش في شهر يوليوز 1999، عمل نجل الراحل الحسن الثاني، باعتباره حدثي بالقناعة، على الحسم بشكل راديكالي مع أسلوب حياة والده وجده محمد الخامس، إذ كان «الحريم» خلال فترة حكمهما هو المكان المخصص لزوجاتهما، والذي كان يجب أن يبقى بعيدا وفي منأى عن أعين ونظرات العموم. «المرة الوحيدة التي شاهدنا فيها هؤلاء النساء من نوع خاص، كان خلال عملية نفي السلطان محمد بن يوسف (محمد الخامس من بعد) من طرف فرنسا في سنة 1953»، يتذكر أحد المؤرخين الذي يضيف أن «وسائل الإعلام الفرنسية كانت مبتهجة بتصوير السلطان المخلوع خارجا من قصره متبوعا بحريمه وهو في طريقه إلى المنفى. بالنسبة إلى فرنسا، يتعلق الأمر بتشويه سمعة هذا السلطان الذي تجرأ على المطالبة باستقلال بلاده، وذلك من خلال الكشف عن تقاليده البالية التي تتعامل بتمييز مع المرأة». بغض النظر عن الحريم، فإن الزيجات كانت داخل الأسرة الملكية أولا ذات طبيعة استراتيجية. وهكذا اختار الحسن الثاني، كما هو الحال بالنسبة لوالده محمد الخامس، امرأة أمازيغية تنحدر من تجمع لقبائل أمازيغية كبرى لكي تصبح أم أبنائه. في ذلك الزمن، كان الأمر يتعلق بالتخفيف من التوجهات الانشقاقية للأقاليم المتمردة. بيد أنه انطلاقا من بداية الثمانينيات، ومع البوادر الأولى للموجة الإسلامية الاحتجاجية المنطلقة من إيران، بدأ الحسن الثاني يضخ نوعا من الحس والمعنى السياسي في الزيجات الملكية. وكان ذلك بمثابة تطور غير مسبوق. وخلال زواج بناته الثلاثة، أصبح من الممكن رؤية الزوجات الشابات بوجه مكشوف. وكان ذلك بمثابة ازدراء أمير المؤمنين لهؤلاء «رجال الدين المتشددين الجدد» الذين بدؤوا بالفعل في الثرثرة بلحاهم الكثة. لقد استمرت زيجات بنات الحسن الثاني في الاستناد إلى استراتيجية الزواج الذي كان هدفه قبل كل شيء تقوية التماسك الوطني. وبدون استبعاد مع ذلك صدقية المشاعر إزاء زوجاتهم، كان أصهار الحسن الثاني – كل واحد على طريقته- يشكلون ا من التمثيلية لفسيفساء المغرب، حيث تعيش جنبا إلى جنب طبقات اجتماعية مختلفة. على سبيل المثال، يمثل فؤاد الفيلالي الذي تزوج بللا مريم سنة 1984 البورجوازية الفاسية التقليدية المنحدرة من تافيلالت، مهد الدولة العلوية. ويتوافق خالد بوشنتوف، الذي تزوج بللا أسماء سنة 1987 مع «ابن» الرأسمالية الشعبية البيضاوية. وفيما يتعلق بخالد بنحربيط، الذي تزوج في سنة 1994 من للا حسناء، فهو ينحدر من أسرة تنتمي إلى الأعيان في الجهة الشرقية (على أبواب الجزائر) بالإضافة إلى كونه ابن واحد من خدام الدولة الكبار.