يتوجه نحو عشرة ملايين ناخب يوناني اليوم الأحد الى صناديق الاقتراع في ثاني انتخابات عامة في ثمانية أشهر، والتي تشهد استقطابا حادا بين حزب اليسار الجذري (سيريزا) وحزب (الديمقراطية الجديدة) اليميني المحافظ. وافتتحت صناديق الاقتراع على الساعة السابعة صباحا وتغلق في السابعة مساء، وستعلن النتائج ثلاث ساعات بعد ذلك. ويشارك في الانتخابات 14 حزبا سياسيا وخمسة تحالفات فيما ترجح استطلاعات الرأي احتلال حزبي اليسار الجذري سيريزا والديمقراطية الجديدة الرتبتين الاوليتين مع عدم حصول أي حزب على الاغلبية المطلقة. وخاض الانتخابات السابقة ليناير الماضي 18 حزبا سياسيا وأربعة تحالفات. وبما أن نظام العتبة محدد في 3 في المائة من الاصوات لدخول البرلمان تتوقع استطلاعات الرأي ان تتمكن سبعة احزاب من دخول البرلمان وتحالف واحد هو للحزب الاشتراكي واليسار الديمقراطي. ويتكون البرلمان اليوناني من غرفة واحدة من 300 عضوا. وينتخب 250 نائبا بالاقتراع العام المباشر في 56 دائرة انتخابية عبر البلاد، ويحصل الحزب الذي يأتي في الصف الاول على المقاعد ال 50 الإضافية . وبعد سبعة أشهر على توليه السلطة إثر انتخابات 25 يناير الماضي، اضطر أليكسيس تزيبراس رئيس الوزراء السابق (سيريزا) للدعوة لانتخابات سابقة لأوانها بعد فقدانه الأغلبية البرلمانية في يوليوز الماضي إثر انشقاق داخلي للرافضين لخطة الانقاذ الثالثة بين اليونان والمانحين. وخلال الاشهر السبعة من حكم سيريزا الذي اكتسح انتخابات يناير بحصوله على 149 صوتا من اصل 300 وشكل حكومة مع حزب (اليونانيون المستقلون) القومي اليميني، أجرى مفاوضات عسيرة وشاقة مع المؤسسات المانحة (الاتحاد الاوربي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوربي) في وقت تفتقد فيه البلاد للسيولة وتعاني من شح الموارد ولم تستطع أداء مستحقات قروض للدائنين. وأظهرت المفاوضات استحالة وفاء سيريزا بوعوده الانتخابية وبالخصوص إلغاء سياسة التقشف التي ساهمت في رفع البطالة الى 26 في المائة وخفض الاجور بما بين 30 و50 في المائة كما لم ينجح في مساعي التخفيض من مديونية البلاد التي تبلغ 177 في المائة من الناتج الداخلي الخام. واضطر تزيبراس بعد قرب نفاذ السيولة في الابناك، ولجوء الحكومة لفرض إجراءات مراقبة الأموال بالسماح فقط لاصحاب الحسابات المصرفية بسحب 420 أورو اسبوعيا وهو الاجراء الذي لايزال متواصلا الى غاية الآن، اضطر الى القبول بالأمر الواقع وتوقيع اتفاق جديد تحصل بموجبه البلاد على قروض إضافية. ورفضت التيارات الأكثر تطرفا في سيريزا الاتفاق واعتبرته خيانة لتطلعات الشعب اليوناني، ورفعت شعار التشكيك في مبادئ الوحدة الأوربية ودعت للخروج من منطقة الأورو واعتماد عملة وطنية كسبيل أنجع للانتهاء من المشاكل الاقتصادية العميقة لليونان، غير أن هذا المطلب يظل مرفوضا سياسيا ومجتمعيا فغالبية اليونانيين لا يريدون الخروج من منطقة الأورو مهما كلفهم ذلك من ثمن. وأسس المنشقون عن سيريزا حزبا جديدا هو (الوحدة الشعبية) جر إليه نسبة هامة من أصوات اليسار غير ان سيريزا يظل رغم ذلك محتفظا بشعبية ترشحه لاحتلال الرتبة الأولى في انتخابات اليوم، متبوعا بالديمقراطية الجديدة اليميني المحافظ وذلك وفق آخر استطلاعات الرأي. ويقول أليكسيس تزيبراس انه يفضل تجديد تحالفه مع حزب (اليونانوين المستقلون) غير أن استطلاعات الرأي لا تعطي للحزب الاخير أي مقعد وتتوقع الا يصل الى عتبة 3 في المائة. وأمام صعوبة حصول أي من سيريزا أو الديمقراطية الجديدة على الاغلبية المطلقة تبقى الأنظار موجهة لحزب (النهر) كحليف محتمل لتشكيل الحكومة، وكذلك تحالف الحزب الاشتراكي واليسار الديمقراطي الذي تشير استطلاعات الراي لاحتلاله الصف الرابع خلف الحزب النازي الجديد (الفجر الذهبي) الذي ما تزال شعبيته في تزايد على الرغم من كون غالبيته قادته في السجن على خلفية قضايا جنائية كما ان غالبية نوابه يتنافسون في هذه الانتخابات وهم خلف القضبان . وضاعف الحزب النازي الجديد مؤخرا من شعبيته مستفيدا من التدفقات المتزايدة للمهاجرين على الجزر اليونانية وتفاقم الازمة الاقتصادية مع تواصل تطبيق اجراءات الحد من السيولة.