في تطور للأحداث الدامية التي شهدها الحي الجامعي بمراكش، تم الإفراج عن أكثر من أربعين طالبا جرى توقيفهم على خلفية المواجهات العنيفة بين الطلبة والأمن، وتم تقديم أربعة طلبة، في حالة اعتقال، أمس الخميس، أمام النيّابة العامة بابتدائية المدينة، إذ استنطقهم أحد نواب وكيل الملك بالمحكمة نفسها. وذكرت مصادر مطلعة بأن ثلاثة منهم ينحدرون من مدينة قلعة السراغنة، بينما ينحدر الطالب الرابع من مدينة بوجدور. وبينما تماثل معظم ضحايا الأحداث للشفاء وغادروا قسم المستعجلات بمستشفى ابن طفيل، لازال الطلبة يحصون خسائرهم جرّاء الاقتحام الأمني لغرف الحي الجامعي، في الوقت الذي لازالت حالة الاستنفار الأمني كبيرة في محيط الحي الجامعي وكليتي الحقوق والآداب بحي «الداوديات»، حيث التعزيزات الأمنية واللوجستيكية مكثفة، إذ تم استنفار العشرات من رجال أمن من مختلف الأسلاك الأمنية، فضلا عن قاذفة مياه وسيارات الأمن. في غضون ذلك، وجه فرع المنارة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمراكش رسالة إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي، حمّل فيها مسؤولية الأحداث الدامية التي عرفها الحي الجامعي إلى الجهات التي أصرت على التماطل في صرف المنح، وأعطت التعليمات باستعمال القوة العمومية بشكل مفرط ضد الطلبة، الذين قالت الرسالة بأنهم أصبحوا يعانون من ظروف اجتماعية قاسية، إذ عجز معظمهم عن تسديد كراء غرفهم التي تغيب فيها أدنى الشروط الإنسانية، كما عجزوا عن اقتناء المراجع والمطبوعات، علما بأن الامتحانات الجامعية على الأبواب. وأشارت الرسالة إلى أن فرع الجمعية وقف على حالات عديدة لطلاب أجبروا على إفراغ غرفهم من طرف مالكيها بسبب عدم أدائهم للكراء، كما عاين الفرع انتشار تحريض الطالبات على الدعارة من طرف الباحثين عن لذة عابرة قرب الحي الجامعي، مستغلين الأوضاع الاجتماعية للطالبات بسبب هزالة المنح وتأخر صرفها، فضلا عن الحضور الأمني المكثف بمحيط الحي الجامعي والكليات، التي قالت الرسالة بأنها تتحول في فترة الامتحانات إلى ما يشبه الثكنة العسكرية. وندد الفرع بغياب أية مقاربة تربوية لحل مشاكل الجامعة والاستعاضة عنها بالمعالجة الأمنية الصرفة، موضحا بأن تدبير جامعة القاضي عيّاض بمراكش، في السنوات الأخيرة يؤكد أن القائمين على شؤونها ليست لهم نية النهوض بواقع التعليم العالي والتعاطي الإيجابي مع الملف المطلبي للطلبة، معتبرا بأن تأخير صرف المنح تزامنا مع امتحانات نهاية الموسم الجامعي يعد نموذجا واضحا على ما وصفته الرسالة ب»الارتجالية التي تشوب تدبير الجامعة، والدفع بالأوضاع إلى مزيد من الاحتقان، وفسح المجال للعقل الأمني لاستباحة الحرم الجامعي والعبث بأجساد وأغراض الطلاب وتحويلهم من ضحايا إلا متهمين». وأضاف الفرع بأن الاحتجاج السلمي للتعبير عن المطالب حق مشروع تضمنه كافة المواثيق الدولية والدستور، منددا باستعمال القوة واعتقال العشرات من الطلبة من داخل حرم الحي الجامعي وغرفه وخزانته، ولافتا إلى أنه سبق له وأن راسل الوزارة في شأن المشاكل التي تعرفها جامعة القاضي عياض، وخاصة الكليات التي قال بأنها لا تتوفر فيها شروط التحصيل العلمي ومراعاة الحقوق المشروعة للطلبة. وطالب فرع الجمعية بإطلاق سراح كافة المعتقلين ووقف المتابعات في حقهم، وفتح حوار جدي مع ممثلي الطلبة، واحترام حقهم في التعبير، ووضع حد لحالة العسكرة التي تعيشها جامعة القاضي عياض ومحيطها، وتوفير شروط أنسب لمرور الامتحانات. ودعا إلى إحداث أحياء جامعية جديدة لإيواء الطلاب وحمايتهم من المضاربات العقارية، وصيانة حقوقهم الاجتماعية، والزيادة في المنحة الجامعية بما يحفظ كرامة الطلاب ويتماشى مع ارتفاع الأسعار