يكشف عبد الله بوانو، رئيس فرق العدالة والتنمية بمجلس النواب، عن التوجهات الكبرى التي ستدافع عنها الأغلبية في إطار الاستعداد لمناقشة وتعديل مشروع مالية 2015 الذي ينتظر أن تضعه الحكومة في مجلس النواب قبل شهر من الآن، وتطرق عضو الأمانة العامة لحزب المصباح في هذا الحوار مع جريدة "التجديد" الورقية أيضا للجانب التشريعي خلال الموسم السياسي الجديد مشددا على أهمية القوانين ذات الصلة بإصلاح العدالة وبالانتخابات. القيادي في العدالة والتنمية، يتناول سياق الدخول السياسي ورؤيته لموضوع إصلاح التقاعد والذي قال عن الدولة والحكومة ينبغي أن يتحملا فيه القسط الأوفر، كما يتحدث عن العديد من الأوراش التي ينبغي أن تتقدم فيها الحكومة ومبادرات عدة قال إنها ينبغي أن تدفن، لفشلها وأخرى ينبغي أن يحاسب المسؤولون على تدبيرها. وفيما يلي نص الحوار: كيف تقرؤون السياق الذي يأتي فيه الدخول السياسي الجديد؟ أولا هذا الدخول السياسي لهذا الموسم يبدو أنه يختلف عن سابقه، وطبيعي أن يختلف، ويمكن اعتباره دخولا سياسيا استثنائيا لعدة اعتبارات، فهو يأتي في منتصف الولاية الحكومية، كما يأتي كذلك في سياق التحولات الدولية التي قطعت أشواطا مهمة، وفي سياق اقتصادي ومالي واجتماعي يسائل الحصيلة الحكومة التي قُدمت في يوليوز، فضلا عن كونه مؤطر بخطابين ملكيين هامين بطرح واحد منهما سؤال الثروة والثاني طموح المغرب ليكون من ضمن الدول الصاعدة. ما هي في نظركم أهم الملفات التي ستستأثر بالنقاش في هذا الدخول خاصة على مستوى التشريع؟ على رأس هذه الملفات هناك تنزيل للدستور أو التفعيل الديمقراطي للدستور، لكن ما يهمنا منه هو الجزء المتعلق بالقوانين التنظيمية، وأظن أن الحكومة قد بذلت فيه مجهودا كبيرا لتفعيل المخطط التشريعي الذي إلتزمت به سواء فيما يتعلق بالدستور، أو فيما يتعلق بالقوانين وخاصة منها القوانين التنظيمية. هذا الدخول فيه أربعة قوانين تنظيمية أساسية إن لم نقل خمسة بحسب ما تريد أن تقوم به وزارة الداخلية فيما إن كانت ترغب في الإتيان بقانون واحد أم ثلاثة قوانين متفرقة، بالإضافة إلى القوانين التنظيمية المتعلقة بإصلاح القضاء، والذي يعد ورشا كبيرا جدا وهو بالتأكيد سيميز هذا الدخول. كذلك في جانب تنزيل الدستور هناك عدد من المؤسسات والهيئات الدستورية التي ارتبطت بهذا الدستور الجديد، والتي سترى النور قريبا وعلى رأسها قضية الهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة، وهذا فيه دلالة كبيرة كذلك على اعتبار أن الحكومة من الأول رفعت شعار محاربة الفساد، فاليوم سيكون بيد الدولة آلية التي كانت تمتلكها من قبل، لكنها لم تمتلك الصلاحيات التي تتوفر عليها في إطار القانون السابق حيث كانت تحدث بمرسوم، واليوم ستحدث بقانون وهي من الهيئات الدستورية التي أعتقد أن المجتمع ككل سيضع عليها رهان المساهمة في محاربة الفساد، كذلك في الجانب المتعلق بالدستور هناك العديد من القواعد العامة التي تتوفر في فصول مختلفة ليس بالضرورة أن نأتي بها في القانون، بل هي ممارسة بدأت تأخذ مسارها، خاصة عندما نتحدث مثلا عن ربط المسؤولية بالمحاسبة أو عندما نتحدث عن الاستحقاق والشفافية أو عن التوظيف الذي أصبح مرتبطا اليوم بالمباراة أو عندما نتحدث عن مجموعة من المبادئ المتوفرة في الدستور وهو ما أحدث لدينا اليوم نوعا من الاطمئنان. يحضر في هذا الصدد بعض الأوراش التي فتحتها الحكومة، من خلال ما وصلت إليه كيف تنظرون في الأغلبية إلى المسار الذي ينبغي أن تذهب فيه؟ بالفعل هناك العديد من الأوراش في منتصفها وتمت المراهنة عليها، لأن البرنامج الحكومي أولا التزم بها ثم كذلك برامج الأحزاب المؤلفة للتحالف ركزت عليها هي الأخرى. في هذا الإطار نحن الأغلبية عقدنا لقاءين من أجل تدارس هذا الدخول السياسي من الجانب التشريعي والرقابي تأسيسا من هذا الجانب ركزنا على مجموعة من الملفات التي تندرج في هذا الإطار؟ على رأسه هذا الملفات ملف التشغيل وقلنا إن تلك البرامج الأولى، إما أن يتم تقييمها مثل مقاولاتي التي ينبغي أن تدفن لأنها خلقت عدة مشاكل في المجتمع ولدى الشباب فيجب أن تنتهي، والبرامج الأخرى سواء "استيعاب" أو "تأهيل" أو "إدماج" فلا نرى أثرا لهؤلاء على المستوى الوطني والمحلي ولا ندري كيف يستفيد الناس منها فقلنا، نريد لقضية التشغيل نحن كأغلبية نفكر أن توضع لها آليات بسيطة من أجل أن نحقق في هذا الملف أكبر عدد من مناصب الشغل. في هذا الإطار تم اقتراح مجموعة من الآليات تتعلق بالعالم القروي وببعض المناطق النائية ونتوخى أن تكون لنا نظرة شمولية لتفكير إستراتيجي، خاصة أن الوضع الاقتصادي اليوم جل المؤشرات تؤكد انه إيجابي ليس فقط من خلال التقارير الدولية ولكن حتى من خلال الواقع الحالي، حيث إن المؤشرات إيجابية عموما عندما ننظر إلى نسبة النمو ونسبة العجز أو ما يتعلق بالمالية العمومية والتوازنات المكرو اقتصادية. والخلاصة أن الوضع الاقتصادي عرف نوعا من التحول ما بين 2012 و 2013 و2014 وفي هذا الشهر الأخير يمكن أن نقول أننا وصلنا لأول مرة إلى درجة نستشف أننا استطعنا أن نخرج من الأزمة التي كانت تلاحقنا منذ بداية هذه الولاية. ما مقترحاتكم في الأغلبية في صلة بمشروع قانون مالية 2015 لتحسين هذا التحول الاقتصادي الذي أشرتم إليه؟ هذا التحول نريد أن نرصده انطلاقا من رافعة ينبغي أن تدعم وهي الجانب الصناعي ما دام أنه هو الذي يخلق فرص الشغل ومساهمته جد مهمة، لأنه لا يعتمد على الفلاحة وعلى ما تجود به السماء من الأمطار، نقوم بكل ما بوسعنا ليكون اقتصادنا قائما للرفع من نسبة مساهمة الصناعة في الاقتصاد الوطني، نحن نريد أن نعطي للصناعة دورا كبيرا وحددنا بعض الجوانب كقضية التحفيزات التي يمكن أن تقدم على المستوى الضريبي والدعم الذي يمكن أن يمنح كذلك فضلا عن الاهتمام بالمقاولات الصغرى والمتوسطة التي يمكن أن تتماشى وهذا المجال وحتى الجانب المتعلق بالتصدير، فهذا الجانب الصناعي الذي نريد أن نقدم فيه مبادرات لتطور الاقتصاد الوطني. ماذا عن الجانب الاجتماعي وبعض مبشراته التي ستحرصون كأغلبية على الدفاع عنها خلال مشروع قانون المالية المقبل؟ بالنسبة للجانب الاجتماعي فهناك العديد من الخطوات التي اتخذتها الحكومة في القوانين المالية السابقة ولم تطبق، وأخرى ينبغي أن تخرج إلى حيز الوجود، ووجدنا أن 6 أو 7 ملفات ينبغي إعادة النظر فيها، فلدينا صندوق التماسك الاجتماعي وخاصة يما يتعلق بالرميد التي تنفق عليه مليارات الدراهم لكن أثره لا يقاس بعدد بطائقه التي وصلت 7 مليون ونصف ولا يقاس بالأثر لأن اليوم تصرف أموال لكن الخدمات مازالت متدنية في عدد من المؤسسات الصحية. ما المطلوب إذن؟ المطلوب اليوم هو تحديد المسؤوليات، وان تساءل بهذا الخصوص وزارة الداخلية ووزارة الصحة وغيرها، ينبغي أن نسأل الجهة المكلفة بتتبع هذا الملف ونحاسبها بحسب المسؤولية المنوطة بها. هل يعقل مثلا أن 80 في المائة من خدمات مستشفى الرباط التي تقدم عن طريق الرميد هل هذا منطقي؟ فهل فقط الفئات غير الميسورة هي التي تستفيد من المستشفى دون الفئات الأخرى فهناك خلل في مستوى ما. في الجانب الاجتماعي أيضا هناك صندوق التكافل الاجتماعي الذي يتطلب أن يوضع له مرسوم ويخضع للقانون ونحن مستعدون لتقديم تشريعات قانونية في هذا المجال. عندما نتحدث عن الطبقة المتوسطة في الجانب الاجتماعي، وهذه الطبقة عندما نرى الإصلاحات التي ستقام وتمس الزيادة في المحروقات أو في قضية إصلاح التقاعد فالفئة المتوسطة هي من ستتضرر، فقررنا أن ندعمها، واقترحنا أن نعتني بهذه الطبقة ومن بين المقترحات التي نجد ما يتعلق بالتعليم والسكن لتكون مبادرات في هذا الإطار لدعم التمدرس أو السكن الذي تم على هامش المدن الكبرى ولم يتم على مستوى المدن الاتفاقيات التي أبرمت لم يقم بها أي قطاع خاص فقط العمران هي الوحيدة التي قامت باتفاقية للطبقات المتوسطة. لدينا أيضا ملف آخر وهو المتعلق بالسكن الاجتماعي والذي نرى أنه ينبغي أن تنجز فيه مبادرات، فمنذ 2004 وهو يقدم للدعم تلو الدعم لكن الأثر محدود. لا يمكن نهائيا أن نترك تلك الإعفاءات، خاصة أن العقار توفره الدولة في آخر المطاف والسكن الاجتماعي غير موجود. ماذا عن الفئات الأخرى الحرفيين والطلبة والفئات التي لم تتمتع بالتغطية الصحية بعد؟ فيما يخص التغطية الاجتماعية أيضا هناك ملفات اتخذت من أجلها قرارات ولم تفعل، فماذا ننتظر من تفعيل التغطية الاجتماعية للطلبة، كما أن هناك أيضا التغطية الصحية للتجار والفلاحين، وهناك أيضا وضع المناطق النائية حيث اتخذت قرار ولم يفعل لا من طرف قطاع الصحة ولا قطاع التعليم ولا الإدارة العمومية بصفة عامة. في صلب النقاش حول الملفات الاجتماعية استحضرنا كاغلبية الخطابين الملكيين الأخيرين حيث ناقشناهما وطرح السؤال ماذا سنخرج منهما نحن كتوجه اقتصادي، والذي وصفه الخطاب الملكي بأنه تصاعدي ويمكن أن يلتحق بالدول المتقدمة سواء في هذا الجانب أو بالجانب المتعلق بتوزيع الثروة فناقشنا وقلنا ينبغي أن نتقدم على مستويات عدة، فهناك مبادرات عدة صودق عليها في قانون مالية 2014 لكن المرسوم لم يخرج إلى حد الساعة. كيف تنظر لاستعداد المعارضة للدخول السياسي الجديد؟ المعارضة الآن تقدمت ب 8 إحالات إلى المجلس الدستوري ولا واحدة نجحت فيها، نحن تقدمنا بمقترح يتعلق بالاطلاع على المحاضر لدى المحاكم ومر أمام مجلس النواب والمستشارين لكن المجلس الدستوري هو الذي قال فيه رأي. أنا أرى أنه ليس المشكل أن تنجح أو لا تنجح المعارضة في الإحالة على المجلس الدستوري لذا نريد كما نمتلك حكومة قوية أن نتوفر على معارضة قوية وأغلبية قوية كذلك هذا هو الذي يسير بالبلد إلى الأمام ويحمي التنافس. كيف تلقيتم كحزب يقود الحكومة لإضراب النقابات في موضوع التقاعد؟ مما سيميز هذا الدخول السياسي هو نوع من التجاذب بين النقابات والحكومة في ملف حساس كالتقاعد، واعتبر أنه يتطلب الإصلاح في إطار تشاركي فلا يمكن أن ننتظر الاتفاق العام حول الموضوع، الملف هناك من يربطه بالفساد في الصناديق قد يكون ذلك ولكن المسؤولية في هذا الاتجاه تتعدي 1 في المائة، فالمشكل اليوم هو مشكل هيكلي مرتبط بالفئة النشيطة فإذا كان في بداية الاستقلال، مثلا في سنة 1987 كان 30 يعملون و1 يخرج تقاعد، وفي 2007 كان 12 تعمل و1 يخرج تقاعد، لكن الآن 6 يعملون و1 يخرج تقاعد بمعنى أنه هناك مشكل في الفئة النشيطة التي تعمل على الفئة المتقاعدة، بمعنى أن لدينا هذا المشكل الديمغرافي وهناك مشكل آخر يتعلق بأمد الحياة، ففي بداية الستينات كان الناس يعيشون إلى حدود 40 عاما أما الآن فإلى 74. لكن على مستوى الإصلاح بهذا الصدد ينبغي على الدولة والحكومة أن تتحمل الجزء الأكبر من هذا الإصلاح وان يتحمل الموظف جزأ يسيرا منه فقط. كيف تلقيتم إضراب نقابتي الاتحاد العام للشغالين وجناح الفاتيحي في الفدرالية الديمقراطية للشغل يوم 23 من الشهر الجاري؟ عندما تصرح إحدى اكبر النقابات في المغرب بأن هذا الإضراب سياسي ماذا يمكن أن أقول أنا كسياسي، ولا يمكنني إلا أن أؤكد الأمر، مادام أن النقابي هو الذي له دراية أكثر بالميدان فإذا كان له هدف سياسي فأنا أقول بأنه لا ينبغي أن نواجه الأمر للحكومة ينبغي أن تفتح حوارا والحكومة ينبغي أن تستجيب لنصل إلى اتفاق معين، لكن هذا الأمر مستبعد في هذا الملف.