مرت ثلاث سنوات على انتخابات 25 نونبر التي حملت حزب العدالة والتنمية إلى الحكومة. ويدور جدل كبير بالساحة السياسية والإعلامية المغربية حول حصيلة هذه الحكومة ومدى التزامها بوعود الإصلاح التي أطلقت، ومدى صواب القرارات التي اتخذتها. في هذا المواجهة يحاول بعد الله بوانو رئيس الفريق النيابي للعدالة والتنمية الدفاع عن إنجازات فريق بنكيران، بينما يبرز حسن طارق، الاستاذ الجامعي والنائب عن حزب الاتحاد الاشتراكي، نواقص العمل الحكومي. عبد الله بوانو: سلوك المعارضة نمطي وغير مقنع ولا تطرح خيارات { رفع حزب العدالة والتنمية شعارا مركزيا قاده إلى رئاسة الحكومة هو «محاربة الاستبداد والفساد»، ما الذي تحقق من هذا الشعار بعد ثلاث سنوات؟؟ – لقد تم إيقاف مسار التحكم والاستبداد الذي بدأ مع حزب معين (الأصالة والمعاصرة) منذ سنة 2009. لقد رفعنا الشعار ضد التحكم، لأننا عانينا من هذا الحزب، والمواطنون تجاوبوا معنا بالتصويت على حزبنا. وطبعا تم تفتيت هذا المسار التحكمي بالتدريج خلال السنوات الثلاث الماضية. { أين تجلى ذلك؟ من كان يناهض هذا التوجه الاستبدادي قبل الربيع العربي كان يسجن، ويعاني من التضييق، ويحال على القضاء، وهذا حدث في قضايا عديدة سواء لقيادات في العدالة والتنمية أو غيرها. اليوم، توقف كل ذلك، وأصبح السياسيون يطالبون بحل الحزب المذكور دون أن يتعرضوا لأي شيء. منسوب الحرية اتسع كثيرا بالنسبة إلى الفاعلين السياسيين مقارنة بما كان عليه الأمر قبل 25 دجنبر. { وقف مسار التحكم يتطلب مأسسة، أي تنزيل ديمقراطي للدستور، لكن المعارضة تقول إن الحكومة تهاونت في ذلك، وتضرب مثلا بقانون التعيين في المناصب العليا الذي ترى أن الحكومة تنازلت فيه كثيرا. وطلبنا بنشر محاضر لجنة وضع الدستور حتى يتبين للفاعل السياسي والبرلماني النقاش الذي دار حول هذه النقطة. من يقول بذلك ليس صادقا، فحين كنا بصدد مناقشة هذا القانون، طالبت فرق المعارضة بمزيد من المؤسسات الاستراتيجية التي يعين فيها الملك، ومحاضر اللجنة تشهد على ذلك. { لكن ألا ترى أن الحكومة كانت متسامحة في هذا الموضوع؟ أنا لا أقول إنها كانت متسامحة، بل أسجل أنه كان أول قانون جاء إلى البرلمان في أول دورة تشريعية له من هذه الولاية، ربما كان هناك تسرع، ولهذا هناك تعديلات على ذلك القانون أحيلت اليوم على البرلمان لمناقشتها. ولا تنسى أننا في مرحلة انتقالية، التوافق والثقة بين الفاعلين السياسيين مسألة ضرورية، لأن منطق الصراع لن يوصلنا إلى أي شيء. { لكن حين يدافع البعض على منطق التعاقد بدل الثقة لا يعني ذلك أنه يدعو إلى الصراع؟ إذا كان التعاقد لا يعني الصراع، فإن الثقة لا تعني التنازل كذلك. الثقة تعني التعاون بين المؤسسات، وأعتقد أن أكبر إنجاز حققته هذه الحكومة هو بناء الثقة. لأن كل الحكومات التي جاءت بعد الربيع العربي انتهت إلى زوال، باستثناء المغرب. { أنت تقول الآن إن الثقة هي التي وقَت حكومة بنكيران من السقوط؟ لقد ساهمت بجزء وافر في استمرار الحكومة، وفي التنزيل السليم للدستور. إن هذه الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران، الذي يتمتع برؤية استراتيجية، استطاعت أن تنزل الدستور ديمقراطيا، وبما ينسجم مع التجربة السياسية المغربية والتراكم الذي حققته. أعتقد أن تنزيل الدستور مسؤولية الجميع، الملك والحكومة والأحزاب والبرلمان والمجتمع المدني والمواطن نفسه. ففي الشق المتعلق بالحكومة، فهي ملزمة بتنزيل بالدستور في جانبين: الأول يتعلق بالقوانين التنظيمية والعادية، وقطعت في هذا شوطا مهما، وأعدت لأجل ذلك مخططا تشريعيا لأول مرة. الثاني يتعلق بالمبادئ التي وردت في الدستور. وعندما نتكلم عن وقف مسار التحكم، أعتقد أن هذه الحكومة أوقفت التعيينات بالهاتف، وأوقفت الترهيب ضد الفاعل السياسي، وكل ما عشناه في 2009 و2010 لم يعد الآن ممكنا. ووصل الأمر إلى المطالبة بحل حزب الأصالة والمعاصرة من قبل الأمين العام للعدالة والتنمية، أو أمناء أحزب سياسية آخرين. لقد سقط هذا العنوان، وهذا هو المهم، وليس البحث عن الصراع بين المؤسسات. { لماذا تشتكي المعارضة من التهميش؟ هناك ثلاثة أسباب تفسر ضعف المعارضة، أولها أنها غير ديمقراطية، لو كانت كذلك لكانت قوة داعمة لها، الثاني أنها في الوقت الذي تطالب فيه بتطبيق الدستور، تلجأ إلى أساليب ملتوية تحن بها إلى الوسائل القديمة للابتزاز السياسي، من أجل تحقيق مصالح خاصة بها، والسبب الثالث أنها بدون برنامج ولا مشروع. كل هذا يجعلنا أمام حكومة قوية ومعارضة فاشلة. في كل الملفات التي وضعتها الحكومة على الطاولة، كنا نجد أنفسنا أمام سلوك متكرر ونمطي وغير مقنع للمعارضة، وهو المعارضة من أجل المعارضة، وهو أسلوب من لا يملك بديلا، ولا تطرح خيارات منافسة. { هناك من يعتبر أن المرحلة الانتقالية تتطلب تدريبا أكثر على ممارسة التوافق والتعاون المشترك بين جميع المؤسسات، هل تعتقد أن هذا متحقق اليوم؟ أنا متفق ومؤمن بهذا، لكن هناك من يطالبنا بالديمقراطية التشاركية، علما أن هذا يتعلق بالمجتمع المدني. أما في الديمقراطية التمثيلية، فإننا أمام أغلبية ومعارضة. وإيمانا منا بالحاجة إلى التوافق والتعاون، نظمت الحكومة نحو عشرة حوارات وطنية حول إصلاح العدالة،. والنظام الضريبي، والمجتمع المدني، والإدارة، والحق في المعلومة، وحول الأراضي السلالية… كلها حوارات وطنية، كما أن المسودة الأولى للقوانين أصبحت الحكومة تنشرها على الرأي العام بغرض الحوار والإشراك أساسا. لكن ردود فعل فرق المعارضة لم تكن في مستوى المسؤولية دائماً. ففي موضوع الانتخابات، كان عليها أن تفرح، لأن الإشراف السياسي أصبح تحت مسؤولية رئيس الحكومة، لأن هذا كان تنزيلا سليما للدستور، لكننا فوجئنا بها تلجأ إلى تقديم مقترح قانون ينسف كل ذلك من أساسه، ويطالب بلجنة وطنية مستقلة. { اقتصاديا، تبدو ملفات التقاعد والمقاصة والضرائب وكأنها كل الإصلاح الاقتصادي الذي تتحدث عنه الحكومة، هل سبب ذلك راجع إلى تعجيل إصلاح هذه الصناديق؟ بالعكس، رأيي أن الحكومة حين قدمت برنامجها الحكومي، وضعت أولويتين تتعلقان بما هو اقتصادي ومالي. الحكومة جاءت في سياق أزمة مالية واقتصادية في محيطنا الخارجي، انعكست سلبا على الاقتصاد الوطني، وكان من الطبيعي أن تنكب الحكومة على معالجة تلك الأزمة. صحيح أن الملفات الثلاثة هيمنت إعلاميا على الإصلاح الاقتصادي، لكن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في هذا المستوى كان الهدف منها إرجاع الثقة للفاعل الاقتصادي. وما أنجزته هذه الحكومة لم يسبق أن أنجزته أية حكومة قبلها. ففي 2011 و2012، هناك رؤوس أموال خرجت من المغرب، وآخرون كانوا بصدد ذلك، وكان من الطبيعي أن تعمل الحكومة أولا على إرجاع الثقة. ولهذا الغرض، كان الحوار مكثفا مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب سنة 2012 و2013 ولا يزال مستمرا. كما أن القرارات القاسية برفع الدعم عن المحروقات، رغم مرارتها وألمها، أرجعت الثقة للاقتصاد الوطني. كنا أمام خيارين: إما الاقتراض من الخارج بشروط مجحفة ونرهن بلدنا أكثر، وإما أن نتخذ إجراءات مؤلمة بغية الحفاظ على السيادة الوطنية، وقد اختارت الحكومة الخيار الثاني، ونعتقد أن المواطن تفهم ذلك. ولم نقتصر على ذلك فقط، بل قدمت الحكومة العشرات من الإجراءات لفائدة المقاولة الوطنية والاقتصاد الوطني. { كان يمكن إرجاع الثقة إلى المقاولة والمواطن لو تقدمت الحكومة في محاربة الفساد؟ الفساد بمثابة غول في المغرب، ومحاربته مسؤولية الجميع. هناك من يطالب بمحاربة الفساد، لكن إذا اقترب من رجله ينقلب، أو يرفض أن يكون طرفا في الموضوع كشاهد، أو يقدم الدليل. الحكومة مسؤولة من جانبين: الوقاية من الفساد، ومعالجته تشريعيا، شرعت قوانين وقائية تسد منافذ الفساد ما أمكن، كما أن القضايا المحالة على القضاء جد مرتفعة. فقبل2011، كنا نحلم أن يُتابع قاض أو محام أو رجل أعمال وغيرهم، اليوم كثيرون أمام القضاء في قضايا فساد بالعشرات، ولكن نحن نعرف أن الفساد لم ينته، هذا يحتاج إلى استراتيجية شاملة تشرك كل المؤسسات والمجتمع، والحكومة تعمل من أجل ذلك. { نلاحظ أن الحكومة تقصد في الدعم فئة معينة، وكأنها معزولة عن باقي الشرائح الفقيرة، لماذا؟ ذلك يتم حسب ما تسمح به الإمكانيات المالية للدولة بالتدريج. { لكن هناك من يعتبر ذلك يعكس مقاربة جزئية لمشكلة الفقر والخصاص الاجتماعيين؟ يمكن قول ذلك لو كانت غير موجودة في البرنامج الحكومي، ولو كانت تتم بغير تدرج. أما حين يمس فئات في المجتمع بشكل أفقي، من قبيل الطلبة والمطلقات والأرامل والمتقاعدين وغيرهم، لم يكن يفكر فيهم أحد، الموظفون لهم نقابة تدافع عنهم وقد أخذوا ما يستحقون ولا يزالون ينتظرهم الشيء الكثير مستقبلا، لكن هذه الفئات الهشة في المجتمع كانت مقصية، وهناك فئات لا تزال إلى اليوم مثل المعاقين وفقراء العالم القروي، هؤلاء يستحقون أن تلتفت إليهم الدولة. حسن طارق :بنكيران تخلى عن الإصلاح وركّز على الاستقرار { كيف تقرأ حصيلة حكومة بنكيران بعد ثلاث سنوات مرت على تعيينه رئيسا للحكومة؟ التقييم يحتاج إلى مرجعية متفق عليها، حتى نتمكن من القيام بتقييم موضوعي للحصيلة. وفي نظري، ثمة مرجعيتان: الأولى تتمثل في روح انتخابات 25 نونبر 2011، أي السياق السياسي، الوطني والجهوي، الذي أوصل حزب العدالة والتنمية إلى الفوز، وفق تعاقد انتخابي قام على أساس محاربة الاستبداد من جهة، ومحاربة الفساد من جهة ثانية. لقد كان هذا هو شعار الحزب الذي يقود الحكومة اليوم في تلك الانتخابات، وأعتبره يصلح لأن يكون عنوانا رمزيا للتعاقد الذي أبرمه الناخبون مع هذا الحزب، الذي استطاع أن يستثمر مناخ الربيع العربي وحركة 20 فبراير، لكي يقدم طلبا سياسيا مطابقا لروح تلك المرحلة. المرجعية الثانية تتمثل في الدستور، إذ إن الحكومة الحالية هي الأولى من نوعها بعد دستور 2011، الذي يعتبر متقدما عن الدساتير التي سبقته، حيث أسس لحكومة لها صلاحيات أقوى، وحمّلها مسؤولية تنزيل مبادئه المعيارية تنزيلا ديمقراطيا. { هل ترى أن الحكومة ابتعدت عن هذين المرجعيتين؟ في خطاب رئيس الحكومة أمام البرلمان، الذي قدم فيه حصيلة الحكومة لمنتصف الولاية، ظهر لنا أنه عمل على تحريف هذه المرجعية. لقد تحول من التركيز على شعار «الإصلاح في إطار الاستقرار»، إلى التأكيد على الاستقرار وحده بدون إصلاحات جوهرية وعميقة. { في الملف الاقتصادي، ثمة تركيز على ملفات بعينها مثل المقاصة والتقاعد، حيث يبدو أن الإصلاح الاقتصادي يتوقف على إصلاح هذين الملفين؟ لكي نكون منصفين، يجب أن نقول إن الحكومة وجدت أمامها ملفات مستعجلة انكبت عليها. لكن هذا التدبير الاقتصادي الاستعجالي أدى إلى تبني مقاربة ومعالجة تقنية تفتقد إلى الروح السياسية. نعم هي أوراش حيوية ومهمة، لكن منطلق معالجتها قد يضعف الحكومة. وقد تمر ولاية الحكومة دون أن تظهر آثار إصلاحها على المواطن. هي ملفات محكومة بالماضي، وعليها أن تنجح فيها، لكن الحكومة مطالبة برؤية بديلة للإصلاح الاقتصادي، وهو الغائب لحد الآن. إن الإصلاحات الاستعجالية يجب أن تكون في مستوى الإصلاحات العميقة، وليس تأجيلا للأزمات إلى وقت آخر. { الحكومة تقول إنه لا خيار لديها إلا الشروع الفوري في إصلاح المقاصة والتقاعد، هل ترى من موقع المعارضة أن ثمة بدائل أخرى؟ الاختلاف ليس حول الإصلاح، وليس في الأولويات، بل في منهجية كل ذلك. في ملف التقاعد مثلا، وجدت هذه الحكومة حدا أدنى من المشاورات بدأت مع الحكومات السابقة عليها، لكن عوض تعميق ذلك، سجلنا أنها غيرت الاتجاه، وبدل الحوار مع النقابات حول مضمون الإصلاح، أحالت ذلك على المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وهو توجيه للنقاش من جهتها. الخلل الثاني هو الكلفة والثمن، أي حول من سيدفع ثمن هذه الإصلاحات. من هنا يقال إن الحكومة تختار الحل الأسهل، وأن تمول هذه الإصلاحات من جيوب المواطنين، وأن تبتعد عن تقديم رؤية شمولية لإعادة بناء دولة اجتماعية تستطيع أن تمول الإصلاحات القاسية والصعبة، بناء على إعادة توزيع الثروات. فالحكومة اليوم أعادت النظر في نظام الضرائب ليكون أكثر عدلا، وهنا نتساءل لماذا الحكومة لا تفرض ضريبة على الثروة، حتى يساهم الأغنياء بدورهم في تحمل تكلفة الإصلاح. { لكن الحكومة تقول إن المقاولات لا تتحمل مزيدا من الضغط، خاصة وأن 90 في المائة هي مقاولات متوسطة وصغيرة، قد لا تتحمل المزيد من الضغط الضريبي؟ في مناظرة الصخيرات حول الإصلاح الضريبي سنة 2013، تبين أن نظامنا الضريبي متعدد ومشتت، ولا يساير الاتجاه العالمي، ويفتقد إلى التوازن، وإلى العدالة الضريبية. فالمواطن المغربي هو من يدفع الضرائب أكثر، خاصة الموظف الذي يقتطع له من المنبع. وهذا ملف له علاقة مباشرة بتمويل الإصلاحات، التي يجب أن يتحمل تكلفتها الجميع، وليس الموظف البسيط وحده. { هل تتفق على أن الحكومة تجنبت محاسبة المفسدين الذين كانوا وراء إفلاس صناديق التقاعد مثلا؟ هذه مسألة يجب أن تكون بمنطق المؤسسات والقانون، وليس بمنطق الحملات ولا التطهير. على الحكومة، وعلى البرلمان، والمجتمع المدني كذلك، أن يفتحوا كل ملفات الفساد، لكن القضاء هو صاحب الكلمة في ذلك. ولا يجب أن يكون وراء ذلك أهداف سياسية ضيقة. أذكر أنه في عهد حكومة التناوب، كانت ملفات مشابهة، وقع فيها تشكيل لجان تقصي، وأحيلت بعد ذلك على القضاء. { اجتماعيا، ألا ترى أن الحكومة قدمت فعلا منجزات مهمة لصالح فئات اجتماعية كانت مقصية؟ منطق الحكومة اليوم هو أنها تسعى إلى تفكيك منظومة الدعم القديمة، والتي كانت تعاني مشاكل في الاستهداف، وتعاني الفساد، ومن عقم بيروقراطي وبعجز في الوصول إلى الفئات الفقيرة. الحكومة انطلقت اليوم في إصلاح هذه المنظومة، ونحن معها، بل كثير من نوابنا في مجلس النواب صفقوا لخطوة إعمال المقايسة بالنسبة إلى دعم المحروقات، لأنه كان سيكون من العبث أن نستمر في نفس المسار السابق. لكن أين يقودنا الإصلاح الذي انطلق؟ هناك احتمالان: إما الانتقال إلى فكرة تقطع مع منطق الدولة الاجتماعية وتتبنى خيار الدولة الليبرالية المتوحشة، وهذا يجب رفضه ومقاومته، لأنه ليس في صالح المغرب. هناك اختيار ثان يسعى إلى إعادة توزيع المخصصات الاجتماعية بطريقة أكثر استهدافا، حتى لا أقول عبر الدعم المباشر، لأن هناك صيغا ممكنة متحررة من البيروقراطية الإدارية، ومن الوسطاء، وتحاول أن تحقق الأثر الاجتماعي المطلوب. الحكومة لحد الآن بدأت في تفكيك منظومة الدعم، لكن لم تمر بعد إلى حسم خيارها بعد بشأن ما تريد. { هناك من يرى أنها بدأت فعلا منذ مجيئها، ويذكر صندوق المطلقات، منح الطلبة، إقرار حد أدنى في راتب التقاعد، والآن دعم الأرامل؟ فعلا هذه أمور مهمة، لكن لم يظهر بعد أن للحكومة خريطة طريق واضحة نحو شكل جديد للدولة الاجتماعية التي تريد. هناك أشياء تستحق التشجيع، وأخرى تحتاج إلى نقاش. لكن يبدو لي أن الحكومة تقدم مقاربة تقنية وجزئية، ولم تقدم لحد الآن جوابا شاملا في الموضوع. { ألا ترى أن ما وصفته بالمقاربة الجزئية تتحكم فيه ضعف الموارد؟ هذا وارد. ولكن المغرب، في تقديري، في حاجة إلى نموذج اقتصادي جديد. وهذا يحتاج إلى نقاش اقتصادي حول القضايا الكبرى تسهم فيه الجامعة. لأنه في غياب ذلك، يتحول النقاش بين الأغلبية والمعارضة إلى نقاش محاسباتي، بينما الحقيقة أننا ندبر الندرة، لأن الإشكالية في النهاية تعود إلى هذه الكعكة القليلة التي نريد اقتسامها.