أياما قليلة على بداية فصل الصيف، توفي طفل في العاشرة من عمره، مؤخرا، بالجماعة القروية «سيدي منصور» بإقليم الرحامنة، متأثرا بلسعة عقرب تعرّض لها حين كان نائما بمنزل عائلته بدوار «اولاد بوهندة» بدائرة صخور الرحامنة. مصادر محلية أكدت أن والد الطفل نقله في وضعية صحية حرجة إلى أحد الفقهاء أملا في علاج تقليدي، بسبب عزلة الدوار وبعده عن المركز الصحي بجماعة صخور الرحامنة، فنصحه بالتوجه إلى طبيب، غير أن الطفل فارق الحياة وهو في الطريق إلى المركز الصحي. يحدث هذا في الوقت الذي لازال قسم الإنعاش بالمستشفى الإقليمي بابن جرير موصدا في وجه الحالات المستعجلة، بالرغم من تجهيزه بالمعدات الطبية وتوفره على طبيبين مختصين، إذ تتم إحالة جميع المرضى الوافدين عليه على المؤسسات الاستشفائية بمراكش. وتختلف الروايات الرسمية عن أسباب عدم افتتاح قسمي الجراحة والإنعاش بالمستشفى المذكور من مسؤول إلى آخر. فمنهم من أرجع الأمر إلى تعثر أشغال تأهيل المستشفى التي انطلقت منذ سنة 2008، ومنهم من برّره بتأخر وزارة الصحة في التوقيع على محضر التسليم النهائي مع المقاولة الفائزة بصفقة إنجاز أشغال إعادة التهيئة، بينما علله آخرون بتعليمات بإرجاء الافتتاح في انتظار الزيارة الملكية لتدشين المستشفى بعد إصلاحه. يشار إلى أن السنة المنصرمة شهدت التصريح بحوالي 500 حالة تسمم ناتجة عن لسعات العقارب بإقليم الرحامنة بجهة مراكش تانسيفت الحوز، التي تتصدر منذ سنوات طويلة جهات المملكة من حيث عدد الوفيات بسبب لسعات العقارب والتسممات الناتجة عنها. فمن أصل 32 حالة وفاة التي تم التصريح بها خلال السنة الماضية، سُجلت 15 حالة وفاة بالجهة المذكورة. يذكر أيضا أنه وفي الوقت الذي تراجعت أعداد الوفيات في العديد من الجهات، كجهة تادلة أزيلال من 13 حالة وفاة سنويا إلى ما دون الست، ولم تعد تسجل أية حالة وفاة بجهات أخرى كتطوان ومكناس تافيلالت، فإن سكان الرحامنة ظلوا، وحتى وقت قريب، الأكثر تعرضا لسموم العقارب. ففي سنة 2007، التي عرفت 35 حالة وفاة بالمغرب، توفي 20 شخصا بإقليم قلعة السراغنة بسبب لسعات العقارب، معظمهم من منطقة الرحامنة التي كانت تابعة إداريا للإقليم المذكور. و في الوقت الذي يتراوح فيه المعدل الزمني للوصول إلى المستشفى، إثر الإصابة بلسعات العقارب، بين 2.5 و6 ساعات بباقي مناطق المغرب، فإن المعدل يتجاوز 10 ساعات بمنطقة الرحامنة، حيث يضطر المصاب إلى قطع مسالك طرقية وعرة من أقصى شمالها، قرب مركز مشرع بنعبو بجماعات سكورة الحدرة والجعافرة وسيدي منصور، إلى مستشفى ابن طفيل بمراكش، الذي يبعد عن هذه الجماعات القروية بأكثر من 120 كلم، مع أن مديرة المركز الوطني لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية تشدد على أن المدة التي يجب أن يُنقل فيها المصاب باللسعة إلى المستشفى لا ينبغي أن تتجاوز 15 دقيقة.