تخضع المملكة المغربية للسياسة الخارجية التي يفرضها وضعها الجغرافي. فهي منعزلة في الشمال الغربي من القارة الإفريقية، إلا أنها تظل منفتحة على العالم وأوروبا والمحيط الأطلسي. لكن في هذه الفترة التي تتميز بالأزمة الاقتصادية، والتوترات الداخلية في منطقة المغرب العربي والعالم العربي، تتحول سياسات الانفتاح إلى انغلاق: فالمحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط والصحراء صارت حواجز، هذا دون إغفال الحديث عن الحدود الطبيعية مع المناطق الموجودة تحت السيادة الإسبانية والجزائر، وهي خاضعة لسيطرة العسكريين في البلدان الثلاثة. من أجل أن يمنح بلده عمقا استراتيجيا، استرجع الحسن الثاني الصحراء سنة 1975، ولكن هذا الأمر مازال يهدد إلى اليوم بعزل المغرب على الساحة الدولية (الاتحاد الإفريقي والأممالمتحدة). وبالرغم من أن المغرب يتوفر على أصدقاء أقوياء، فإنه مضطر دائما للتخفيف من خطر هذه العزلة، بوضع ملفه الصحراوي دوما على واجهة الساحة الدولية. هذا الملف الذي ربط به الحسن الثاني مصير النظام الملكي بالمغرب عن خطأ بالتأكيد. الفاعلون في السياسة الخارجية إن واحدة من خصائص السياسة الخارجية في المملكة المغربية أنها تعرف تدخل عدة فاعلين، ما يجعل متابعة نشاطاتها في بعض الأحيان عملية معقدة. لا شك أن المملكة تتحدث دائما عن الإرادة الملكية، بيد أن محمد السادس، على عكس والده، ليس من الشغوفين باللقاءات الثنائية، أو بحضور المؤتمرات الدولية، وهذا يخلق في بعض الأحيان ارتباكا لدى المتتبعين. الملك ومستشاروه الملك هو رئيس الدولة المغربية في المجالات المدنية والعسكرية والسياسية والدينية. في مجال العلاقات الدولية، يتصرف بصفته رئيس الدولة، ولكن أيضا يتصرف إزاء الدول الإسلامية بصفته أمير المؤمنين و«شريفا»، أي سليل الرسول محمد (ص). وتسمح له هذه الهالة الدينية بتحدي ملكيات الخليج الغيورة جدا من قوته الرمزية والدينية، كما تخول له فرض نفسه في منطقة الساحل على المجموعات السياسية والدينية التي تحترم «بركته». في مجال العلاقات الدولية، يعتمد الملك، علاوة على ذلك، على بعض أفراد أسرته(مثل ابنة عمته السفيرة لدى المملكة البريطانية)، فيما يقوم المقربون منه من أفراد الأسرة بمهام المساعي الحميدة (خاصة شقيقه مولاي رشيد، وشقيقته الكبرى للا مريم، وحتى زوجته للا سلمى، وهذا تطور جديد). أيضا، يعتمد الملك على مستشاريه الرسميين أو شبه الرسميين، الذين يكلفهم على الخصوص بتتبع العلاقات مع هذا البلد أو ذاك، أو مع الجماعات ذات المصالح (مثل المقاولات الكبرى، رجال الأعمال، وملكيات الخليج والجزائر وإسرائيل.. إلخ). وكان المستشار الملكي الأكثر حضورا في وسائل الإعلام في نهاية حكم والد محمد السادس، هو بالتأكيد المصرفي أندريه أزولاي، الذي مازال يقوم ببعض المهام بالرغم من تقدمه في السن. لكن الإشاعة المغربية، وهي هواية وطنية، تشير إلى أنه على وشك تغييره وتعويضه بصفة غير رسمية ب«دومينيك ستراوس كان»، الذي احتضنته المملكة المغربية في الوقت الذي كان يعاني فيه صعوبات سياسية وشخصية في فرنسا وفي الولاياتالمتحدةالأمريكية. وزارة الشؤون الخارجية إنها الفاعل الثاني في الدبلوماسية المغربية، ولكن ليست لها أية استقلالية عن الخط المرسوم من طرف القصر. ويوجد على رأسها حاليا صلاح الدين مزوار، الذي خلف سنة 2013 الطبيب النفسي من حزب العدالة والتنمية سعد الدين العثماني، الذي تولى المنصب غداة الربيع العربي. وهكذا استعاد المخزن إذن هذا المنصب الاستراتيجي من أجل أن يعهد به لأحد الأوفياء للقصر(…) إنه رجل ثقة. وتم تعيينه من أجل استعادة السيطرة على الدبلوماسية المغربية في هذا الوقت الموسوم بالهزات والاضطرابات، بعد أن عادت قضية الصحراء من جديد سنة 2013 إلى الواجهة بشكل سلبي، حينما أرادت الولاياتالمتحدةالأمريكية، في سابقة من نوعها، تكليف المينورسو بمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء المغربية. ولم يتحقق ما كانت تصبو إليه واشنطن بعد أن أبدت الرباط غضبها الشديد. غير أن هذا الحادث أبقى نوعا من التوتر في العلاقات مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، ومع الأممالمتحدة. وكان بمثابة الفرصة التي اغتنمتها البوليساريو والجزائر لصالحهما. تشرف وزارة الشؤون الخارجية على تدبير العلاقات التي أصبحت متوترة مع أفضل حلفاء المغرب، من بينهم فرنسا. وتعتمد في ذلك على رجال من الرواد: سفير المغرب في الأممالمتحدة عمر هلال، قيدوم الدبلوماسيين المتوج، والمنحدر من حضانة البصري بجامعة محمد الخامس، ثم سفير المغرب في فرنسا، شكيب بنموسى، وهو مهندس ذو كفاءة عالية، ومن بين أكبر المخلصين للقصر. «لادجيد» أو سياسة التأثير يشرف على تسيير «المديرية العامة للدراسات والمستندات»(لادجيد)، أو الاستخبارات المغربية الخارجية أحد أقرب أصدقاء الملك، محمد ياسين المنصوري، ويعتبر أقوى رجال المملكة وأكثرهم كتمانا للأسرار. وهذا الخديم المخلص للقصر لا يشتغل مباشرة في السلك الدبلوماسي والخارجي للمغرب، لكن مع ذلك، يقوم بدور حاسم على رأس جهاز مكلف بضمان التواصل والأمن والاستقرار الخارجي للمغرب. وهو يشرف على تسيير 2000 عنصر استخباراتي. يشتغل أكثر من نصفهم على الأرجح بكل من فرنسا و إسبانيا. وهو فاعل جوهري في سياسة الملك للتأثير في الخارج. وقد سبق له أن تولى مسؤولية وكالة المغرب العربي للأنباء. ويعتمد ياسين المنصوري في عمله على عدة فاعلين وشبكات لنشر سياسة القصر، والقيام بحملاته (رجال السلك الدبلوماسي، ووكالة المغرب العربي للأنباء، والأئمة، والشبكات الطرقية الصوفية، والجمعيات المغربية بالخارج، و نجوم الرياضة والفن المغاربة في الخارج، ورجال السياسة). إذا كان هذا الجهاز الاستخباراتي يشتغل بفعالية ونشاط، قريبا من ملايين المغاربة بالخارج، فهو كذلك يعد أداة للتواصل والتأثير على «أصدقاء» المغرب الأجانب. وبفضل العمل المكثف في إطار جماعات الضغط –اللوبيينغ- التي يطلق عليها اسم «التواصل السياسي، ينظر إلى المغرب نظرة إيجابية من طرف الرأي العام الغربي، ومن طرف قادة الدول التي يمكن الاعتماد عليها (ملكيات الخليج وفرنسا وتركيا وغيرها) وينظر إلى المغرب على أنه بلد السلم والرفاهية، في طريق الدمقرطة والتعددية والتسامح. وفي المقابل، فإن القطاعات المناوئة للمغرب في الرأي العام الدولي بالعواصم الغربية (مدريدواشنطن باريس..) تتم محاصرتها واحتواؤها، (مثل جماعات المعارضة، أو النشطاء، أو المثقفين، أوالمنظمات غير الحكومية) المقاولات المغربية الكبرى تشكل بعض المقاولات الكبرى الفاعل الأخير والمهم في السياسة الخارجية المغربية. والمجموعة الصناعية الرئيسية هنا المتوفرة على الوسائل الكافية هي «مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط» الذي يشرف على تسييره مصطفى التراب، أحد الخدام المخلصين كذلك للقصر، والمهندس اللامع ذو التكوين الفرنسي والأمريكي. فهو يشرف على تدبير أضخم مقاولة عمومية في البلاد، الأمر الذي يمنحه مجالا دوليا واسعا للعمل، من الدول الأمريكية إلى آسيا، مرورا بأوروبا، كما يتوفر على وسائل ضخمة يخصص جزء منها للعمل الخارجي للبلاد. وكان المكتب الشريف للفوسفاط قد قام بتمويل التظاهرات الثقافية والجامعية التي شهدتها فرنسا، بمناسبة تخليد الذكرى الخمسينية لاستقلال المغرب في 2006. وبفضل أمواله، يقدم المكتب الشريف للفوسفاط الدعم لمنشورات ووسائل إعلام في الخارج، ومكاتب الدراسات والتفكير الأجنبية التي يعتبر زبونها الرئيسي، كما يساهم في تمويل «عناصر» مؤثرة ولها نفوذ. هناك شبكة أخرى تعتمد عليها الدبلوماسية المغربية للتأثير والنفوذ، خاصة في البلدان الناطقة بالفرنسية (تعتبر منطقة مهمة للمغرب ولأوروبا)، حيث يوجد مهاجرون مغاربة للعمل. وتتشكل هذه الشبكة من الأبناك المغربية (التجاري وفا بنك، والبنك المغربي للتجارة الخارجية، والبنك الشعبي). وتعمل هذه الأبناك على تأسيس شبكات من الوكالات المنتشرة، التي تقوم بجمع جزء من أموال هؤلاء العمال في أوروبا من أجل إعادة استثمارها في المغرب وفي إفريقيا. فهذه الشبكات البنكية الموثوق بعملها والفعالة تقوم بتحويل أموال العولمة، وتعتبر من خلال الاستثمار دعامة لسياسة المغرب الخارجية في وسط وغرب إفريقيا. ملفات ثقيلة *قضية الصحراء كيف يمكن الحديث في بضعة أسطر عن ملف وطني ودولي استمر أربعين سنة؟. لنضع في اعتبارنا أنه السجل الرئيس للعمل الدبلوماسي المغربي في الخارج، سواء في بروكسيل أو واشنطن و نيويورك أو في باريس. يحاول المغرب منذ عشرات السنين أن يجعل المنتظم الدولي يؤيد ويدعم مغربية صحرائه. وكانت الدولة المغربية تعتقد أنها وجدت الطريقة البارعة في 2007، بفضل مخطط الحكم الذاتي الموسع الذي تم إعداده بشكل مشترك مع باريس.لكن هذه الوضعية الدبلوماسية سرعان ما تدهورت منذ بضع سنوات. إذ سئمت الأممالمتحدة الاستمرار في تمويل المينورسو. ولم توقف كل من الجزائر والبوليساريو من نشاطاتهما المعادية، فيما أعادت فرنسا التوازن لعلاقاتها مع الجزائر، في الوقت الذي أصبحت الولاياتالمتحدةالأمريكية و البرلمان الأوروبي أكثر التزاما بحقوق الإنسان في الصحراء. فاجأت هذه الرياح المعاكسة وغير المواتية المغرب، الذي يعتبر أن الوضعية في 2008-2010 تطورت لصالحه، لكن الربيع العربي، وتحرك الصحراويين، وعودة الديمقراطيين للحكم في واشنطن، وتعيين مبعوث أممي ينظر إليه بأنه غير منصف، وتأثير الجزائر على الاتحاد الإفريقي، وعودة اليسار للحكم في فرنسا، كلها عناصر جعلت المغرب في وضعية دفاعية وأرغمته على القيام بسياسة هجومية لمواجهة كل الهجمات. الاتحاد الأوروبي كان ينظر إلى المغرب، إلى حدود الربيع العربي، على أنه الشريك المتميز للاتحاد الأوربي في جنوب البحر الأبيض المتوسط. جعل منه هذا الوضع المستفيد الأول من المساعدات الأوروبية والفرنسية. ومكنه ذلك أن يستحق، علاوة على ذلك في سنة 2008، امتياز «الوضع المتقدم» مع أوروبا الواعد قبل تونس أو مصر مثلا. يتطابق هذا الوضع النموذجي مع رغبات فرنسا، الناشطة جدا في دعمها لفائدة المغرب في الهيئات الدولية. لكن الوضع المتميز للمغرب سرعان ما بدأ ينهار ويتفتت، خصوصا في سنة 2011. فقد أبرزت ثورات الربيع العربي في تونس و مصر وبعد ذلك ليبيا واقع الجمود بين الجزائر والمغرب. صحيح أن رد الفعل السريع للملك في شهر مارس 2011 ساعد على تجنب حدوث الأسوأ، ووضع المغرب السكة من أجل وأد المؤشرات الأولى لثورة وليدة. لكن بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي، خاصة أوروبا الشمالية ومؤسسات بروكسيل، بدا وكأن ذلك التعاطف قد تلاشى. فالانتخابات الحرة والنقاشات العمومية عبر الصحافة، ثم من بعد ذلك المسلسل الدستوري التونسي على الخصوص أحال المغرب إلى المركز الثاني. وقد حاول المغرب التباهي باستقراره، والتقدم الذي حققه في مجال السلم المدني، غير أن دول أوروبا الشماليةوالولاياتالمتحدةالأمريكية بدت متشددة أكثر بشأن حقوق الإنسان، هذا في الوقت الذي أنهكت فيه الأزمة الاقتصادية فرنسا وإسبانيا الشريكين الكبيرين للمغرب. الولاياتالمتحدةالأمريكية بالنسبة إلى الجمهوريين الذين كانوا في الحكم إلى غاية انتخاب أوباما نهاية سنة 2008، ظل المغرب شريكا عربيا وإفريقيا صلبا. فمرحلة ما بعد 11 شتنبر وحرب العراق أديا إلى إعادة تنشيط التحالف القديم لحقبة الحرب الباردة، ثم سرعان ما بدأت هذه العلاقات بعد ذلك خلال الفترة المتراوحة ما بين 2009 و2012 تدخل مرحلة التدهور في سياق أحداث الصحراء والربيع العربي، وموقف المغرب من مهمة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء كريسطوفر روس المعين في 2009، بعد أن وجهت الرباط انتقادات ضد هذا السفير الأمريكي السابق في الجزائر، في سياق مأزق المناقشات التي دارت بين البوليساريو والمغرب بشكل غير مباشر في مانهاست بواشنطن. و خلال الولاية الرئاسية الثانية لأوباما، وتعيين جون كيري وزيرا للخارجية والدعم الأمريكي لكريسطوفر روس، ظهر كل ذلك للمغرب بأنه إشارات غير ودية، انفجرت في أول أزمة بالأممالمتحدة في أبريل 2013، ولم تتمكن الولاياتالمتحدةالأمريكية من إخمادها سوى بالتراجع أمام غضب المغرب. ومنذ هذا التاريخ، انخرط المغرب في سياسة مكثفة للضغط داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية. ملكيات الخليج يحرص المغرب على تعزيز الصداقة التي تكنها له ملكيات الخليج، بما يخدم مصالح الرباط. للمغرب علاقات وطيدة مع كل هذه الدول منذ السبعينيات (علاقات أسرية وعلاقات بين الأمراء، ومساعدات عسكرية ودينية وداخل منظمة المؤتمر الإسلامي ولجنة القدس). ويرتبط الملك محمد لسادس بعلاقة صداقة مع أمير قطر الجديد. وكل هذه الأسر الملكية الخليجية معجبة بملك المغرب وبهيبته السياسية والتاريخية والدينية. وخلال الربيع العربي، حاولت قطر توثيق الروابط بين الملكيات العربية الثماني (بما فيها الأردن)، ولكن إذا كانت المملكة العربية السعودية قد أبدت استعدادها للسير خلف قطر، فإن الأعضاء الآخرين في مجلس التعاون الخليجي رفضوا زعامة هذه الإمارة الصغيرة. وكانت هذه الصداقة مع دول الخليج مهمة بالنسبة للمغرب، من أجل تجاوز أزماته الاقتصادية والمالية التي أصبحت اليوم قاسية. وصارت الصناديق الاستثمارية العربية لدول الخليج تستثمر في المغرب، وتشترك في تمويل المشاريع مثل القطار فائق السرعة، الذي تم تمويله بشكل مشترك بين السعودية وفرنسا. وتوقع في بعض الأحيان على شيكات من أجل دعم المغرب. القضايا الحارقة للدبلوماسية المغربية الجزائر و الساحل يبقى النزاع المركزي هو ذلك الدائر بين المغرب والجزائر الذي يخفي النزاعات الأخرى. فالنزاع الأول يهم حدود شمال البلاد. فالمغرب يتهم الجزائر بتقديم المساعدة لمهاجري جنوب الصحراء، من أجل التسلل إلى ترابه الوطني قصد دخول المدينتين المغربيتين المحتلتين من طرف إسبانيا: سبتة ومليلية. اليوم، يهدد المغرب بإقامة جدار بين البلدين. أما النزاع الأخر، فهو ذاك الذي يدور في منطقة الساحل وجنوب الصحراء، خاصة في مالي. إلى حدود 2011، كان جهاز «لادجيد» يندد ويحذر من المخاطر الإرهابية التي لها علاقة بالبوليساريو. لكن مع انفجار الحرب في ليبيا ومالي، امتدت الرهانات الأمنية، وانتقلت إلى داخل منطقة الساحل الكبرى. والحال أن تحرك الطوارق داخل الساحل والجزائر وليبيا، جعل الجزائر في قلب التسوية الأمنية للقضية. ويبدو أن فرنساوالولاياتالمتحدةالأمريكية تدركان ذلك جيدا. غير أن ذلك يغضب ويضايق المغرب، على اعتبار أن علاقاته الدينية الطرقية قديمة مع المنطقة. وفي ربيع 2014، قام محمد السادس بجولة إلى بلدان الساحل أعاد بها تموضع المغرب سياسيا واقتصاديا بصفته زعيما دينيا. وطمأن رئيس الدولة المالية بأنه سيتم مساعدة الطوارق في الشمال من طرف أئمة ودعاة صوفيين مغاربة. لكن في منتصف يوليوز 2014، احتضنت العاصمة الجزائرية الحوار بين الماليين، الأمر الذي جعل التأثير والنفوذ المغربيين نسبيا. توترات غير مسبوقة مع فرنسا (…) كان المخزن يخشى انتخاب فرنسوا هولاند سنة 2012 الذي أعاد إحياء ذكريات 1981 مع وصول فرنسوا ميتران للحكم. وكان من المعروف أن الرئيس الفرنسي ليست له معرفة جيدة بالمغرب، في الوقت الذي كان يحيط به مستشارون لهم علاقات جيدة مع الجزائر. وأكدت السنتان الأوليان من ولايته الرئاسية حكم المخزن المسبق: الزيارات الرسمية الفرنسية المتتالية للجزائر ولتونس، دون الحديث عن المصالحة العسكرية الفرنسية الجزائرية بعد حرب ليبيا، التي لها علاقة بالوضع في الساحل. كانت الرباط تنظر إلى كل ذلك بنظرة سلبية، وما زاد من شكوكها تخلي فرنسا عن جهودها حول ملف الصحراء. والحال أنه أثناء ذلك، أفسدت سلسلة من الحوادث المزعجة وغير المسبوقة التعاون المكثف جدا بين فرنسا والمغرب: محاولة اعتقال المدير العام للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (الديستي) في باريس، والتصريحات الخاصة غير الملائمة لدبلوماسي فرنسي حول المغرب، المراقبة الجمركية الدقيقة التي تعرض لها وزير مغربي (صلاح الدين مزوار)(…) وتعتبر السلطات المغربية أن الجمود الذي أبدته الحكومة الفرنسية في معالجة هذه القضايا هو بمثابة تأكيد لنواياها. والسلطات المغربية التي كانت لفترة طويلة مدللة من طرف السلطات الفرنسية، أصبحت مرتابة من استقلال القضاء. وبعد توقيف وتعليق أي تعاون قضائي، تنتظر السلطات المغربية في هذه المرحلة مبادرة تظهر مدى اهتمام باريس إزاء حليفها القديم. بتصرف عن بيير فيرمين: أستاذ تاريخ المغرب العربي المعاصر بجامعة باريس 1 مجلة «DIPLOMATIE» الفرنسية