تحاشى رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، ربط اسمه بأي موقف مما شهدته مصر في اليومين الماضيين من مجازر خلّفها التدخّل الأمني والعسكري ضد الإخوان المسلمين الذين كانوا يعتصمون للمطالبة بعودة الرئيس محمد مرسي البيان الذي أصدرته الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، حمل توقيع «العلبة السوداء» لرئيس الحكومة ونائبه الأول في قيادة الحزب، عبد الله بها. هذا الأخير قالت مصادر قيادية من الحزب، إنه هو من أشرف على إعداد البيان، «وبحكم الصفة التي يحملها بنكيران حاليا، فقد وقّعه بَهَا، لأن لهذا الأخير الصفة التي تسمح له بذلك». فيما غاب قياديو الحزب وجميع وزرائه الحكومة، عن الوقفة التي دعت إليها حركة التوحيد والإصلاح أول أمس أمام مقرّ البرلمان، رغم أن عددا من وزراء حزب المصباح هم أعضاء أو قياديون في الحركة. علما أن دعوات صادرة عن أعضاء حركة التوحيد والإصلاح خصّت وزراء العدالة والتنمية بالنداء من أجل المشاركة في الوقفة. فيما أصدرت وزارة الخارجية والتعاون التي يتحمّل مسؤوليتها الأمين العام السابق لحزب المصباح سعد الدين العثماني، بيانا محتشما قال فيه إن المملكة «تعبّر عن تأثرها وانزعاجها وتأسف للخسائر في الأرواح». بيان حزب العدالة والتنمية وصف التدخّل الأمني في مصر ب»السلوك الإجرامي»، واعتبر الحكام الجدد في أرض الكنانة «متغلّبين»، داعيا إياهم إلى التراجع «قبل فوات الأوان عن هذا النهج الذي سيؤدي الاستمرار فيه إلى دخول مصر إلى نفق مسدود قد يصعب الخروج منه». وذكّر حزب المصباح حكام مصرالحاليين بمسؤولياتهم أمام الله وأمام التاريخ، «إذ عليهم الرجوع إلى الشعب ليحكم برأيه كما تقتضي ذلك الديمقراطية ولا يتسببوا في ضياع وطن يعتبره التاريخ من حصون الأمة. وذهب بيان الأمانة العامة لحزب المصباح إلى القول إن «الحكام المتغلبين في مصر اليوم مازالوا مع الأسف يراكمون الأخطاء والخطايا بعضها فوق بعض بدءا بانقلابهم على الشرعية إلى العدوان على المواطنين المسالمين والأبرياء والقتل الشنيع والمكثف لتفريق الاعتصامات والمعتصمين السلميين عوض البحث عن حلول سلمية تحقن دماء المصريين وتعيد الاعتبار للشرعية باستفتاء ديمقراطي». رئيس الفريق البرلماني للمصباح، عبد الله بوانو، قال إن بشاعة مجزرة فض اعتصامَيْ ميدان النهضة ورابعة العدوية، تتطلب تفاعلا جديا من الحكومة والبرلمان «بالقدر الذي ينحاز للحق في التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي واحترام الإرادة الشعبية، لذلك أدعو الحكومة إلى تحمل مسؤوليتها، فالبلاغات لم تعد كافية، ولا يُعقل أن تتحرك في قضية مالي ولا تحرك ساكنا إزاء مجزرة النهضة ورابعة العدوية». كما دعا بوانو الفرق البرلمانية لأن تتحمل مسؤوليتها هي الأخرى، «وأدعوها للتفكير في مبادرات مشتركة منها الدعوة إلى دورة استثنائية وعقد جلسة خاصة وإصدار بيان باسم مجلس النواب والتحرك الديبلوماسي من خلال الشُّعب البرلمانية ومجموعات الصداقة».
«الكتاب» يندد و «البام» يحمّل المسؤولية للإخوان ردود الفعل الرسمية التي أصدرتها بعض الأحزاب السياسية، تراوحت بين التنديد الواضح بالاستعمال المفرط للقوة من طرف السلطات المصرية، وبين التلميح إلى مسؤولية الإخوان المسلمين عما وقع فجر أول أمس. بيان الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، عبّر عن «استنكاره المبدئي، وإدانته الشديدة، وشجبه القوي، لاستعمال القوة والعنف، بل وللذخيرة الحية، في مواجهة الاعتصامات والمظاهرات»، وشدّد حزب الكتاب على ضرورة الاحتكام، «حصريا»، إلى الطرق والوسائل السلمية لحسم الخلافات وتفادي سقوط مصر في حرب أهلية مدمرة. أما الناطق الرسمي باسم حزب الأصالة والمعاصرة، حكيم بنشماس، فتجنّب في تصريح رسمي له، ذكر التدخّل الأمني للسلطات المصرية، مفضلا الحديث عن «الانقسام» و»الأحداث الدامية» و»تفاقم التوتر»، ثم انتقل مباشرة إلى الحديث عن دعم الحزب «لحق الشعب المصري وإرادته الوطنية الكاسحة في إنجاز ثورته والتمتع بالاستقرار في كنف دولة مدنية ديمقراطية تحمي التعددية وتصون المؤسسات وتحتكم لآليات الديمقراطية في تدبير الاختلافات بعيدا عن كل أشكال الانزلاقات ومحاولة تسلّط فصيل سياسي على إرادة الشعب.»