تلغي " اتفاقية – لاهاي – 1961 "، التي تعتمدها حوالي 107 دولة، التصديق على الوثائق الإدارية الأجنبية لفائدة المهاجرين والمواطنين الأصليين قصد التخفيف من الإجراءات الإدارية والتنقلات بين الإدارات والتقليص من المواعيد مع القنصليات. وفي هذا الإطار لم يفكر المغرب أو يبادر إلى الانضمام إلى هذه المعاهدة وتوقيع الاتفاقية، رغم أنه شارك في العديد من المعاهدات الأخرى كمعاهدة حوادث السير، والاتفاقية الخاصة بالجوانب المدنية لاختطاف الأطفال والاتفاقية المتعلقة بالمسؤولية الأبوية وإجراءات حماية الطفل. ولم تعمل وزارة الخارجية، رغم العديد من الشكايات، على وضع هذه المعاهدة محط اهتمام أمام تعسفات بعض القنصليات الأجنبية، وبهذا يجد المهاجر المغربي عدة صعوبات ومتاعب كبرى بسبب فرض عملية التوثيق والمصادقة على أي وثيقة إدارية مطالب بتقديمها في إدارة البلد المضيف، وهذا ما يلاحظ من خلال الازدحام الكبير أمام قنصليات كل من إسبانيا – إيطاليا–البرتغال – ألمانيا – انجلترا ، باعتبارها دولا يعيش فيها عدد مهم من المغاربة، بحيث المغرب يعتبر الثاني في عدد المهاجرين بأوروبا، وما بين المركز 13 و15 عالميا في الترتيب العالمي للدول المصدرة للمهاجرين بما يقارب 5 ملايين أي ما يعادل 15 في المائة من ساكنة المغرب . و تحمل هذه الأرقام طبعا دلالات كما تفرض على المسؤولين توفير وسائل إدارية وقانونية للدفاع عن مصالح المغاربة وحمايتهم من التهميش الإداري والاجتماعي في البلد المضيف، وذلك بتفعيل وتجديد، و(لما لا) عقد اتفاقيات دولية، سواء في إطار المنظمات الدولية أو في إطار العلاقات الثنائية. في هذا السياق، المغرب مقبل على عقد اجتماع اللجنة الحكومية العليا مع إسبانيا، التي تفرض مصالح قنصليتها مسطرة معقدة وتقدم خدمات بأثمنة جد مرتفعة. فالوثائق المطلوبة للتجمع العائلي كثيرة، يعجز المهاجر المغربي عن توفيرها نظرا لضيق مدة عطلته السنوية التي لا تتجاوز في غالب الأحيان 26 يوما. بالإضافة إلى تعقيد المراحل، بدءا من طلب الحصول على موعد مع مصالح القنصلية عبر رقم هاتفي خاص يتكون من 4 أرقام غال التسعيرة، يتطلب تعبئة تفوق 100 درهم، ناهيك على أن عملية تسهيل المهمة تقتضي الاستعانة بسماسرة يعملون بكل حرية أمام القنصلية خدمتهم الوحيدة بيع " الموعد " القريب تاريخه ،لأن اقرب موعد تمنحه القنصلية يأتي بعد أزيد من شهر. وتبدأ معاناة المهاجر من القنصلية وب " الطواف " عبر الإدارات المغربية للمصادقة على الوثائق، في المحكمة، والعمالة أو المقاطعة، ومكتب الترجمة والملحقة الخاصة للمصادقة على الوثائق الإدارية التابعة لوزارة الخارجية علما أن جميع هذه المصالح تقوم بالتأشير والمصادقة مقابل تسعيرة تختلف أثمنتها ، وفي غالبية الإدارات لا يمكن الحصول على التأشير والمصادقة في نفس اليوم، لأسباب قد يكون غياب رئيس المصلحة أو المسؤول واحد منها. وتجدر الإشارة أن الدستور المغربي 2011 فرض حقوقا واضحة لمغاربة العالم، وأفرد فصولا عديدة لهذه الحقوق، الشيء الذي يستدعي إثارة إشكالية تتعلق بحق التصويت والتي جاء بها الدستور في الفصل 30 : ( التصويت حق شخصي وواجب وطني يتمتع " الأجانب " بالحريات الأساسية المعترف بها للمواطنين والمواطنات المغاربة وفق القانون ،ويمكن للأجانب المقيمين بالمغرب المشاركة في الانتخابات المحلية بمقتضى القانون أو تطبيق لاتفاقيات دولية أو ممارسة " المعاملة بالمثل " . ) وبموجب هذا الفصل الدستوري أصبح مفروضا على الحكومة تفعيله وإقراره في الانتخابات الجماعية المقبلة حتى يصبح ساريا وبالتالي يجب اعتباره شرطا أساسيا لتطبيقه في الاتفاقيات الثنائية وفي مقدمتها الاجتماع المقبل للجنة الحكومية العليا المشتركة بين المغرب وإسبانيا ،فالمغاربة محرومون من المشاركة حتى في انتخاب أعضاء جمعية تلاميذ المدرسة التي يدرس فيها أبناؤهم، هذه الوضعية الحرجة للمغاربة هي نتيجة طبيعية لضعف القرارات السياسية للوزارات المعنية يترجمها بالأساس عدم الاهتمام بجوانب جد هامة، والبطء في تطبيق السياسات العمومية والدستورية أو بعدم تطبيقها، وعدم الإيمان بالحفاظ على كرامة المغاربة ومصالحهم وتوسيع نطاق الاتفاقيات الدولية في جميع الميادين المرتبطة بحياة مغاربة المهجر وبشراكة مع دول الاستقبال وتحديث هذه الاتفاقيات في إطار ما يسمى ب "المعاملة بالمثل ".