سخر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، من مبادرات الاتحاد الأوروبي للمساعدة في أزمة المهاجرين خلال زيارته التي طال انتظارها إلى بروكسل اليوم الاثنين، حيث غلب عليها في النهاية ولو جزئيا الخرق الروسي للمجال الجوي التركي قرب سوريا. وتباهى إردوغان- الذي يستعد لانتخابات برلمانية في أول نوفمبر تشرين الثاني- في خطابات أمام أنصاره، بسجل تركيا في استقبال مليوني لاجئ من سوريا والعراق، وقارن ذلك بالأرقام التي تدخل الاتحاد الأوروبي. وقال إردوغان في اجتماع بث عبر التلفزيون مع قادة أعمال من بلجيكا "، بينما نستضيف نحن 2.2 مليون لاجئ فإن أوروبا كلها تستضيف أقل من 250 ألف لاجئ." وكان قد قال لتجمع حاشد في ستراسبورج بفرنسا قبل أن يتوجه إلى بروكسل في وقت متأخر أمس الأحد "ماذا يقولون لنا؟، يا إلهي لا تفتحوا أبوابكم ولا تدعوهم يصلون لنا." وستثير هذه الخطابات الحادة قلق مسؤولي الاتحاد الأوروبي، الذين يأملون في إقناع إردوغان بإيواء المزيد من اللاجئين مقابل مساعدات، وتعكس كذلك غضبا تركيا مما تراه فشلا أوروبيا للمساعدة بشكل أكبر في الحرب الأهلية بسوريا سواء بالتدخل أو باستقبال مزيد من اللاجئين. لكن رغم تلك اللغة التي استخدمها إردوغان فإن مسؤولين أوروبيين كبارا ينتظر ان يلتقوه في وقت لاحق اليوم الاثنين، حيث يرجح أن يتجنبوا انتقاد رجل يعتبرونه محل شك متزايد بينما يسعون أن يساعدهم في حل أسوأ أزمة هجرة منذ تفكك يوغوسلافيا السابقة. وتأجلت زيارة إردوغان -وهي رسميا زيارة دولة لبلجيكا- عدة مرات، بسبب التوترات الناتجة عن تعثر مساعي تركيا للانضمام للاتحاد الأوروبي دائم الانتقاد لما يرى أنه تنامي نزعة الاستبداد لدى إردوغان. لكن في مؤشر على العلاقات القوية بين تركيا العضو بحلف شمال الأطلسي والغرب، وصف ينس ستولتنبرج الأمين العام للحلف الخرق الروسي للأجواء التركية بأنه "غير مقبول"، وطالب بعقد اجتماع للحلف على مستوى السفراء اليوم الاثنين. وقالت تركيا التي تملك ثاني أكبر جيش بين دول الحلف إن مقاتلة روسية دخلت أجواءها في الجنوب قرب الحدود السورية يوم السبت الماضي، ودفع أنقرة لإرسال طائرتين من نوع إف.16 لاعتراضها. كما استدعت أنقرة السفير الروسي لديها كإجراء احتجاجي. وقال ستولتنبرج بعد اجتماع مع وزير الخارجية التركي فريدون سينيرلي أوغلو في مقر حلف شمال الأطلسي ببروكسل "أطالب روسيا بالاحترام الكامل للمجال الجوي لحلف شمال الأطلسي ولتجنب تصعيد التوتر مع الحلف." وخلال اجتماعات ينتظر أن تحسم إن كانت أوروبا ستنال دعم إرودغان لخطة تهدف لوقف تدفق المهاجرين من تركيا، سيعقد الرئيس التركي محادثات مع رؤساء المؤسسات الثلاث الأساسية بالاتحاد الأوروبي، وهي البرلمان والمفوضية ومجلس الحكومات الأعضاء. ويقول دبلوماسيون إن التركيز خلال تلك الاجتماعات سينصب على كيفية التعامل بشكل أفضل مع تدفق المهاجرين الفارين من القتال، ووحشية تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق. وسيكون هذا أيضا في صلب المناقشات خلال اجتماع كبير في لوكسمبورج غدا الثلاثاء سيجمع دول الاتحاد الأوروبي وغرب البلقان وشرق البحر المتوسط. ويقول الاتحاد الأوروبي -الذي تعهد بتقديم مليار يورو على الأقل (1.1 مليار دولار) للاجئين السوريين في تركيا والأردن ولبنان ودول أخرى الشهر الماضي- انه يريد مساعدة تركيا لاستيعاب ودمج المزيد من المهاجرين على أراضيها، والتعاون بشكل وثيق مع اليونان لمنع تدفق المهاجرين بأعداد هائلة. وقال إردوغان إن تركيا أنفقت 7.5 مليار دولار لإيواء اللاجئين، وانتقد تقديم 417 مليون دولار فقط لبلاده كمساعدات أجنبية. وقالت صحيفة ألمانية يوم الأحد إن المفوضية الأوروبية الذراع التنفيذي للاتحاد الأوروبي اتفقت بالفعل على خطة مع أنقرة للحد من تدفق اللاجئين على أوروبا، عن طريق مراقبة حدود تركيا مع اليونان وإقامة معسكرات جديدة. لكن مسؤولا كبيرا بالاتحاد الأوروبي مشارك في المفاوضات مع تركيا، قال إن التقرير الذي نشرته صحيفة فرانكفورتر ألجماينه زونتاجتسايتونج، والذي عرض تفاصيل لستة معسكرات جديدة للاجئين تسع مليوني شخص، "لا يتفق مع تمت مناقشته." بل إن رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو رفض الحصول على تمويل من الاتحاد الأوروبي، وقال قبل أيام إن تركيا غير مستعدة لإنشاء "معسكرات غاز" للاجئين. والأكثر ترجيحا هو أن يعرض الاتحاد الأوروبي في الانتهاء من السماح للأتراك بالسفر إلى أوروبا دون تأشيرات دخول، وتقديم مساعدات مالية مقابل إنشاء مراكز لاستقبال طالبي اللجوء وربما السماح للسوريين بالعمل في تركيا.