في الوقت الذي يستمر القانون الجنائي في اعتبار الاعتداءات الجنسية ضد الأطفال مجرد جنحة، تقل عقوبتها السجنية عن خمس سنوات، وقد لا تتجاوز سنتين سجنا، في حال عدم ثبوت استعمال العنف أو الإكراه من طرف المغتصب؛ كشف الرئيس الأول لمحكمة النقص، أعلى محكمة في النظام القضائي بالمغرب، والمرجع الأول للقضاة في مجال الاجتهادات القضائية، عن قرار غير مسبوق في تاريخ المغرب، أصدرته المحكمة، يقضي باعتبار أي جريمة اعتداء جنسي على قاصر جناية وليس جنحة، بغض النظر عن ثبوت استعمال العنف والإكراه من عدمه. مصطفى فارس قال، في حفل افتتاح السنة القضائية، صباح اليوم، إن المحكمة أسست لموقف قضائي هام بخصوص قضايا الاعتداء الجنسي على الأطفال غير المميزين، وانتهاك براءتهم، والتي قال إنها تتسم بصعوبة إثباتها وإثبات ظروفها المشددة، "حيث حسمت النقاش القضائي، معتبرة هذا الفعل جناية وليس جنحة، لأن ظرف العنف يكون مفترضا وثابتا مهما كانت الظروف في جرائم هتك عرض القاصرين غير المميزين الذين لا يمكن أن ننسب إليهم أي رضى أو قبول". وذهب فارس إلى أن هذا الموقف جاء "لينسجم مع دستور المملكة، وما تنص عليه العهود والمواثيق الدولية، وأغلب التشريعات العالمية الحديثة". الاجتهاد القضائي الجديد صدر في الوقت الذي يستمر القانون في التمييز بين اعتبار الاعتداء الجنسي ضد الأطفال مجرد جنحة في حال "رضى" الضحية وقبولها بالممارسة الجنسية، وتكييفه كجناية في حال وجود أدلة تثبت ممارسة العنف والإكراه. فارس قال إن "الاجتهاد القضائي الذي كرسته محكمة النقض بخصوص الاعتداءات الجنسية على الأطفال غير المميزين يتعين التفاعل معه تشريعيا من خلال تعديل المادة 485 من القانون الجنائي، واعتبار هتك عرض هؤلاء الضحايا جناية وليس جنحة، وذلك بافتراض وجود العنف، ولعدم إمكانية تصور وجود رضى من طرفهم".