شهدت الأسابيع الأخيرة انطلاق حملة لتوقيف وعاظ دينيين ومرشدات متخصصات في تأطير النساء داخل المساجد، من بينهم منتمون إلى حركة التوحيد والإصلاح. مصادر من مدن مختلفة أكدت ل « اليوم24» تسجيل عدد كبير من حالات التوقيف، غلب عليها في بعض المدن انتماء المعنيين بها إلى الذراع الدعوي لحزب العدالة والتنمية. أحد تلك المصادر تحدّث عن أكثر من 10 حالات توقيف بمدينة مكناس، جلّها لمرشدات تنتمين إلى حركة التوحيد والإصلاح، فيما قال مصدر آخر إن حالات بمدن أخرى، من بينها العاصمة الرباط، همّت توقيف مؤطرات لمحو الأمية، ومرشدين دينيين يرافقون الحجاج، حيث توصّل بعضهم باتصالات من وكالات الأسفار تخبرهم باعتراض وزارة السياحة على مشاركتهم في تأطير الحج الذي ينطلق خلال أسابيع، بفعل انتمائهم إلى حركة التوحيد والإصلاح. وفي الوقت الذي كان فيه هاتف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية خارج الخدمة طيلة صباح أمس، قال مصدر مسؤول بإحدى مندوبيات الوزارة إن الأمر «لا يتعلّق بقرار أو حملة، بقدر ما هو تفعيل للظهير الملكي الأخير الذي يمنع الجمع بين مهام الوعظ والإرشاد والانتماء السياسي، وتطبيق المقتضيات القانونية والضوابط الخاصة بالحقل الديني». وفيما أكّد رئيس حركة التوحيد والإصلاح، عبد الرحيم الشيخي، توصّله مؤخرا بعدد من حالات التوقيف، قال ل»أخبار اليوم» إنه ومن خلال توالي تلك الحالات «لا يمكن القول إن الأمر يستهدف المنتمين إلى حركة التوحيد والإصلاح، أو فيه أي خرق للقانون والقواعد المعمول بها». الشيخي قال الحالات التي وقف عليها تتمثل في «مساعدين في التأطير، وليسوا وعاظا يتوفرون على تزكية وترخيص المجلس العلمي المحلي». وأضاف الشيخي أن عددا من مندوبيات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية اعتبرت هؤلاء الوعاظ والمرشدين في حالة غير قانونية، «وتباينت الاجتهادات المحلية، حيث هناك من دعا إلى توقيفهم، بينما هناك من طالبهم بالتوجّه إلى المجالس العلمية المحلية من أجل الحصول على التزكية، تفاديا لوقوع خصاص في التأطير الديني محليا». وفسّر الشيخي عدم صدور أي ردّ فعل من جانب الحركة أو الأشخاص المعنيين بالتوقيف، بكون الأمر يتعلّق «بمتطوّعين كانت الجهات المسؤولة تقبل التعامل معهم بهذه الطريقة، لكنها قررت التوقف عن ذلك، وهو ما يعتبر سليما من الناحية القانونية، خاصة أنه شامل ولا يهم المنتمين إلى الحركة فقط». رئيس المجلس العلمي المحلي لمدينة تمارة، لحسن السكنفل، قال ل»أخبار اليوم» إن الأمر لا يدخل في مجال اختصاص المجالس العلمية المحلية، بل في مجال اختصاص المندوبيات الجهوية والإقليمية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. وأوضح السكنفل أن جميع من يمارسون الوعظ في المساجد يطالبون بالحصول على تزكية المجالس العلمية، بمن فيهم المتطوّعون. وعن طريقة منح هذه التزكية، قال السكنفل إنها تتم عبر اجتياز امتحان ومقابلة مع لجنة علمية، تنظر في مستواهم العلمي، بالإضافة إلى جانب الثوابت الوطنية. «فإذا تم التأكد من أهلية المرشح من الناحية العلمية، وفي الجانب الخاص بالثوابت، زد على ذلك الجانب الأخلاقي، نقوم برفع الأمر إلى الأمانة العامة للمجلس العلمي الأعلى، الذي يوافق عليها، ليبقى التعيين مرتبطا بوجود الحاجة والخصاص، مع التنبيه إلى أن الأمر لا يتعلّق بوظيفة، بل بمهمة فقط». وبخصوص ما إن كان صدور الظهير الملكي الأخير الذي منع الجمع بين الوظائف الدينية والانتماء السياسي قد أحدث وضعا جديدا، قال السكنفل إن «الأمر قديم، والظهير الملكي جاء لتأكيده فقط، فالمنابر والمساجد ليست مجالات لترويج القناعات الشخصية، والإمام أو الواعظ يكون للأمة، ويقوم بما يجمع لا بما يفرّق، والقناعات الشخصية لها مجالها خارج المساجد».