موازاة مع الذكرى الخامسة لرحيل الشاعر الفلسطيني محمود درويش، للنشر للناقد الفلسطيني سمير الزبن كتاب بعنوان "قراءة مراثي محمود درويش". وتتمحور فكرة كتاب على المراثي التي يبكي من خلالها الشاعر الراحل مجموعة من الشخصيات العربية الفاعلة في الواقع. يعود سمير الزبن اليوم، من خلال كتابه "قراءة مراثي محمود درويش"، الصادر قبل أيام، لكل المراثي التي بكى من خلالها الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش، الذي رحل خلال غشت 2008، مجموعة من الشخصيات والمثقفين العرب. إذ يطرح من خلال هذه المراثي فكرة بالغة الأهمية في سياقين مهمين هما الشعر والحياة. ويعتبر أن أولئك الذين كتب محمود درويش يرثيهم هم، بشكل أو بآخر، رموز وشخصيات فاعلة في الحياة الواقعية، أي أنهم ينتمون هم أيضا إلى ذلك الفضاء الذي كرس درويش تجربته الشعرية وحياته برمتها للتعبير عنه، أي تراجيديا العصر، أو المأساة الفلسطينية. كما يركز الزبن في كتابه على محوري الحياة والشعر اللذان اعتاد الشاعر محمود درويش رثاءهم وكرس تجربته الشعرية بكاملها للتعبير عنهم بما فيهم المأساة الفلسطينية والتراجيديا العصرية. وتستند قراءة الزبن النقدية لكتاب "مراثي محمود درويش" على آراء الشاعر الراحل، ولا سيما إجاباته عن تساؤلات عبده وازن في حوار سابق جمع بينهما. يقدم الكتاب مقدمة نقدية مهمة يعرض من خلالها سمير الزبن رؤيته للعلاقة بين محمود درويش والمأساة الفلسطينية على نحو مختلف تماما. يبرع الشاعر من خلاله في ملامسة روح التجربة الشعرية، لأنه نجح أساسا في ملامسة روح التراجيديا الإنسانية التي انتمت إليها. إذ يستهل الزبن كتابه بالإشارة إلى تلك القصيدة المفصلية في تجربة الشاعر، بعد خروجه من فلسطين أوائل السبعينات "سرحان يشرب القهوة في الكافتريا"، ليرى بعد ذلك قصائد أخرى شكلّت محطات ومفاصل رئيسية في تجربته كلها ومنها "أحمد الزعتر"، التي يعتقد أنها شكلت التحول الثاني. لم تكن قراءة مراثي محمود درويش غائبة قبل هذا الكتاب، لكنها أخذت مكانها "المستقل"، وخصوصا أن واحدة منها على سبيل المثال لم يكتبها درويش كمرثية مستقلة في قصيدة مستقلة، بل جاءت كمقطع في سياق قصيدته الشهيرة الطويلة "مديح الظل العالي"، وأعني بها رثاءه للشهيد سمير درويش.