رغم أن الأجهزة الأمنية المغربية أفلحت في حماية المغرب من التعرض لأي هجوم إرهابي منذ تفجيرات مقهى أركانة بمراكش في أبريل 2011، إلا أن القطاع السياحي الوطني يتأثر كثيرا كلما مس هجوم إرهابي بلدان الجوار. وما يخشاه الفاعلون السياحيون بعد هجوم سوسة، الذي خلف مقتل 38 شخصا معظمهم من السياح الغربيين، هو أن تتعرض عملية استهدافهم للأسواق الصاعدة لنكسة، خاصة وأن الضحايا كانوا إما من السياح البريطانيين أو الألمان، وهؤلاء ينحدرون من السوقين الرئيسيين اللذين كان يعول عليهما في ملء الفراغ الذي تركه السياح الفرنسيون. وهذه هي المرة الثالثة في أقل من ستة شهور، تتعرض فيها السياحة المغربية لنكسة بسبب «عوامل بعيدة»؛ حيث أنهكت عملية «شارلي إيبدو» في باريس، شهر دجنبر الفائت، آمال المغاربة في تدفق مزيد من السياح الفرنسيين، وهؤلاء مازالوا يُصنفون سوقا رئيسية بالنسبة إلى السياحة المغربية. ثم تلتها مذبحة متحف باردو في تونس، التي أبعدت الفرنسيين أكثر عن المغرب كوجهة سياحية. وحتى نهاية شهر ماي الفائت، كانت الوضعية لا توحي بالاطمئنان، حتى وإن كان المسؤولون الرسميون يزرعون بعض الثقة في قدرتهم على تخفيف وطأة تأثيرات الإرهاب على السياحة. وكان لحسن حداد، وزير السياحة، أعلن مرة ل»اليوم24» عن أن «التأثيرات عنيفة، لكن يمكن مقاومتها». من جهته، قال مسؤول في «الفيدرالية الوطنية للسياحة»، إن «المستهدفين الرئيسيين في سوسة كانوا سياحا بريطانيين وألمان، وهؤلاء ينحدرون من «أسواق صاعدة» بالكاد يحاول المسؤولون إقناعهم بالسفر إلى المغرب، وهذان السوقان يتنافس عليهما المغرب وتونس بحدة، لكن المشكلة أن السياح القادمين من هذين البلدين لن يسعوا إلى تمييز تونس عن المغرب، وسنصبح بعد انهيار السوق الفرنسية، إزاء انهيار في الأسواق الصاعدة». هذا، وطرحت هذه الأسواق نفسها بشدة عقب هبوط أعداد السياح الفرنسيين المتدفقين على المغرب، وظل وزير السياحة متمسكا بأن «الخروج أو الانعتاق من ورطة الأسواق الرئيسية أو التقليدية سيكون ممكنا بواسطة استهداف أكثر منهجية للأسواق الصاعدة كألمانيا وبريطانيا». في المقابل، قال حميد بنطاهر، رئيس المجلس الجهوي للسياحة بمراكش، في تصريح ل« اليوم24»: «بالطبع سيكون هناك تأثير فوري.. مثل حركة المياه حينما تلقي حجرة وسطها. تتمدد الأمواج نحو مسافة أبعد من مركز الإصابة، وهذا ما يحدث لنا عندما يقع عمل إرهابي في تونس أو الجزائر، أو حتى في فرنسا أو إسبانيا». فبعد حادث «شارلي إيبدو» تقلص عدد الحجوزات بنحو 30 في المائة من لدن الفرنسيين. ولا يبدو أن هناك مؤشرات في الأفق تبعث على التفاؤل. ويرى مسؤول بالفيدرالية الوطنية للسياحة، أن السياحة المغربية ستكون في «مواجهة أزمة تغذيها أعمال «داعش» باستمرار على طول العام، ولا يمكن التنبؤ بنتائجها، لكن إن استمرت المؤشرات بهذه الكيفية في الانحدار، فإننا سنكون إزاء أسوأ لحظات السياحة المغربية في تاريخها الحديث، حتى دون أن يقع أي عمل سيء يستهدف السياح فوق أراضي المملكة».