ذكر تقرير للهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، أن تفشي الرشوة بلغ ذروته على مستوى مراقبة السير على الطرق، مما يعطي الانطباع السيئ لدى الجمهور على أن التصدي لهذه الظاهرة يدخل في خانة المستحيلات. واستنادا إلى العديد من التقارير الدولية والإعلامية، أشار التقرير ،الذي تم تقديمه أمس بالرباط، ويتضمن حصيلة أنشطة الهيئة لمدة الستة أشهر الأولى من سنة 2009، إلى الصورة السلبية التي يعكسها الجهاز القضائي لدى المستثمرين لما يشوبه من ممارسات تمس استقلاليته ونزاهته، كما تم رصد بعض الممارسات اللاقانونية كذلك بالقطاع المصرفي والمالي تدل على خيانة الأمانة وانعدام الشفافية وغياب المساءلة وتضارب المصالح وسوء الحكامة. وبالنسبة إلى قطاع الصحة، فإن التشخيص المتضمن باستراتيجية وزارة الصحة برسم 2008/2012، يدل على وجود العديد من المخالفات والتجاوازت. وسجلت الهيئة من خلال إجراء دراسة تقييمية لبرنامج عمل الحكومة في مجال محاربة الرشوة (2005)، بعض مظاهر القصور، موضحة أن الترسانة القانونية والمؤسساتية رغم أهميتها تبقى غير كافية لمكافحة الفساد. وتوصلت الهيئة ب37 شكاية، ظهر من خلالها أن 36 في المائة منها لا تتعلق بأفعال من شأنها أن تشكل رشوة يعاقب عليها القانون. ويظهر من تصنيف الشكايات حسب الأفعال المرتكبة أنها تهم كلا من الرشوة والابتزاز واختلاس الأموال واستغلال النفوذ ومنح امتيازات غير شرعية، والعديد من القطاعات من بينها العدل والدرك والجماعات المحلية، والمالية والفلاحة والصيد البحري والنقل والجمعيات. وحول مصير الشكايات، والتبليغ عنها، ذكر التقرير أن الهيئة تعكف حاليا بالتعاون مع وزارة العدل على تحديد مسطرة متفق عليها . وأثناء تقديم الحصيلة، اعتبر عبد السلام بودرار، رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، أن ما ينتظر فعله من الهيئة غير مخول لها قانونا، لأنها تقتصر على مجال الوقاية. ولم يستبعد إحداث هيئة أخرى بالمغرب لها سلطة قضائية قوية أو منح صلاحيات أخرى للهيئة. وفي ما يتعلق بانتخابات 12 يونيو الماضي، أكد بودرار أن الهيئة لم تكن لها الوسائل الممكنة للخوض في مجال الانتخابات، وهو ما دفعها إلى الاكتفاء ببعض التوصيات التي بعثتها إلى وزارة الداخلية تؤكد على ضرورة الالتزام بالشفافية والنزاهة. وأوضح رئيس الهيئة، في جوابه عن أسئلة الصحافيين، أن الهيئة كانت تسعى إلى عقد لقاء مع كافة الأطراف السياسية من أجل إقناعها بالالتزام العلني بعدم اللجوء إلى المال والرشوة لكنها لم تستطع ذلك بسبب انشغالات السياسيين بالانتخابات. وتلقت الهيئة المركزية خلال هذه السنة طلب استشارة من لدن وزارتي العدل والداخلية حول مشروعي القضاء وإحداث نظام خاص بصفقات الجماعات المحلية. يذكر أن الرشوة بالمغرب توجد بحدة بين الموظفين بنسبة 95 في المائة، متبوعين بالنظام القضائي ب 80 في المائة والأحزاب السياسية ب53 والبرلمان 46 والقطاع الخاص 36 ووسائل الإعلام 28، حسب نتائج البارومتر العالمي 2009.