عاشت اليوم بلدة سيدي بوبكر (اقليمجرادة) يوما ليس كباقي الأيام، حيث عمّ الحزن في أرجاء البلدة، وكسرت هدوءها صفارات سيارات الإسعاف والقوات العمومية، وهرع السكان شيبا وشبابا رجالا ونساء، وهم في حالة صدمة لمتابعة أطوار محاولة انقاذ أربعة عمال منجميين (البكاي، حميد، عبد الله، وإدريس) ينتمون إلى عائلة الخمسي، هوت عليهم صخور كبيرة بمنجم الرصاص الذي يعملون به، والواقع في هضبة تطل على البلدة. الحادث وفق ما كشف عنه زملاء المنجميين الأربعة ل"اليوم24″ وقع في حدود منتصف اليوم الاثنين، وبعد إبلاغ السلطات بالأمر هرعت مختلف القوات العمومية وعناصر الوقاية المدنية إلى عين المكان لمباشرة أعمال الإنقذ . بعد حوالي ساعتين من الحادث، تمكنت عناصر الوقاية المدنية بمساعدة عمال منجميين اخرين من انقاذ أحد الضحايا (إدريس) الذي أصيب، وفق نفس المصدر، بجروح بليغة على مستوى ظهره. محاولات الوصول إلى باقي الضحايا لم تكن سهلة، وفق ما أكده بعض من شاركوا في أعمال البحث داخل المنجم المذكور، نظرا لطول مسافته التي تبلغ أكثر من 2 كلم، ونظرا أيضا لاستمرار سقوط الصخور بين الفينة والأخر. وبعد ساعات من انقاذ العامل الأول عثر فريق الانقاذ على عاملين اخرين، لكن هذه المرة جثتين هامدتين، لينتشر الخبر بين الناس المتحملقين حول المكان ليعم البكاء والصراخ، وبين الاعلان عن العثور على الجثتين والجثة الثالثة زمن ليس بالقصير إذ استمر البحث ومحاولة الوصول الى الجثة الثالثة لساعات أخرى، حتى تم الإعلان عن العثور عليها في تمام الساعة الثامنة والنصف. عناصر الوقاية المدنية وبمساعدة الساكنة نقلت الجثث من أعلى المنجم إلى السفح، وحينما حاولت السلطات نقل الجثامين الثلاثة إلى مستودع الأموات بوجدة رفض السكان وأكملوا مسيرهم حاملين الجثث الثلاثة إلى مسجد البلدة، وعن أسباب إقدامهم على هذا الفعل كشف بعضهم أن عائلات الضحايا كما باقي سكان البلدة يعانون من الفقر ولا يملكون تكاليف نقل جثامين أبنائهم من جديد إلى البلدة لدفنها. عملية استخراج الجثث عاينتها العديد من الفعاليات المدنية والحقوقية التي نظمت إلى جانب الساكنة بعين المكان وقفة احتجاجية إستنكرت التهميش الذي ترزح تحته البلدة، متهمين أباطرة المعادن باستغلال فقر العمال المنجميين، كما دعا العمال إلى إيجاد بديل عن هذه الحفر والمناجم التي تحولت في السنوات الأخيرة إلى مقابر لعدد من الباحثين عن لقمة العيش تحت الأرض.