تراجع المغرب ثلاث مرات في سلم محاربة الرشوة خلال عام واحد، صادوق عبد السلام، الكاتب العام لتراسبرانسي، يقول إن السبب هو غياب إجراءات فعالة للحد من الظاهرة، بينما اعتبر بودرار عبد السلام رئيس هيئة الحماية من الرشوة أن التراجع شكلي. يبدو أن شعار محاربة الفساد الذي ترفعه حكومة بنكيران لم يعط أي نتائج على أرض الواقع، حيث جاء المغرب في المرتبة 91 من 177 دولة في سلم ترتيب مؤشر إدراك الرشوة الذي أطلقته منظمة الشفافية الدولية، ليتراجع بذلك المغرب ثلاث درجات عن المرتبة التي احتلها خلال السنة الماضية، هذا التصنيف الذي أعلنت عنه منظمة تراسبرانسي المغرب جاء بمناسبة إعلان منظمة الشفافية الدولية عن إطلاق مؤشر إدراك الرشوة برسم سنة 2013. ترانسبرانسي المغرب قامت بنشر تقرير عن حصيلة مركز الدعم القانوني ضد الرشوة لهذه السنة، حيث توصل التقرير بأن الجهة الأولى التي يتم تسجيل شكايات ضدها هي السلطات المحلية والإقليمية بنسبة 26 في المئة من مجموع الشكايات التي تقدم بها مواطنون للمركز، ثم تأتي مصالح الشرطة في المرتبة الثانية بنسبة 17 في المئة، أما قطاع الصحة فقد جاء في المرتبة الثالثة بنسبة 11 في المئة متبوعا بالدرك الملكي ب 10 في المئة، لتكون بذلك هذه القطاعات هي أكثر المرافق العمومية التي كان فيها المواطنون ضحايا لعمليات الرشوة، حيث أظهر التقرير أن 77 في المئة من المواطنين الذين قدموا شكاياتهم كانت حول الرشوة في العديد من المرافق العمومية، ثم تأتي مسألة استغلال النفوذ والشطط في استعمال السلطة كثاني مشكلة يشتكي منها المواطنون بنسبة 14 في المئة ثم انعدام الشفافية في تنفيذ المساطر الإدارية بنسبة 6 في المئة، وأخيرا اختلاس المال العام بنسبة 3 في المئة. كما تصدرت الرباط ترتيب المدن التي تم فيها تسجيل شكايات بخصوص الرشوة ب 605 شكايات ثم مدينة فاس ب103 شكاية من أصل 3426 شكاية تلقاها المركز خلال هذه السنة، لكن التقرير أشار إلى نقطة مهمة وهي أن العديد من القضايا لا يتم متابعتها بسبب عدم توفر الإثباتات أو المعلومات الكافية، أو شكايات معروضة أمام القضاء أو شكايات تنتظر استكمال المعلومات أو شكايات لا علاقة لها بالرشوة، كما تحدث التقرير عن 20 في المئة فقط، من المراسلات التي بعثها للجهات القضائية المختصة، والتي تمت الإجابة عنها، في حين لم تعرف باقي الشكايات طريقها للقضاء. من جهته، قال صادوق عبد السلام، الكاتب العام لترانسبرانسي المغرب إن السبب في تراجع ترتيب المغرب على مستوى محاربة الرشوة يعود إلى «كون الحكومة تكتفي بالخطابات فقط، وليس هناك أي إجراءات فعلية يمكن أن تحد من هذه الظاهرة كما أن مسألة الإفلات من العقاب لم تتعامل معها الحكومة بالجدية المطلوبة وهذا ما يشجع على انتشار هذه الظاهرة، لذلك، ترى المؤسسات الدولية بأن الحكومة غير جادة في الوقوف أمام الرشوة وهذا ما يجعلها تعطي المغرب هذا الترتيب»، صادوق نفى أن تكون الحكومة قد اتصلت بالمنظمة من أجل التشاور حول محاربة ظاهرة الرشوة مؤكدا على انفتاح المنظمة «إذا ما أرادت الحكومة أن تقدم لها التوصيات كما عليها إخراج جميع التقارير التي أنجزتها أجهزة المراقبة لمحاسبة المسؤولين وأن تضع استراتيجية وطنية لمحاربة الفساد في المغرب، لا أن يقتصر الأمر فقط، على مناسبات بعينها». وخفف عبد السلام بودرار رئيس هيئة الحماية من الرشوة من تراجع المغرب على مستوى محاربة الرشوة والفساد، وقال في تصريح ل«أخبار اليوم» إن المغرب حافظ خلال السنتين الأخيرتين على استقرار النقطة المحصل ليها والمحددة في 37 في المائة رغم التراجع الشكلي على مستوى الترتيب. ووصف بودرار خلاصات تقرير الشفافية الدولية ب»الانطباعية»، موضحا أن التقرير «بنى على انطباع الرأي العام حول الرشوة وليس حقيقية الرشوة». ودعا بودرار حكومة عبد الإله بنكيران إلى التسريع بإخراج استراتيجية واضحة المعالم وبأجندة محددة لا تقل أهمية عن استراتيجية المغرب الأخضر لمحاصرة الانطباعية السائدة في التقارير الدولية، واعتبر بودرار أن تأخر الحكومة في إخراج القانون المنظم لل»هيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها»، المنصوص عليها في الفصل 36 من دستور 2011، يعد جزء من المشهد الذي لا يساعد بشكل ملموس على محاربة. وقد حصل المغرب على تنقيط 37 على 100 ليكون بذلك تحت المعدل الذي تُحدِّده المنظمة والذي هو 43 نقطة؛ التقرير أظهر بأن أداء المغرب على مستوى محاربة الرشوة ليس بالجيد سواء على المستوى العربي وكذلك الإفريقي، حيث احتل المغرب المرتبة التاسعة عربيا مسبوقا بعدد من الدول كتونس والمملكة العربية السعودية والأردن، أما على الصعيد الإفريقي فقد جاء المغرب في المرتبة 17 في حين سجلت العديد من الدول الإفريقية تقدما ملحوظا على مستوى محاربة الرشوة من بينها غانا ورواندا وبوتسوانا التي جاءت في المرتبة الأولى إفريقيا. أما على الصعيد العربي، فقد جاءت الإمارات في المرتبة الأولى من حيث محاربة الرشوة، تليها دولة قطر، ثم البحرين في المرتبة الثالثة.