في اليوم الذي يحتفل فيه مغرب بعيد الاستقلال، وفي سياق خاص يتسم بتصعيد غير مسبوق في الصراع الإقليمي الدائر حول الصحراء، تحولت ندوة نظمتها المنظمة الديمقراطية للشغل، الى محاكمة قاسية جلد فيها المتدخلون التعاطي الرسمي مع هذا الملف وزير حقوق الانسان السابق والناشط الحقوقي محمد أوجار، كان أول من افتتح "المحاكمة" بقوله إن السياسات الرسمية للمغرب في الصحراء، ركزت على الارض وأقامت المشاريع من طرق وموانئ ومطارات، لكنها نسيت الإنسان وبناء الانسان. أوجار قال إننا منذ سنوات ونحن نعيش على خطاب تطميني وإعلام يبيع للمغاربة رسالة مفادها ان الأوضاع في الصحراء متحكم فيها ووضعنا الدولي على أحسن ما يرام، "لدرجة ان هذا الخطاب ولد تكاسلا حزبيا وجمعويا ومجتمعيا، لكي نفاجأ في السنوات الاخيرة بان هذا الخطاب السياسي والدبلوماسي لا يصمد امام شراسة الواقع". أوجار عدد لائحة بالأخطاء التي قال إن المغرب ارتكبها في الفترة الاخيرة، ابرزها الضجة التي أقيمت ضد كريستوفر روس وسحب الثقة منه، ثم عودته المفاجئة، دون إشراك الاحزاب السياسية والفاعلين الجمهوريين الذين تم استنفارهم لمهاجمة روس. وشدد اوجار على ان الدولة "احتكرت تدبير ملف الوحدة الترابية، واسهامات الاحزاب والجمعيات كانت شكلية وفلكلورية وظلت مدعوة لتأييد المواقف الرسمية، فهل نحن امام مقدمات لشراك فعلي للدبلوماسية الشعبية؟ عشنا في مرحلة كان ادريس البصري يدير الملف، ثم اعتقدنا ان بوفاته سيتغير الوضع وسينتقل الى وزارة الخارجية، فما هي الجهة المسؤولة اليوم على تدبير الوحدة ترابية للمغرب؟ كيف ننسق هذا الموضوع وإذا اردنا المساءلة سنساءل من؟". النائبة البرلمانية الاتحادية المنحدرة من الصحراء، حسناء أبو زيد، عددت من جانبها أخطاء التدبير الرسمي لملف الصحراء، عنوانها "الأحادية" في تدبير الملف. "أحادية المبادرة الممركزة أسست لأعطاب بنيوية بعد ذلك، أولا أفقرت المشهد السياسي والجمعوي باستثناء بعض المبادرات، وكرست تباينات صعبة التجسير لانها حفرت هوات بين المشاركة الفعلية وبين ما آلت اليه بعد ذلك الظروف". أحادية المبادرة هذه، فصلت حسب حسناء أبو زيد، القضية الوطنية عن المعنيين المباشرين بها "وهو الشعب المغربي عبر ممثليه الاعتبارية والأحزاب والجمعيات والمثقفين والأكاديميين"، خطأ الأحادية في تدبير الملف جعل حسب النائبة البرلمانية الاتحادية، الموقف الرسمي يبدو دائماً متقدما على باقي الفاعلين، "فقد تحدث منذ زمن عن ساكنة تندوف ولم يقل مرتزقة أو محتجزين، وحاول الخطاب الرسمي ان يكون ذكيا وتحدث عن المغرر بهم، فيما بقي موقف الاحزاب والجمعيات في المرتزقة والعصابات، فتآكلت أية أهمية للمبادرات التي تتخذها"، وخلصت أبو زيد الى ان الخطاب الذي يسوقه المغرب حول الصحراء داخلي "لا يملك تأشيرة خارجية بل يقف عند شرطة الحدود، فيصعب قيادة معارك دبلوماسية في الخارج بخطاب لا يفهمه غيري". وذهبت النائبة المنحدرة من الصحراء الى ان المغرب حين يجلس الى طاولة المفاوضات ويحاور البوليساريو، فلأنه حتى الآن يمارس حق إدارة الى المناطق الجنوبي وليس سيادة، " وهو يفاوض لاستكمال سيادته في إطار القانون الدولي، أي ان أي انتهاك لحقوق الانسان على مستوى هذه المناطق لا يخضع لنفس الاعتبارات في الشمال أو الشرق أو جهة أخرى". الفاعل المدني كمال الحبيب قال من جانبه إننا "نتعامل مع اكثر من ثلاثين سنة من الأخطاء المتراكمة في هذا الملف"، أخطاء قال الحبيب إنها تتمثل في عدم الولوج الى الأخبار، والانفراد والتحكم في المفاوضات والتحاور دون إشراك المواطنين في هذا المسار، وعدم احترام الاختلاف الذي هو أساس الديمقراطية، "ثم بعض الإجراءات السياسية التي لا تخدم الموقف المغربي ولا تخدمنا في مواجهة الأطراف التي لها موقف معين، مثلا عيينا مع الدولة فقط كي لا تحاكم المتهمين في ملف اكديم ايزيك امام محكمة عسكرية، وهو ما أضعف موقفنا كثيرا امام الخارج". وأضاف كمال الحبيب أننا كمغاربة "رددنا كثيرا خطابات لا تخدم حل النزاع، مثل كل ما يتعلق بالتخوين، نطلب منكم إعادة النظر في المصطلحات من اجل خلق فضاءات للحوار وإعادة بناء الثقة، هذه مصطلحات لا تخدم حل النزاع وتجاوز الجمود الحالي". الأكاديمي منار السليمي تحدث من جانبه عن أخطاء في تدبير ملف الصحراء منها استمرار الدبلوماسي الرسمية في لعب دور الإطفائي الذي يتدخل بعد اندلاع النيران، وعدم فعالية الدبلوماسئة البرلمانية رغم الكلفة الكبيرة التي تتطلبها سنويا. السليمي ذهب الى اعتبار جلوس المغرب لمفاوضة البوليساريو خطا استراتيجيا، موضحا ان الجبهة لا تمثل ساكنة المنطقة، بالنظر الى الانتماءات والانحدارات القبلية لزعمائها. السليمي قال إن من يدافع عن الطرح المغربي في ملف الصحراء دوليا، هو بعض دول الخليج العربي و اليهود المغاربة الى جانب المجلس الوطني لحقوق الانسان، معتبرا ان الاحزاب السياسية غائبة. الكاتب الوطني للمنظمة الديمقراطية للشل، الذي أدار اللقاء، اعتبر مشكل الصحراء مندرجا في إطار مخططات دولية لتقسيم لمنطقة العربية الى دويلات جديدة، داعيا الى الانتباه الى هذه المخططات والتصدي لها.