حصل «اليوم 24» على معطيات جديدة بخصوص صفقة اللقاحات المثيرة للجدل، التي أبرمت في عهد وزيرة الصحة السابقة ياسمينة بادو سنة 2009. مصادر كشفت أنه مباشرة بعد إعلان وزير الصحة الحسين الوردي عن وجود اختلالات في الصفقة، وقعت زوبعة في الكواليس، وتحولت وزارة الصحة إلى محج لمسؤولين كبار في الشركة الأمريكية الفائزة بالصفقة، ووصل الأمر إلى حد تدخل السفير الأمريكي صامويل كابلان، الذي زار وزير الصحة في مكتبه، حيث عرض على الوزير طي الملف بإيجاد مخرج للقضية، كما تلقى الوردي اتصالات من سلطات عليا بهذا الشأن، وتحركت تحقيقات سرية من طرف الشرطة القضائية. ومباشرة بعد هذه الاتصالات بدأ وزير الصحة يخفف من لهجته، مكتفيا بالقول بأنه أحال ملف الصفقة على المجلس الأعلى للحسابات، هذا الأخير الذي أقبر الملف. فما هو الاتفاق الذي جرى بين الحسين الوردي ومختبر اللقاحات الأمريكي، التابع لشركة «كلاسكو سميث»، والذي تم بموجبه إعادة الاتفاق بخصوص هذه الصفقة، بما يؤدي إلى كسب 130 مليون درهم لخزينة الدولة؟ حسب مصادر مطلعة، فإن الوردي راسل الشركة الأمريكية في بداية يناير 2012، طالبا توقيف الشطر الثالث من الصفقة، ومباشرة بعدها، زراه في مكتبه مسؤول كبير في الشركة، وبحث معه تسوية، شريطة أن تبرم الوزارة الصفقة مع الشركة نفسها، وألا تلجأ إلى منظمة الصحة العالمية كما كان يلوّح الوردي. عناصر الصفقة تقضي بأن تقوم الشركة الأمريكية باستبدال مخزون من لقاح أنفلونزا الخنازير، كان لدى الوزارة، بلقاح الروطافيروس والبنوموكوك، وذلك لتغطية جزء من النقص الذي سينتج عن توقيف الصفقة سنة 2012، وهي عملية لم تكلف خزينة الوزارة أي مبالغ، وذلك إلى حين إبرام صفقة جديدة، ثانيا، أن يتم إعادة النظر في الصفقة نفسها وتخفيض كلفتها، بما يؤدي إلى ربح ميزانية الوزارة ل13 مليون درهم. كانت الشركة الأمريكية مهتمة بعدم المس بسمعتها، بسحب الصفقة منها، ولهذا قدمت كل هذه التسهيلات. ولهذا خرج وزير الصحة ليرد على من اتهمه بمنع استفادة 900 ألف طفل من اللقاحات، بالقول بأن اللقاحات موجودة، وأنه اتخذ كل الاحتياطيات، المرافقة لتوقيف الشطر الثالث من الصفقة. مصادر مطلعة كشفت أن الاعتبارات السياسية، غطت على زوبعة صفقة اللقاحات التي تمت تحت إشراف الكاتب العام السابق للوزارة رحال مكاوي، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستتقلال. فعدة قرارات حاسمة اتخذها الوزير لها صلة بالصفقة، كان يمكن أن تشكل مقدمة لإحالة الملف على القضاء، فمن جهة، تم إنجاز تقرير للمفتشية العامة لوزارة الصحة، وتم على إثره إعفاء رئيسة قسم التموين بالوزارة، على خلفية اختلالات الصفقة، واتخذ قرار سحب تفويض التوقيع من الكاتب العام قبل أن يتخلى عنه الوزير. مصدر مقرب من الوردي، فسر سبب عدم الذهاب بعيدا في كشف الاختلالات التي عرفتها هذه العملية، إلى «وجود حماية سياسية لمن أبرموا الصفقة»، في إشارة إلى عضوية كل من ياسمينة بادو، ورحال مكاوي، باللجنة التنفذية لحزب الاستقلال.
صفقة ب 423 مليون درهم تعتبر هذه أول مرة يلجأ فيها المغرب إلى اقتناء لقاحي روطافريوس، المقاوم للإسهال الحاد والقاتل لدى فئة الأطفال، والبنوموكوك، الخاص بمقاومة الأمراض التنفسية. الصفقة فازت بها شركتان سنة 2010 وهما مختبرات «غلاكسو سميت كلين جسكا» الأمريكية وشركة «مافار ماروك»، وهي تابعة للشركة الأمريكية. وبمقتضى الصفقة تقوم هذه الأخيرة بتوفير اللقاحات المضادة لفيروس «البنوموكوكسيك» بغلاف مالي قدره 68 مليون درهم، فيما تقوم شركة «مافار ماروك» بتوفير لقاح روطافيروس، بغلاف مالي قدره 355 مليون درهم. وهكذا مر شطران من الصفقة 2010 و2011، في الوقت الذي بقي فيه الشطر الثالث لسنة 2012، والذي أوقفه وزير الصحة مباشرة بعد توليه المسؤولية. مصادر من وزارة الصحة أشارت إلى أن هذا النوع من الصفقات عادة ما يتم عبر منظمة الصحة العالمية، التي تتدخل لاقتناء هذا النوع من اللقاحات لصالح الدول النامية بثمن أقل بكثير من كلفة صفقة ياسمينة بادو. بل هناك من يقول بأن الصفقة تجاوزت السعر المرجعي لكلفة اللقاحات التي تقتنيها منظمة الصحة العالمية بأربع مرات.