لم يكن رزق الله الصالحي (23 سنة)، أب لطفل، يتوقع أن ينتهي به المطاف صباح أول أمس بقسم العناية المركزة للمستشفى الجهوي الفارابي، «ذلك أن العائلة كلفته باستصلاح الأرض التي نملكها على الشريط الحدودي حتى نتمكن من حرثها هذا الموسم»، يقول عبد العالي الصالحي شقيق رزق الله، موضحا ل»أخبار اليوم» سبب وجود شقيقه بالمكان الذي أطلق عليه عنصر من حرس الحدود الجزائري الرصاص بمنطقة أولاد صالح (جماعة بني خالد)، عمالة وجدة. وبالرغم من أن مصادر من الشريط الحدودي قالت إن إطلاق النار من طرف العسكري الجزائري سبقه تبادل للسب والشتم بين الطرفين، نفى عبد العالي ذلك مشيرا إلى أن شقيقه كان منهمكا في عمله قبل أن يُباغته الحرس الجزائري، «ذلك أن الحقيقة هي أن العسكري الجزائري باغته وصوب إليه رشاشه وشرع في إطلاق النار عليه بشكل عشوائي» يؤكد شقيقه. المتحدث نفسه أكد أن العسكري الذي أطلق على شقيقه النار، كان في حالة هستيرية، وهو ما يفسر رغبته في تصفيته، عندما أطلق عليه ثلاث رصاصات أصابته شضايا واحدة على مستوى خده وأنفه، مما أدى إلى تهشيم ثلاثة من أسنانه، وجرح غائر في الخد والأنف سقط على أثره مغشيا على الأرض، لينقله بعد ذلك أفراد من عائلته صوب مقر الوقاية المدنية بالقرب من بناية الدرك الملكي ببني أدرار، حيث نقلته من هناك سيارة إسعاف إلى مستشفى الفارابي الذي خضع فيه لعمليتين جراحيتين لاستخراج شظايا الرصاصة التي أصابته. هذا، وعاش مستشفى الفارابي، مساء أمس، حالة من الاستنفار القصوى، بعد توافد المسؤولين المدنيين والأمنيين لمعاينة الضحية، على رأسهم والي الجهة محمد مهيدية، وعمر حجيرة، رئيس الجماعة الحضرية لمدينة وجدة، الذي أكد في تصريح ل»أخبار اليوم» عقب تفقده للضحية «هذه الأحداث التي تتكرر دائما على الشريط الحدودي، يجب أن تنتهي وعلى الحكومة المغربية أن تنقل هذه الوقائع إلى المنتظم الدولي والمنظمات الحقوقية الدولية»، يقول حجيرة، قبل أن يضيف «من جانبي سأطلب من مجلس أوروبا الذي أنا عضو فيه، بوضع موضوع احترام السلطات الجزائرية لحقوق الإنسان على الشريط الحدودي مع المغرب على جدول أعمال الدورة المقبلة، وسنستعرض تفاصيل هذا الحادث وحوادث أخرى في هذه الدورة». حسن عماري، الناشط الحقوقي لم يختلف كثيرا مع حجيرة، حيث أكد من جانبه أن حياة المغاربة على الشريط الحدودي خاصة الذين يعتمدون في عيشهم على الاقتصاد الحدودي «أصبحت مهددة»، وهو ما يفرض اتخاذ تدابير من جانب الحكومة المغربية لحفظ حياة مواطنيها، «خاصة وأن الجزائر سبق لها وأن أسقطت العشرات، بل المئات من المواطنين خلال السنوات الماضية بهذه الطريقة»، يضيف عماري. وإذا كانت غالبية الحوادث السابقة، قد مرت دون رد فعل رسمي يذكر، يبدو أن ردود الأفعال التي لحقت هذا الحادث لن تقف عند حدودها الرسمية، بل ستمتد إلى الاحتجاجات الشعبية. في هذا السياق كشف الناشط الجمعوي جيلالي أرناج، أنه يستعد رفقة عدد من نشطاء المجتمع المدني والفعاليات السياسية، لتنظيم مسيرة احتجاجية تنطلق من ساحة باب سيدي عبد الوهاب في اتجاه مقر القنصلية الجزائرية بالقرب من ثانوية عمر بن عبد العزيز للتعبير عن التنديد بالحادث والمطالبة بوقف مسلسل القتل الذي تنهجه الجزائر على الشريط الحدودي في حق المواطنين المغاربة.