سنوات طويلة قضاها العربي عساوي مغتربا في الولاياتالمتحدةالأمريكية، بعيدا عن أفراد عائلته التي فقد الاتصال بها، عانى خلالها من العذاب أشكالا وألوانا بعدما وقع تحت رحمة شخص ادعى أنه يرغب في مساعدته ليقوم باستغلاله والتسبب في دخوله السجن. ولد العربي في مدينة تازة في أسرة مكونة من ثمانية أبناء، عاش سنوات طفولة هانئة قبل أن يتزوج وينجب طفلا. بدأت معاناته حين تركته زوجته التي أخذت معها ابنه الوحيد، وكان سنه لا يتجاوز العامين، الأمر الذي سبب له صدمة كبيرة وترك فراغا عززته وفاة والده، ليفكر في اللحاق بأخته التي كانت قد سافرت للدراسة لمدة سنة في جامعة أوكلاند بولاية ميشيغن الأمريكية. حصل العربي على تأشيرة تمتد صلاحيتها لستة أشهر، وبواسطتها تمكن من اللحاق بشقيقته التي احتفل رفقتها بمجرد وصوله ب"عيد الشكر" عام 1989 بدعوة من صديق لأحد أصدقائها. في ذلك الحفل التقى الشاب المغربي برجل اقترح عليه العمل لصالحه في مطعم ب"ناشفيل"، ومن دون تردد وافق العربي الذي كان يأمل في بدء حياة جديدة، ليكتشف لاحقا أن الرجل لا يريد سوى أن يستغله بأن يجعله يعمل بدون مقابل حيث وعده حينها بتجديد أوراق إقامته، وخوفا من أن يفقد عاملا مجانيا لم يتوان صاحب المطعم عن إقناع سيدة تزوجها العربي بأن تتركه، والأخطر من ذلك أن ذلك الرجل ارتكب عدة جرائم باسم العربي والتي قضى بسببها الأخير مدة تسعة أشهر في سجن لويزيانا. فقد العربي كل خيط قد يوصله إلى عائلته، ذلك أن شقيقته كانت قد عادت إلى المغرب، فاضطر بعد مغادرته السجن للقيام بأشغال بسيطة ليغطي ولو جزءا صغيرا من نفقاته، كما أصبح مدمنا على الكحول. قضى العربي سنوات طويلة على تلك الحالة إلى أن التقى يوما بالصدفة بشاب أمريكي أصبح صديقه وحمل على عاتقه مسؤولية لم شمله بعائلته. حسب ما رواه الشاب، سيث جونز، في تدوينة نشرها عبر حسابه الفيسبوكي، القصة بدأت حين التقى بالعربي في أحد الأيام قبل أربع سنوات حين كان يقلم أزهار حديقته الصغيرة. فبينما كان العربي مارا على متن دراجته لفتت انتباهه الطريقة التي كان جونز يقلم بها أزهاره ما دفعه للتوقف وتنبيه الشاب إلى أن ما يقوم به قد يدمر حديقته، وبعد حديث قصير عن طريقة تقليم الزهور سأل العربي جونز إن كان يحب الخضر فكان رد الشاب بالإيجاب، ليغيب بضع دقائق ذهب خلالها إلى بيته وعاد بعدها حاملا كيسا مليئا بالطماطم والفلفل والخيار، مد الشاب يده إلى جيبه وأخرج عشرين دولارا قدمها للعربي غير أن الأخير رفض بشدة، كما ظل يحضر يوميا كيسا مليئا بالخضر يضعه أمام بيت جونز. هكذا نشأت علاقة صداقة قوية جمعت بين العربي وجونز…أخيرا وجد الرجل شخصا مهتما بسماع قصته ومستعد لتقديم المساعدة له بعدما لم يكن له من صديق أو رفيق سوى كلب "شيواوا" لا يفارقه. بعد سماعه قصة العربي قرر جونز مساعدته للقاء أسرته، فلجأ إلى أحد المواقع حيث بحث عن العنوان الالكتروني لشقيقة العربي، وبالفعل عثر عليه وبعث إليها رسالة، فجاء الرد سريعا. أخيرا تمكن العربي من رؤية أفراد عائلته بعد فراق دام 26 عاما وذلك من خلال محادثة مصورة عبر موقع "سكايب". الخطوة الموالية كانت سفر العربي نحو المغرب ليلقى أسرته، ولكن ذلك لم يكن ممكنا لأنه فقد جواز سفره وكل الوثائق التي تثبت هويته. تطلب الأمر سنتين قام خلالهما جونز بكل ما يستطيع لاستخراج جواز سفر ووثائق جديدة للعربي. يوم الأحد الماضي وللمرة الأولى منذ 26 عاما التقى العربي بعائلته، حضن والدته وبكى بين ذراعيها وهي التي لم تكن تتمنى سوى رؤيته قبل وفاتها، التقى شقيقته التي فارقها ذات عيد شكر من عام 1989، كما رأى عددا من أبناء وبنات إخوته الذين يتابعون دراستهم اليوم في الطب والاقتصاد والهندسة والذين لم يكونوا قد وُلدوا حين غادر المغرب. قصة العربي تركت أثرا عميقا في نفس جونز الذي حرص على تشاطرها ليس فقط مع أصدقائه الافتراضيين الذين تفاعل الآلاف منهم معها، بل إنها وصلت إلى النجم العالمي، جورج كلوني، حيث نشر الشاب الأمريكي عبر حسابه الفيسبوكي أول أمس صورة لكلوني وأرفقها بتعليق أشار فيه إلى كون النجم العالمي يقرأ قصة العربي…ربما قد نرى يوما ما قصة العربي في فلم عالمي من بطولة كلوني أو غيره من نجوم هوليوود..لم لا؟ المهم أن النهاية ستكون سعيدة.