مع كل احتفال بعيد العرش في المغرب، يتجدد الجدل حول طقوس حفل الولاء، ورغم الدعوات المتكررة التي وصلت إلى حد الاحتجاج أحيانا من قبل بعض النشطاء ضد طقس "الركوع" الذي يصاحب حفل الولاء يوم 31 يوليوز من كل سنة، منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش، إلا أن هذه الطقوس بقيت كما كانت دون أن تصلها رياح الحداثة. وحفل الولاء، في ظل عالم أصبح قرية صغيرة بفعل الأنترنت وتعاظم دور وسائل الإعلام الحديثة، أصبح يشكل "حرجا" لنظام محمد السادس في الخارج، حيث لا يستوعب المتتبعون في مختلف دول العالم حرص النظام على عدم تجديد مثل هذه الطقوس، التي لم يتردد بعض في وصفها بأنها تعود إلى القرون الوسطى، رغم اعتماد دستور جديد، اعتبر بمثابة "عقد اجتماعي" بين الملك والشعب. بنكيران: تغيير طقوس حفل الولاء يجب أن يتم بتوافق مع الملك ولم يتردد رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران في التعبير عن انزعاجه من الطقوس المرافقة لحفل الولاء، حيث أكد أكثر من مرة دعوته إلى تجديد البروتوكول الخاص بحفل الولاء. ولم يكتف بنكيران بالدعوة إلى تجديد بروتوكول حفل الولاء، بل إنه خاطب المدعويين إلى الحفل ذات مرة في حوار على قناة الجزيرة "أقول للذين يبالغون في الانحناء، ارفعوا رؤوسكم" في إشارة إلى الذين يقبلون يد الملك محمد السادس داخل القصر لتقديم فروض الطاعة والولاء. كانت هذه التصريحات قبل تجربة حكم بنكيران، الذي أصبح رئيسا لأول حكومة بعد دستور 2011، أما الآن، فقد خفف من حدة "انتقاذه" لهذه الطقوس، حيث في لقاء تواصلي نظمته معه مؤسسة الفقيه التطواني، أخيرا، إنه لم يغير رأيه في موضوع تغيير حفل الولاء، لكن ذلك يجب أن يكون بتوافق مع الملك، وليس من خلال التنازع معه. البيعة مجرد أداة تزكية وشرعنة للسلطة القائمة ويرى عبد الرحيم العلام، الباحث في العلوم السياسية والفكر الإسلامي، أن الواقع المغربي يثبت أن البيعة استحالت إلى مجرد أداة تزكية وشرعنة للسلطة القائمة، وذلك من خلال مجموعة من الطقوس التي جعلت البيعة عبارة عن مسطرة شكلية تؤكد الواقع ولا تؤثر فيه. واستغرب العلام في حديث مع موقع "اليوم 24" تمسك النظام السياسي المغربي بمجموعة من الطقوس والأساليب التاريخية في الحكم، رغم إقرار دستور ينظم انتقال الحكم بين الملك وولي عهده، مضيفا أنه إذا كان الدستور قد قنن عملية انتقال السلطة عبر توارث الحكم، وأن البيعة أو الولاء لن ينشأ حاكما جديدا، وإنما شرعنة واقع قائم، فلماذا يصر البروتوكول الملكي على تلك الكرنافلات التمظهرية، التي تزيد الواقع السياسي المغربي تأزما وتعكس صورة سلبية للمغرب في الخارج، وتجعل المغاربة عرضة للفرجة والتنكيت؟ يتساءل العلام. النظام لن يتخلى عن طقوس البيعة وحفل الولاء ومن جهته، يرى الباحث المغربي محمد شقير أن طقوس البيعة وحفل الولاء تعكس جوهر وحقيقة النظام السياسي في المغرب والعصي عن التحديث. وأوضح شقير في تصريح ل"اليوم 24″ أن البيعة في المغرب لاتزال فوق الدستور، فهي التي يستمد منها نظام الحكم شرعيته، مضيفا أن الدستور ليس سوى أداة تقنية لتلميع الصورة لدى الخارج، في مقابل الحفاظ على الجوهر التقليداني لنظام الحكم في المغرب الذي يعكسه حفل الولاء بوضوح. وأكد شقير أن تغيير بروتوكول حفل الولاء لا يتعلق بشخص الملك في حد ذاته، بل بفكر المنظومة السياسية القائمة على المحافظة. وأشار الباحث المغربي إلى أن النظام لا يمكن أن يتخلى عن طقوس حفل الولاء رغم الانتقادات والاحتجاجات التي أثيرت ضده من قبل الكثيرين، خصوصا مع انطلاق حركة 20 فبراير. كما يرى شقير أن تشبث النظام بطقوس حفل الولاء يعود إلى دلالاته الرمزية التي ترسخ هيبة وهالة السلطان، حيث يمتطي الملك فرسا ويستظل بمظلة في إشارة إلى ارتباطه بالسماء أكثر من ارتباطه بالأرض، موضحا أن حفل الولاء يدل على أن الملك لايزال يستمد شرعيته من السماء والإله أكثر من الأرض والقانون الوضعي.