رغم تصاعد المبادلات التجارية المغربية مع إفريقيا في الآونة الأخيرة، حيث أكد مكتب الصرف أن الصادرات كما الواردات المغربية حققت، وللسنة الرابعة على التوالي، ارتفاعا ملحوظا، إلا أن المغرب لم يصدر لبلدان القارة الإفريقية سوى ما قيمته 17 مليار درهم، في حين فاقت قيمة المنتجات التي استوردها 20 مليار درهم، أي أن العجز التجاري المغربي داخل القارة السمراء يزيد عن 3 مليارات درهم (300 مليار سنتيم). وأفاد التقرير أن نصف واردات المغرب هي من البترول وبعض المحروقات الأخرى. وفي تعليقه على هذه الأرقام، قال الأستاذ الجامعي والمحلل الاقتصادي، عمر الكتاني، إنه رغم هذا العجز التجاري المسجل مع البلدان الإفريقية، إلا أن تحليل معطيات مكتب الصرف يفيد بأن المغرب استورد أزيد من 10 مليارات درهم هي عبارة عن مواد نفطية، أي أن نصف واردات المغرب من إفريقيا هي مواد طاقية، في حين أن ما تبقى، أي ال10 مليارات درهم، هي منتجات ومواد مختلفة، وهو ما يعني أن الميزان التجاري مع إفريقيا هو في صالح المغرب إذا ما استثنينا البترول باعتبار المغرب لا يملك نفطا، وبالتالي فالقيمة المضافة لمنتجات المغرب أصبح لها صيت داخل القارة الإفريقية، من خلال تصدير أزيد من 17 مليار درهم. وشدد الكتاني في تصريح ل « اليوم24» أن المستقبل هو لصالح المنتجات المغربية التي أصبحت تغزو القارة الإفريقية قبل سنوات قليلة، واستطاعت تكسير الهيمنة الأوربية وخاصة الفرنسية، حيث أشار المحلل الاقتصادي إلى أن جميع الصادرات التي كانت تستقبلها القارة الإفريقية كانت تمر عبر ميناء مرسيليا الفرنسي قبل سنوات، لكن الآن أصبح للمغرب منفذ على أسواق إفريقية بصورة مباشرة. وشدد الكتاني على أن المغرب لم يستطع الحد من تبذير الطاقة باعتباره مستوردا لها، حيث فتح المجال مثلا للشركات الأجنبية لبيع منتجاتها من السيارات الفردية التي تستهلك الكثير من الطاقة، في حين أن الحكومات المتعاقبة لم تول للنقل العمومي أهمية خاصة، لأنه موفر جيد للطاقة، والمغرب يحتاج بشكل عاجل تطوير نقله العمومي. وبالرجوع إلى إحصائيات مكتب الصرف، يفيد التقرير بأن المملكة استوردت من بلدان المغرب العربي ما مجموعه 13 مليار درهم خلال السنة الماضية، بينما لا زالت صادرات المغرب لكل من الجزائروتونس وموريطانيا وليبيا لم ترق بعد إلى قيمة ما تم استيراده، حيث لا تتعدى 4,5 مليار درهم. وفي التفاصيل، يستورد المغرب من الجزائر ما قيمته 11 مليار درهم، في حين أن صادرات المغرب لهذا البلد الجار لا تتعدى 1,7 مليارات درهم، أي أن العجز التجاري مع الجزائر يقارب 9.3 مليار درهم، في حين استطاع المغرب تقليص عجزه التجاري مع تونس، من خلال استيراد ما قيمته 1,7 مليار درهم، وتصدير منتجات بقيمة 885 مليون درهم فقط. والأمر معكوس بالنسبة لليبيا، التي صدرنا إليها ما مجموعه 306 مليون درهم، واستوردنا ما قيمته 185 مليون درهم. هذه الأرقام تقفز إلى مستويات أكبر حينما يتعلق الأمر بالمبادلات التجارية مع دول أوربا، حيث أكد تقرير مكتب الصرف أن المغرب استورد من القارة العجوز ما قيمته 386 مليار درهم، في حين أن المغرب لم يصدر سوى 135 مليار درهم، أي أن العجز التجاري يفوق 251 مليار درهم. وتتربع إسبانيا على رأس البلدان التي يستورد منها المغرب، حيث بلغت قيمتها 51,6 مليار درهم، كما استطاعت المملكة تصدير منتجات بقيمة 44 مليار درهم. وتحتل فرنسا الرتبة الثانية بما قيمته 51.3 مليار درهم كصادرات للمغرب، واستوردت فرنسا 41 مليارا من المنتجات المغربية.