تحسبا للاجتماع الدوري المقرر عقده بالأمم المتحدة في شهر يونيو المقبل، من أجل إعداد تقييم تفصيلي دولي لمدى احترام إسبانيا لمواثيق حقوق الإنسان، سارعت الحكومة الإسبانية لنشر تعديل قانون الأجانب بالعدد الأخير في الجريدة الرسمية، الذي تقدم به فريقها النيابي بالبرلمان في شهر أكتوبر الماضي، والقاضي بالإعادة القسرية الفورية لكل مهاجر سري دخل تراب المدينتين المغربيتين المحتلتين مليلية وسبتة عبر التسلل من السياج المعدني، الذي يفصلهما عن المغرب. إذ يخول هذا التعديل لقانون الأجانب الإسباني، الذي يحمل رقم 4-2000، الطرد الفوري بشكل قانوني للمهاجرين السريين دون تمتيعهم بالضمانات التي تتيح لهم الإقامة بمركز الاستقبال المؤقت للمهاجرين في مليلية، إلى حين تسوية وضعيتهم القانونية لدخول التراب الإسباني، والتمتع بكافة حقوق المهاجرين الشرعيين داخل فضاء شنغن. استخدمت الحكومة الإسبانية في نص تعديل قانون الأجانب عبارة «الإعادة القسرية» لإضفاء الشرعية على سلوك الشرطة وحرس الحدود الإسباني المتسم بالعنف، وباستخدام الرصاص والقنابل لمواجهة محاولات دخول مليلية وسبتة. وتزامن تعديل قانون الأجانب الإسباني بفتح وزارة الداخلية الإسبانية لمكاتب لتلقي طلبات المهاجرين السريين للحصول على صفة لاجئ في مليلية وسبتة، وتعزيز المدينة بعناصر الشرطة وحرس الحدود. استياء الهيآت الحقوقية هذا، وخلف التعديل لقانون حقوق وحريات الأجانب في إسبانيا استياءً وانتقادات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ومجلس الاتحاد الأوروبي، وجمعيات حقوقية إسبانية وأوروبية ودولية، وغضب المفوضة السامية للاجئين، والمنظمة الدولية للهجرة، حيث ترى فيه هذه الأخيرة تعارضا مع المادة 13 من الدستور الإسباني بشأن حق اللجوء، والمادة 19 المتعلقة بالحماية من الطرد والترحيل الجماعي. كما يتعارض مع مبدأ عدم الإعادة القسرية، المنصوص عليه في ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوربي ومع المعاهدة المتعلقة بوضعية اللاجئين لسنة 1952، التي وقعتها مدريد.. نقل الحدود مع المغرب دافعت وزارة الداخلية الإسبانية على تعديل قانون الأجانب، وعلى مقتضى الطرد والإعادة القسرية للمهاجرين السريين، الذين تمكنوا من الوصول إلى مركز الاستقبال المؤقت للمهاجرين في مليلية بذريعة أن المطرودين لا يوجدون على التراب الإسباني. ومن أجل احتواء تدفقات المهاجرين المكثفة، قررت الدولة «عبر قرار حر وسيادي»، نقل الحدود مع المغرب داخل ما سمته «السياج الثالث». وذكر مصدر بمديرية الهجرة ومراقبة الحدود بوزارة الداخلية المغربية أن إسبانيا اتخذت قرار تعديل قانون الأجانب وتنفيذه بدون تشاور مع المغرب. وكانت وكالة «إيفي» الإسبانية قد ألمحت مؤخرا، أن الاتحاد الأوروبي يقترح على المغرب في إطار اتفاق شامل حول تنقل الأشخاص، قبول إعادة استقبال المهاجرين الأفارقة السريين الذين تمكنوا من دخول مدينتي سبتة ومليلية، مقابل تسهيلات في الحصول على تأشيرة شنغن. كما صادق مجلس الشيوخ الإسباني مؤخرا، وبموازاة مع تصديق البرلمان الإسباني على تعديل قانون حقوق وحريات الأجانب، على قانون يفرض غرامات تصل إلى 30 ألف أورو في حق كل من التقط صورا للشرطة وحرس الحدود الإسبانيين خلال عمليات مطاردة المهاجرين السريين، الذين تمكنوا من دخول مدينتي مليلية وسبتة عبر تسلق السياج المعدني أو خلال إطلاق الرصاص والقنابل عليهم أو تعنيفهم. يشار إلى أن منظمة حقوقية إسبانية أنجزت تقريرا يكشف أنه وإلى حدود نهاية 2014، تمكن أكثر من 11 ألف مهاجر سري من التسلل إلى التراب الإسباني عبر سبتة ومليلية، مقارنة مع أكثر من 7500 مهاجر سري في 2013. كما أن الشرطة بمعية حرس الحدود الإسباني اعترضوا أكثر من 2700 مهاجر سري مقابل 1900 بالنسبة إلى القوات الأمنية المغربية: 68 في المائة منهم ينحدرون من إفريقيا جنوب الصحراء، و14 في المائة جزائريون وأكثر من 7 في المائة مغاربة. والباقي من جنسيات أجنبية مختلفة من بينها سوريون.