دبي: اليوم24 طرحت «القمة الحكومية»، التي تعقد دورتها الثالثة في الفترة من 9 إلى 11 فبراير الحالي، تحت عنوان: «استشراف حكومات المستقبل»، تساؤلات مهمة عن مقومات الدولة الناجحة، وما يتماشى مع سعيها إلى رسم تصور للحكومات المستقبلية وخدماتها. وخلال مشاركته في الجلسة الافتتاحية، قدم بو كيون يون، رئيس مجموعة سامسونع العالمية، قصة نجاح العملاق الكوري الجنوبي، الذي انطلق سنة 1938 بشركة صغيرة جدا من 40 مستخدما، لتصبح اليوم، سابع علامة تجارية في العالم و200 مليار دولار كحجم مبيعات في 84 دولة، حيث تحدث رئيس المجموعة لأكثر من نصف ساعة، ليختتم ببيت شعري للمتنبي يلخص وصفة نجاح سامسونغ يقول فيه: «على قَدر أهلِ العزم تأتي العزائم». تقرير أكسفورد أناليتيكا في إطار شراكتها مع القمة الحكومية، التي تعقد برعاية محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أعدّت «أكسفورد أناليتيكا»، شركة الاستشارات الدولية والمتخصصة في مجال توفير التحليلات الاستراتيجية للأحداث العالمية، تقريراً يتناول مفهوم الحكومة المترابطة، يحدد أبرز خصائص الأداء الحكومي في الوقت الحالي، ويسلط الضوء على الاتجاهات والتحديات المستقبلية لتنفيذ الأهداف الموضوعة بنجاح. ويركز مفهوم «الحكومة المترابطة» على ترسيخ أهمية المستخدمين في العمل الحكومي، ويمثل المرحلة المقبلة من عملية تطوير الحكومة الإلكترونية، التي تتجسد بالتكامل الإلكتروني وتخصيص آليات تقديم الخدمات بين الحكومة والجهات المعنية الأخرى، خصوصاً أن الكثير من الحكومات استطاعت اكتشاف مقدرتها على توسيع علاقاتها وتعميقها مع مواطنيها والقطاع الخاص وغيرهم من الشركاء الاستراتيجيين الخارجيين، بفضل الاستخدام المتزايد للإنترنت. وفي إطار السعي إلى تنفيذ استراتيجية الحكومة المترابطة بشكل فعّال، أكد التقرير أهمية تعزيز القدرة على جمع وتبادل الأشكال المتعددة من البيانات عبر مختلف القنوات، بما في ذلك البريد الإلكتروني، والرسائل القصيرة، والمواقع الإلكترونية، ووسائل الإعلام الاجتماعي، ومع التطور الذي تشهده الحكومات المترابطة، فإن التركيز على التفاعل الافتراضي بين الحكومة وأصحاب المصلحة المعنيين، سيساهم في زيادة فهم احتياجات المستخدمين وصياغة سياسات فعالة في نهاية المطاف. الحكومة الإلكترونية نتيجةً للتطور الذي شهدته التكنولوجيا، تزايدت قدرة الحكومات على التفاعل مع مختلف الشركاء الاستراتيجيين وتقديم مختلف خدماتها لهم، ومر مفهوم الحكومة الإلكترونية بأربع مراحل هي: مرحلة المعلومات، التي تشارك فيها الحكومات المعلومات إلكترونياً في النطاق العام، وتشارك المعلومات بين الإدارات الحكومية، فيما تتم مرحلة التفاعل بين الحكومات والشركاء الاستراتيجيين إلكترونياً بشكل مباشر مع بعضهم البعض. وفي مرحلة المعاملات يمكن تنفيذ المعاملات والخدمات عن بُعد وبشكل كامل، بما يشمل خدمات مثل طلب جواز سفر وتجديد الإقامة والتصويت وغيرها، لتأتي بعدها مرحلة التحوّل، وهي دمج الخدمات بين الحكومة وشركائها الاستراتيجيين وتخصيصها بشكل إلكتروني تام، حيث تُستخدم نقطة اتصال واحدة لكافة الخدمات الحكومية، ويمكن إتمام المعاملات على منصات متعددة. وعلى مستوى الحكومة، يساهم التكامل والتفاعل الإلكترونيين في إدخال تحسينات جوهرية في تصميم السياسات العامة، وعمل تغييرات أساسية في هيكلة الحكومات وطريقة عملها. ويُولي التقرير اهتماما خاصا لمرحلة التحوّل، وهي رابع مراحل تطوّر الحكومة الإلكترونية، وتتميز بالتكامل التكنولوجي والتواصل التنظيمي. تجارب عالمية متميزة ويتناول التقرير تجربة فنلندا المتميزة في تعزيز مشاركة مواطنيها، وترابط القطاع الحكومي عبر اختبار تجربة المستخدم وتصميمها، إذ يستخدم أكثر من 80٪ من الفنلنديين الخدمات الإلكترونية للتفاعل مع السياسات في القطاع الحكومي والاطلاع عليها، ومن نواحٍ عديدة، يمثل معدّل التبنّي هذا مركزية المواطن «المتكاملة»، وهو متأصّل في تقليد راسخ لحكومة مفتوحة ومتفاعلة، في ظل تأكيد مفاهيم تصميم السياسات المتمحورة حول المواطن في مختلف أجزاء الدستور الفنلندي، وقانون الحكومة المحلي، وغيرهما من التشريعات. إضافة إلى ذلك، يعدّ الفنلنديون بطبعهم شديدي التقبّل للتغيير والتحديث، ما يجعل الابتكار في الحكامة سهل القبول والتبنّي من قِبل الشعب. وورد في التقرير أن التباين الحاصل في الوصول الفعلي إلى الإنترنت والاختلافات الواسعة في مستويات إمكانيات المواطنين، والتي توصف عادة بعبارة: «الفجوة الرقمية»، تشكل بعض المخاطر المحتملة في أداء العمل الحكومي في المستقبل بالشكل الأمثل، وحدد ثلاثة عوامل رئيسة لنجاح تنفيذ وتشغيل حلول الحكومة المترابطة، وهي الوصول إلى التقنيات والقدرة على فهم كيفية استخدامها، وتعزيز المشاركة عبر تغذية مفهوم المواطنة والتفاعل المستمر مع مزودي الخدمات، وتقديم الخدمات بالشكل الصحيح عبر المنصات المناسبة. وبالنسبة إلى تجربة سنغافورة، فيكشف التقرير كيف أن آثار الأزمة المالية العالمية شجّعت الحكومة على إعادة التفكير في استراتيجيتها الخاصة بالحكومة المترابطة، فقرّرت أن تكنولوجيا المشتريات المتقدمة قد تساعد على التخفيض من التكرار والفائض عبر دوائرها، وتحسّن الاستجابة، وتشجّع على الابتكار لدى القطاع الخاص. التأسيس لقطاع حكومي مبتكر على هامش القمة، نظمت كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، المؤسسة البحثية والتعليمية المتخصصة في السياسات العامة في العالم العربي، بالتعاون مع كلية لي كوان يو للسياسات العامة في سنغافورة، جلسة نقاشية حول صياغة السياسات الذكية ودورها في التأسيس لقطاع حكومي مبتكر، حيث تطرقت الجلسة إلى السياسات الحكومية الذكية ودور المؤسسات الأكاديمية وكليات الإدارة الحكومية في دعم عملية اتخاذ القرار وترويج ثقافة الابتكار ضمن منظومة العمل الحكومي. وفي تعليق لها على هذه المبادرة، أكدت عهود الرومي، المديرة العامة لمكتب رئاسة مجلس الوزراء، بأن استشراف حكومات المستقبل، كما هو شعار الدورة الحالية للقمة الحكومية، يتطلب إعادة النظر في السياسات الحكومية عبر مقاربة مبتكرة تتماشى مع تنامي متطلبات تطوير القطاع الحكومي وبما يتناسب واحتياجات عملائها المستقبليين. وأضافت الرومي: «لا شك أن تكامل جهود القطاع الحكومي والمؤسسات الأكاديمية، سيكون له دور مهم في خلق بيئة ملائمة وتعمل على بلورة رؤية شاملة تستند على قاعدة راسخة من الابتكار».