أخنوش أصبح يتحرك في المجالات الملكية مستبقا انتخابات 2026.. (صور)    الجزائر تتجه نحو "القطيعة" مع الفرنسية.. مشروع قانون لإلغائها من الجريدة الرسمية    الصين: ارتفاع الإيرادات المالية بنسبة 1,3 بالمائة في 2024    فرص جديدة لتعزيز الاعتراف بالصحراء المغربية في ظل التحولات السياسية المرتقبة في كندا والمملكة المتحدة    تعيين أكرم الروماني مدربا جديدا لنادي المغرب الرياضي الفاسي    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد    كل ما تحتاج معرفته عن داء "بوحمرون": الأسباب، الأعراض، وطرق الوقاية    سقوط قتيل وإصابات في جنوب لبنان    ترامب يقترح خطة لترحيل سكان غزة    وزارة التعليم تكشف تقدم حوارها مع النقابات في القطاع    وضعية السوق العشوائي لبيع السمك بالجملة بالجديدة: تحديات صحية وبيئية تهدد المستهلك    منتدى الصحافيين والإعلاميين الشباب يجتمع بمندوب الصحة بإقليم الجديدة    تلميذ يرسل مدير مؤسسة تعليمية إلى المستشفى بأولاد افرج    معرض القاهرة الدولي للكتاب .. حضور وازن للشاعر والإعلامي المغربي سعيد كوبريت في أمسية شعرية دولية    لقاء ينبش في ذاكرة ابن الموقت    الولايات المتحدة.. طائرات عسكرية لنقل المهاجرين المرحلين    الخارجية الأمريكية تقرر حظر رفع علم المثليين في السفارات والمباني الحكومية    طنجة.. حفل توزيع الشواهد التقديرية بثانوية طارق بن زياد    بطولة إيطاليا لكرة القدم .. نابولي يفوز على ضيفه يوفنتوس (2-1)    إسرائيل تفرج عن محمد الطوس أقدم معتقل فلسطيني في سجونها ضمن صفقة التبادل مع حماس    تدشين وإطلاق عدة مشاريع للتنمية الفلاحية والقروية بإقليمي تطوان وشفشاون    الدفاع الحسني الجديدي يتعاقد مع المدرب البرتغالي روي ألميدا    تفكيك شبكة تزوير.. توقيف شخصين وحجز أختام ووثائق مزورة بطنجة    ملفات التعليم العالقة.. لقاءات مكثفة بين النقابات ووزارة التربية الوطنية    الكشف عن شعار "كان المغرب 2025"    أغنية "Mani Ngwa" للرابور الناظوري A-JEY تسلط الضوء على معاناة الشباب في ظل الأزمات المعاصرة    استمرار الأجواء الباردة واحتمال عودة الأمطار للمملكة الأسبوع المقبل    أوروبا تأمل اتفاقا جديدا مع المغرب    القنصلية العامة للمملكة بمدريد تحتفل برأس السنة الامازيغية    هوية بصرية جديدة و برنامج ثقافي و فني لشهر فبراير 2025    حصار بوحمرون: هذه حصيلة حملة مواجهة تفشي الوباء بإقليم الناظور    أيوب الحومي يعود بقوة ويغني للصحراء المغربية    هذه خلاصات لقاء النقابات مع وزارة التربية الوطنية    ملتقى الدراسة في إسبانيا 2025: وجهة تعليمية جديدة للطلبة المغاربة    الجمعية المغربية للإغاثة المدنية تزور قنصليتي السنغال وغينيا بيساو في الداخلة لتعزيز التعاون    أداء الأسبوع سلبي ببورصة البيضاء    فريدجي: الجهود الملكية تخدم إفريقيا    جبهة "لاسامير" تنتقد فشل مجلس المنافسة في ضبط سوق المحروقات وتجدد المطالبة بإلغاء التحرير    وزارة الصحة تعلن عن الإجراءات الصحية الجديدة لأداء مناسك العمرة    الأميرة للا حسناء تترأس حفل عشاء خيري لدعم العمل الإنساني والتعاون الدبلوماسي    من العروي إلى مصر :كتاب "العناد" في معرض القاهرة الدولي    فعاليات فنية وثقافية في بني عمارت تحتفل بمناسبة السنة الأمازيغية 2975    وزارة الصحة تعلن أمرا هاما للراغبين في أداء مناسك العمرة    إطلاق أول مدرسة لكرة السلة (إن بي أي) في المغرب    السياحة الصينية المغربية على موعد مع دينامية غير مسبوقة    المغرب يفرض تلقيحاً إلزاميًا للمسافرين إلى السعودية لأداء العمرة    مونديال 2026: ملاعب المملكة تفتح أبوابها أمام منتخبات إفريقيا لإجراء لقاءات التصفيات    لقجع.. استيراد اللحوم غير كافي ولولا هذا الأمر لكانت الأسعار أغلى بكثير    الربط المائي بين "وادي المخازن ودار خروفة" يصل إلى مرحلة التجريب    "حادث خلال تدريب" يسلب حياة رياضية شابة في إيطاليا    ريال مدريد أكثر فريق تم إلغاء أهدافه في الليغا بتقنية "الفار"    اثنان بجهة طنجة.. وزارة السياحة تُخصص 188 مليون درهم لتثمين قرى سياحية    بالصدى .. بايتاس .. وزارة الصحة .. والحصبة    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة ديمقراطية أثينا
نشر في اليوم 24 يوم 14 - 07 - 2015

من مفهوم »حكم الشعب« إلى مفهوم »حكم الشعب بالشعب« إلى مفهوم »حكم الشعب بالشعب وللشعب»، بقي الشعب أساس الديمقراطية، حتى قيل بالديمقراطية الشعبية تدليلا على إرادة أفراد الشعب في اختيار الحكام والمحكومين. ومع تعاقب التجارب السياسية والقانونية في حكم الدول، ومع بروز دور الدين في تنظيم شؤون المجتمع والعامة من الناس، صارت للديمقراطية قيم، أو معايير إنسانية حضارية، هي بمثابة دليل عام على سيادتها وسعي الجمهور إلى بلوغها. بيد أن تطبيقات الديمقراطية أثارت إشكاليات متراكمة. فلم تعد الديمقراطية المباشرة متيسرة من الناحية العلمية، مع زيادة عدد أفراد الشعب، أي أن ديمقراطية أثينا القديمة صارت مستبعدة. لذلك شرح روسو فكرة الديمقراطية التمثيلية، حيث تفوض الأمة إلى ممثليها بالانتخاب بعض الشؤون التشريعية أو السياسية، ومن هنا انبثقت فكرة الوكالة النيابية.
لكن المتأمل اليوم في التجربة اليونانية، واختبار المواجهة والصمود بسلاح الاستفتاء الشعبي، بعد أن صوت اليونانيون بالاستفتاء الشعبي ب»لا» بنسبة 61.31%، ضد إجراءات التقشف التي يطالب بتنفيذها المقرضون الدوليون، مقابل إبرام اتفاق بشأن ديون اليونان، يتابع »تاريخا جديدا لأوروبا يُكتب اليوم بِمداد الشعوب«، على قول الأستاذ عبد العلي حامي الدين. اليوم الاتحاد الأوروبي يضع يده على قلبه خشية انتقال عدوى نجاح سيريزا إلى بقية الدول الأوربية، وهو الذي لازال يعيش على وقع الأزمة الأوكرانية وتداعياتها على مشروع أوروبا الموحدة، وكذلك تخوفه من جراء الاستفتاء البريطاني المنتظر لسنة 2017، حول استمرار بريطانيا في الاتحاد الأوروبي أو الانسحاب منه.
كان الحدث في اليونان، ولأول مرة في تاريخ تجربة الاتحاد الأوروبي، دولة عضو يفوز فيها حزب يساري راديكالي في الانتخابات العامة ويتبوأ السلطة، ويصبح زعيمه أليكسس تريبراس أصغر رئيس وزراء يتولى المنصب في اليونان منذ 150 عاما. فرغم رغم صغر سنه (40 سنة)، وحداثة حزبه الذي تأسس سنة 2004، استطاع أليكسس أن يكوّن حكومته في مدة وجيزة بالتحالف مع حزب اليونانيين المستقلين. هو فوز اعتبره محللون ألمان بمثابة »فوز الغضب على الخوف وفوز الوهم على العقل«، في إشارة إلى أن سياسة التقشف هي السبب الرئيسي في هذا الحدث.
فبعد أربع سنوات من عدم الاستقرار، ومن سياسات تقشفية قاسية مفروضة من «الترويكا» المتنفذة (الاتحاد الأوروبي، البنك الأوروبي، صندوق النقد الدولي) على اقتصادات الدول المأزومة (اليونان، إسبانيا وفرنسا…)، فجأة يدخل على الخط عامل جديد لم يكن مطروحا أمام سادة أوروبا الجدد، موجة يسارية جارفة حملتها صناديق الاقتراع، عنوانها رفض الاستراتيجيات الهيمنية ل»الترويكا» المتنفذة، والإعلان عن ميلاد مرحلة جديدة تتجاوز في معالجتها للأزمة مظاهرها السطحية إلى عمق أسسها الكامن في النموذج الرأسمالي.
بعد هذه السياسة التقشفية القاسية وجد أليكسس تريبراس نفسه أمام وصفة إصلاح جاهزة تفرض على الاقتصاد اليوناني خطوات تؤدي إلى تحرير إضافي لسوق العمل، تخفيض المعاشات، تخفيض إضافي في أجور القطاع العام والزيادة في ضريبة القيمة المضافة الخاصة بالغذاء، والسياحة والمطاعم، بالإضافة إلى إلغاء الإعفاءات الضريبية الخاصة بالجزر اليونانية، كل هذا مع ضرورة سداد 1,6 مليار أورو لصندوق النقد الدول بشكل عاجل.
مقابل هذا الوضع الحرج، قرّر أليكسس تريبراس ممارسة الديمقراطية المباشرة والواقعية، وذلك بالعودة إلى الشعب اليوناني ودعوته له بأن »يرد بشكل حر وعزيز كما يليق بتاريخه«، مذكرا قادة الدول الكبرى في الاتحاد الأوروبي، في الوقت نفسه، بأن »أوروبا وطن مشترك للشعوب، ولا يوجد بها مُلاك وضيوف«. وبهذا الإجراء يكون أليكسس قد كسر العتمة التي في ظلها تعالج القضايا العمومية، ومنها القضايا الاقتصادية.
الخبر طال الأسواق حول العالم سريعا، إذ ارتفع الجنيه الإسترليني أمام الأورو، إثر خبر الاستفتاء مباشرة وبدأ التغيير في الأسواق الآسيوية مع هبوط كل من مؤشر نيكاي، ومؤشر ASX 200 الأسترالي، ومؤشر كوسبي الجنوب كوري .
اليوم، وبتقديم خطة اليونان الجديدة للمساعدات المالية أمام الاتحاد الأوروبي بعد نتائج الاستفتاء الشعبي، يقدم أليكسس تريبراس دروسا مهمة يذكر بها للعالم: أولا، لا يكفي القول إننا مع حكم الشعب تدليلا على تمسكنا بالديمقراطية، بل الديمقراطية ممارسة واقعية، قبل أن تكون نصوصا دستورية أو قانونية، أو شعارات سياسية مرفوعة بالمناسبات الجماهيرية العامة. ثانيا، لا ينبغي بالضرورة القبول بقواعد مجحفة لكي يتم الاعتراف بك كمتحاور محترم. ثالثا، الديمقراطية لا يمكن أن تزدهر في أي مناخ كان، إذ أنها تفترض توفر عدد من العوامل على رأسها مسألة الثقة بالفرد الذي ارتقى إلى مرتبة المواطن الذي يساهم في صناعة السياسة العامة. رابعا، الاستفتاء الشعبي الذي يعطي للمواطنين، انطلاقا من إرادتهم الحرة، الحق المباشر في الرقابة على مسؤوليهم.
باحث بجامعة عبد المالك السعدي بطنجة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.