عزمي بشارة يستدعي في محاضرته الأفكار التي طرحها في كتابه "المسألة العربية"، والذي يقول فيه أن "الإستبداد في منطقتنا سواء كان دينيا أو علمانيا يستند إلى الموروث الحضاري ذاته، ويستخدم الأدوات الحديثة نفسها في الحكم في الوقت ذاته" خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر السنوي الثاني في موضوع "الإسلاميون ونظام الحكم الديمقراطي" والتي حملت عنوان "مسائل المواطنة والدولة والأمة"، تحدث المفكر العربي عزمي بشارة عن أزمة الديمقراطية في الوطن العربي محاولا تفسير الأسباب التي تعيق أي ديمقراطية تحاول أن تنشأ في الدول العربية، حيث اعتبر الدكتور عزمي بشارة أن التفسير السياسي لغياب الديمقراطية في العالم العربي، الذي ينبني على أربع فرضيات، ينبغي إعادة النظر فيها. الفرضية الأولى تتمثل في أن الثقافة السياسية السائدة أساسها هو الإسلام وهو المتحكم فيها، أما الفرضية الثانية فتقول بأن الثقافة السياسية السائدة الدول الغربية هي العامل الحاسم في انعدام الديمقراطية، بينما تقول الفرضية الثالثة بأن الدين يلعب دورا أكبر من الإيديولوجيات الأخرى في صنع الثقافة السياسية، أما الفرضية الرابعة والأخيرة أن الأحزاب السياسية الإسلامية تيارات دينية قبل أن تكون أحزابا سياسية إيديولوجية مثل بقية الأحزاب الإيديولوجية، سواء على مستوى تمسكها بالفكرة أو تخليها عنها في الممارسة البراغماتية، كل هذه الفرضيات جاءت لكي تؤكد بأن الحضور القوي للدين وتكوينه للثقافة السياسية العربية هو السبب في غياب الديمقراطية، لكن عزمي بشارة أن هذه الفرضيات بات من اللازم إعادة النظر فيها والتعامل معها بحذر. عزمي بشارة يستدعي في محاضرته الأفكار التي طرحها في كتابه "المسألة العربية"، والذي يقول فيه أن "الإستبداد في منطقتنا سواء كان دينيا أو علمانيا يستند إلى الموروث الحضاري ذاته، ويستخدم الأدوات الحديثة نفسها في الحكم في الوقت ذاته"، وبالتالي فنحن أمام قولبة للحضارة الإسلامية بما يخدم الاستبداد وفقط أي هناك استغلال للدين في السياسية وبعد ذلك تأتي الإيديولويجية سواء كانت دينية أو علمانية, عزمي بشارة يقلل أيضا من شأن الثقافة السياسية التي أثبتت التجارب التي مر منها الوطن العربي خلال السنوات الماضية بأن ثقافة المجتمعات السياسية لم تكن عنصرا في إعاقة التحول الديمقراطي بل كانت عنصرا منفعلا، "لا سيما حين فضلت النخب المناهضة للتحول الديمقراطي سواء كانت نخبا على مستوى المنطقة أو على مستوى كل دولة على حدة، تعبئة الناس ضد الخصم لإفشاله على الحوار معه أو الاكتفاء بمعارضته سياسيا وهذا ينطبق على الأحزاب المتنافسة"، وهنا يشر الدكتور عزمي بشارة إلى الأحزاب التي رفضت الحوار بعد بداية ظهور نظام ديمقراطي في بعض الدول العربية، بل فضلت منطق الرفض لكل الدعوات وأصرت على منطق الإقصاء السياسي والتحريض الأمر الذي أدى في الأخير إلى وأد التجربة الديمقراطية الفتية، ففي خضم الثراع في مرحلة التحول قامت أوساط واسعة من النخب السياسية والإعلامية بتجهيل الناس بدلا من تنوريهم، وأقدمت على مخاطبة غرائزهم بدلا من عقولهم ولنا في الحالة المصرية وحالة الفوضى الإعلامية التي يعفرها هذا البلد، كما "لم تتورع وسائل الإعلام عن استخدام الكذب البواح إذا لزم لتجنيد الناس ضد التحول الديمقراطي"، هذه المعطيات يستعرضها عزمي بشارة لكي يؤكد على أن الثقافة الإسلامية أو النهل من الموروث الحضاري الإسلامي ليس هو العائق أمام التحول الديمقراطية بل هي الانقسامات التي يعرفها المجتمع العربي التي عبر عنها عزمي بشارة ب "نحن" و"هم" والتي تؤدي إلى شرخ مجتمعي مؤكدا على التعددية السياسية هي التعددية داخل "نحن الجامعة.