يبدو أن ضمان مشاركة 70 ألف أجنبي مقيم بصفة قانونية بالمغرب في الانتخابات الجماعية المقبلة المزمع عقدها في 4 شتنبر المقبل، صعب التحقيق، رغم أن الدستور المغربي ينص على ذلك في الفصل 30. مصادر حكومية مطلعة كشفت أن وزير الداخلية محمد حصاد يتجه نحو حرمان الأجانب من المشاركة في الانتخابات التي يشرف عليها رئيس الحكومة عبدالإله بنكيران بعدما رفض التنصيص على وضع لوائح للأجانب ضمن مقتضيات قانون مراجعة اللوائح الانتخابية التي صادق عليها البرلمان مؤخرا. وأوضحت مصادرنا أن حصاد لم يكن متحمسا لصيغة تنظيم مشاركة الأجانب بواسطة قانون، بل يفضل أن يتم ذلك عبر اتفاقيات ثنائية للمعاملة بالمثل وفقا لما ينص عليه جزء من الفصل 30 الذي يقول «يمكن للأجانب المقيمين بالمغرب المشاركة في الانتخابات المحلية، بمقتضى القانون أو تطبيقا لاتفاقيات دولية أو ممارسات المعاملة بالمثل». المصادر الحكومية ذاتها كشفت أن الخارجية المغربية بتنسيق مع الداخلية لازالتا تبحثان في كيفية توقيع اتفاقيات ثنائية تسمح للأجانب بالمشاركة في الانتخابات. بيد أن الخطوات التي قامت بها الوزارتان مازالت «خجولة جدا»، حسب المصادر نفسها التي ضربت مثلا بالبطء الذي تعرفه الجهود الرامية إلى توقيع اتفاقية التعامل بالمثل مع مدريد تضمن للرعايا الإسبان، الذين يناهز عددهم 2400 مقيم، بالمشاركة في الانتخابات المقبلة. ويبدو أن سحابة الصيف، التي خيّمت لشهور طويلة على أجواء العلاقات الدبلوماسية المغربية الفرنسية، أعاقت إلى حد الآن توقيع أي اتفاقية مماثلة مع باريس لضمان مشاركة أكبر كتلة انتخابية أجنية بالمغرب، والتي يتجاوز تعدادها 15000 فرنسي يقيم معظمهم بمدينة مراكش وأكادير. المصادر ذاتها استبعدت لجوء الحكومة المغربية إلى عقد اتفاقية المعاملة بالمثل مع الجارة الجزائر لتوفير الغطاء القانوني لمشاركة 8240 جزائريا مقيما بصفة قانونية بالمغرب. بدورها الأوضاع في سوريا وانهيار الدولة تحول دون مشاركة 1260 سوريا مقيما بالمغرب بطرق شرعية. هذا، ولازال الغموض يسود مصير مشاركة 16 ألف مهاجر من جنوب الصحراء من جنسيات مختلفة، الذين سُويّت وضعيتهم القانونية. ورجحت مصادر حكومية أن يتم توقيع اتفاقيات مع بعض الدول الإفريقية التي تحظى بمكان خاصة لدى المغرب مثل السينغال وساحل العاج ومالي الغابون لضمان مشاركة رعاياها المقيمين بالمغرب في الانتخابات المقبلة. وفي ارتباط بذلك يستعد المجلس الوطني لحقوق الإنسان للكشف خلال اليومين المقبلين عن سيناريوهاته المحتملة لضمان مشاركة الأجانب، وأكدت مصادر مقربة من داخل المجلس على وضع مديرية الدراسات للمساتها الأخيرة حول مذكرة ستوجه إلى وزارة الداخلية بشأن تصور المجلس الوطني لجميع مراحل الاستحقاقات المقبلة، وأوضحت مصادر مطلعة أن المجلس نبّه الحكومة إلى ضرورة توفير الضمانات القانونية التي من شأنها حماية مشاركة الأجانب المقيمين بالمغرب، مقترحا في هذا الصدد العديد من الإجراءات لضمان أول مشاركة للأجانب في الانتخابات المغربية.